هول المجاعة في روسيا : الويلات المخفية التي حدثت عام 1921

12-08-2003 مقال، جريدة لو تون السويسرية

العنوان الأصلي : الإغاثة في زمن السلم- المجاعة في روسيا- مقال صحفي بقلم "فرنسيس هالر" نشر في جريدة"Le Temps"السويسرية بتاريخ 12 آب/ أغسطس 2003 ؛ يصف كيف ضم الصليب الأحمر قواه إلى قوى الحكومات في محاولة يائسة لإنقاذ ملايين الأرواح.

    اقرأ  المقال (بالفرنسية فقط)  

من أرشيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر 

  بحث صحفيون من جريدة "Le Temps" السويسرية في أرشيف اللجنة الدولية وحرروا سلسلة من خمس مقالات تتناول كل واحدة منها مرحلة حاسمة من التاريخ وتطور اللجنة الدولية نفسها. وتكشف المقالة الثانية في هذه السلسلة هول المجاعة في روسيا في عامي 1921 و1922 والإجراءات التي اتخذتها اللجنة الدولية للمساعدة على إنقاذ الملايين من الموت جوعاً.  
   
    عندما كانت اللجنة الدولية تتعلم كيف تحمي المدنيين ... (online)
   
    هول المجاعة في روسيا : الويلات المخفية التي حدثت عام 1921 (online)
   
   
استعمال غاز الخردل في إثيوبيا (1936).    
     
    في أعقاب المعارك القاتلة للحرب العالمية الأولى ، والثورات السياسية في روسيا وفي الأماكن الأخرى، وزحف الأمراض المتواصل في المجتمعات المحلية المنهكة، جاء التهديد بفقدان الطعام الذي عرَّض للخطر أرواح 32 مليوناً في روسيا، وأوكرانيا، وجورجيا .وفي العام 1921، وفي ذروة الفوضى السياسية التي تسببت في انهيار ما تبقى من خدمات صحية، شهدت المنطقة جفافاً مدمراً أدى إلى مجاعة عمت في كل مكان.    
 

آلاف من القرى غادرها سكانها البؤساء وراحوا يبحثون عن الطعام حيثما يأملون الحصول عليه.وبقوا على قيد الحياة بأكل العشب والتراب والحيوانات الأليفة.. وحتى اللحم البشري. وفي حزيران/يونيه 1921، أقر لينين بالمأساة الضخمة التي تلوح في الأفق، أما الكاتب الشهير " غوركي " فوجه نداء إلى العالم طالباً المساعدة. وأرسلت قيادة الصليب الأحمر السوفياتي رسالة إلى جنيف مشددة على إلحاحية الوضع.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتفاهم مع رابطة جمعيات الصليب الأحمر أصبحت الآن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر المكونة حديثاً قد أنشأت مؤخراً لجنة مشتركة من أجل تنسيق عمليات الإغاثة في زمن السلم. وفي آب/ أغسطس ، إدراكاً منها بأن الوضع سيتطلب موارد كبيرة، نجحت اللجنة في الدعوة إلى مؤتمر دولي شكل هيئة خاصة لإغاثة روسيا تحت إشراف الديبلوماسي النرويجي " فريديوف نانسن " .

وفي خلال أسبوعين، كان " نانسن " قد أبرم اتفاقاً مع السلطات السوفياتية بشأن توزيع المساعدات. وكان الاتفاق يمنح لجنة " نانسن " الحق في إدخال أي موظف تحتاجه ويضمن لها حرية التنقل والعمل. وفي إطار هذا النهج المنسق، كانت إدارة الإغاثة الأميركية واحدة من أولى المجموعات النشطة ونظمت برنامجاً غذائياً لصالح مليون طفل. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر كان قد وصل إلى المنطقة المتضررة نصف مليون حافلة محملة بالطعام والأدوية.

   

هذا وقام  " نانسن " ورئيس اللجنة الدولية " غوستاف أدور " بتوجيه نداء إلى عصبة الأمم للحصول على الدعم المالي. وفي اجتماع عقد في بروكسيل في 6 تشرين الأول/أكتوبر تعهدت بعض البلدان الأوروبية بتقديم المال فيما تردد البعض الآخر خشية من أن يفهم مثل هذا التضامن بأنه إشارة اعتراف بالنظام السوفياتي.. وبعد ما أحس " نانسن " بالخيبة من هذا التباطؤ والتردد، سافر إلى منطقة " الفولغا " بهدف جمع الانطباعات الأولية عن الكارثة وأعلن بعد عودته أن " 19 مليون شخص باتوا مهددين بالموت " إذا لم تقدم لهم الإغاثة اللازمة على الفور. وأسند أقواله بصور أخذها شخصياً تعرض مشاهد رهيبة يعجز اللسان عن وصفها.

 
   
قضية وفاء  

    إن الهبات المقدمة لدعم عملية الإغاثة تنصب من مصادر كثيرة _ ولكن جزءاً من المال يخصص أحياناً لمساعدة فئات معينة من الضحايا. فعندما بدأ المندوب "جورج ديسوناز" بفتح مطاعم الفقراء للأطفال، وجد أن بعض الأموال كانت تحمل علامة تشير إلى أنها مخصصة للأطفال اليهود. وقرر أن يستقبل في المطاعم، بأية حال، الأطفال من غير اليهود من أجل تجنيبهم الموت جوعاً.       
 

وانطلقت عملية الإغاثة وتعززت وبدأت تأتي بالنتائج خلال العام 1922 . ففي أيلول/سبتمبر استطاع " نانسن " التصريح بأن ملايين الأرواح قد أنقذت. ولكن بالنسبة إلى الناجين كان الواقع مروعاً - فقد أفاد مندوب من اللجنة الدولية " جورج ديسوناز " أنه رأى في حضانة للأطفال أولاداً لم يبق من أعقاب أقدامهم سوى العظم من شدة ما ضربوها وهم يصرخون متضورين من الجوع.

وكتب " ديسوناز " في ما بعد أن مئات الآلاف من الأطفال يبدون أشبه بالجثامين الحية وتابع بالقول " يبدو لي أن سبب قصورنا هو أن كل هذه الويلات تحدث في " مكان آخر " بعيداً جداً عنا. فبكاء الجائعين ونداءاتهم لا تصل إلى آذان الأوروبيين مع أن تلك الأصوات هنا... ولا يزال رنينها يملأ أذنيّ ... "

 
   
    أصبحت الآن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر    
    هذا المقال نقل بإذن من جريدة "Le Temps"، ولا يسمح بإعادة نقله تحت أي شكل من دون تصريح مسبق من الجريدة . إن محتوى المقال وأسلوب صياغته يعودان إلى جريدة "Le Temps"، ولا يعبران بالضرورة عن آراء اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي قدمت هذا الملخص باعتباره دليلاً إعلامياً للمقال.