الإنسانية: ما هي وكيف تؤثر على القانون الدولي ؟

31-12-2001 مقال، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد844، بقلم روبن كوبلاند

  روبن كوبلاند هو جراح ومنسق سابق للنشاطات الجراحية للجنة الدولية للصليب الأحمر. وهو يعمل الآن مستشارا للجنة الدولية للصليب الأحمر فيما يتعلق بالعنف المسلح وآثار الأسلحة.  

  هذه الدارسة أعدت كجزء من عمل الكاتب لنيل دبلوم التخرج في القانون الدولي من جامعة ملبورن باستراليا.  

     

يشير الناس إلى الإنسانية بطرق مختلفة, فيمكن أن تعني المخلوقات البشرية جميعا, وتحمل في نفس الوقت مضمون الإحسان والإيثار . ويشار إلى قانون الإنسانية والجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية في المعاهدات الدولية, كما يأتي ذكر الإنسانية لمصدر للقانون الدولي.  إن الإنسانية توحي بقوة روحية, ومن غير الواضح ما إذا كان هذا يحدد اللاإنسانية أو كيف يقوم بذلك.  وكثيرا ما ينظر إلى من يستخدمون كلمة " الإنسانية " وكلمة " إنساني " على أنهم يرقون بأنفسهم إلى مستويات روحية أعلى.  ولا يبدو واضحا ما إذا كانت الإنسانية قد اغتصبها البعض أو تم دمجها في مفاهيم معاصرة مثل حقوق الإنسان والتنمية والتدخل الإنساني وأمن البشر.

لقد شهدت المائة وخمسون عاما الأخيرة تقدما ملحوظا في جميع أوجه التواجد الإنساني, بدءا بتصنيع التكنولوجيا والتجارة والاتصالات, وحتى السياسية والرفاهية والأسلحة , وذلك على ذكر القليل (بالرغم أن الفائدة لم تعم الكل).  وفي نفس الوقت كانت هناك زيادة في سكان الكوكب في سياق عالم مقسم إلى أمم ودول.

ويشير ظهور تلك الظواهر في نفس الفترة الزمنية القصيرة للتاريخ الإنساني إلى الصلة بينهما.  ويقترح هنا أن الصلة تتمثل في القدرات المتطورة للبشر على صنع واستخدام الأسلحة, مع تقييد استخدامها في نفس الوقت.

إن قدرات المجتمعات على الدفاع عن أنفسها أو أخذ ما تريده من غيرها بالقوة, أتاحت لها وسائل التقدم .  فحجة كيجان بأن الأمم والدول نشأت من النزاعات المسلحة, حجة مقنعة.  ففي أي مجتمع أو دولة, قد يشمل في النهاية تنفيذ القانون والنظام بطريقة عادلة استخدام القوة المسلحة بواسطة أفراد معينين لحمل الأسلحة.  وبينما ندرك التقدم الحديث في وجود الإنسان, فإننا لا ندرك بسهولة أنه متصل اتصالا وثيقا بقدرة جماعات البشر على استخدام العنف المسلح داخل وخارج الجماعة. ونتيجة للتقدم الذي جاء ذكره أعلاه, أصبحت تكلفة تسوية الخلافات عن طريق النزاعات المسلحة تكلفة عالية, مما زاد من انضمام الدول إلى معاهدات لتفادي الحروب مع بعضها البعض.  وخلال تلك الفترة من التاريخ, تطور القانون الدولي الذي يحظر على الدول أن تقوم بالأعمال العدائية.  وهذه ليست مصادفة.