أفغانستان: عندما يتعلق الأمر بالمياه، لا تكون الإعاقة حائلاً

20-03-2014 تحقيقات

تسبب القتال في نزوح نحو 450 أسرة تضم أكثر من 1000 شخص من ذوي الإعاقة إلى قرية لم تكن بها مياه كافية للجميع. وقد تمكنوا من الحصول على المياه بفضل دعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطات المحلية.


رجال يستخدمون العكاكيز ببراعة لتخطي الأرض الصخرية. © ICRC / Jessica Barry

وفرت الكثير من تلك الأسر النازحة البالغ عددها 450 من القتال إلى منطقة سورخرود الواقعة على أطراف جلال آباد، شرق أفغانستان، عام 2004 واتخذت منها مأوى لها. وتضم تلك الأسر نحو 1000 شخص من ذوي الإعاقة، معظمهم مبتوري الأطراف. وبعد إبرام اتفاق مع السلطات المحلية، استقرت الأسر في قرية لا تتوفر بها سبل الحياة الكريمة. ويتذكر نجيب الله شيرزاد، رئيس مجلس شورى القرية وأحد ضحايا الألغام قائلاً: "كانت المنطقة أشبه بالصحراء عندما جئنا إليها في البداية".

تجمع الأطفال حول المضخات اليدوية المعدنية لملء صفائح المياه. 

منطقة سورخرود، جلال آباد، أفغانستان
تجمع الأطفال حول المضخات اليدوية المعدنية لملء صفائح المياه.
© ICRC / / CC BY-SA 2.0 / Jessica Barry

 

وكان مصدر المياه الوحيد المتوفر لتلبية جميع احتياجات المجتمع المحلي هو أحد الأنهار الملوثة.  ومن ثم فقد ساهمت كل أسرة بالقليل من المال لحفر بئر مياه. ولكن مرت السنين وازداد حجم المجتمع المحلي ولم تعد المياه كافية للجميع، كذلك أهمل البئر دون صيانة أو إصلاح. .

وقرر أهل القرية التوجه للجنة الدولية وطلب المساعدة في التغلب على مشكلة نقص المياه. وكان الكثير منهم مرضى يتلقون العلاج داخل أحد مراكز إعادة التأهيل البدني المجاورة التي تديرها اللجنة. .

ويقول السيد سيد شاه، مهندس اللجنة الدولية المعني بمشاريع المياه والسكن في منطقة جلال آباد: "بعدما اتصلوا بنا، طلبنا من مجلس الشورى إرسال اقتراح إلى اتحاد المعاقين الأفغان، أو ما يعرف الآن بمنظمة التنمية والقدرة". وعرضت منظمة التنمية والقدرة بدورها الاقتراح على إدارة سبل العيش التابعة للسلطة المحلية، وهو ما أضفى الصفة الرسمية على اقتراح مجلس الشورى بإصلاح البئر الموجود، وحفر أربعة آبار أخرى، وتركيب مضخات يدوية في جميع أنحاء القرية، وكل ذلك بدعم تقني ومالي من اللجنة الدولية.

جرت الموافقة على المشروع وبدأ العمل في آذار/مارس 2013 حيث وفر أفراد المجتمع المحلي العمالة اللازمة. وجرى تعيين أمين مستودع وعدد من الحراس للحفاظ على المعدات وقطع الغيار. وتولى مجلس الشورى مسؤولية تركيب المضخات اليدوية في مواقع عامة يسهل الوصول إليها. ودربت اللجنة الدولية اثنين من أهل القرية على صيانة وإصلاح المضخات والآبار. وانتهى العمل بحلول نهاية العام.

حفر قنوات لتصريف المياه على جانبي الطرق الوعرة. 

منطقة سورخرود، جلال آباد، أفغانستان
حفر قنوات لتصريف المياه على جانبي الطرق الوعرة.
/ CC BY-SA 2.0 /Jessica Barry


وقام مؤخرًا نجيب الله شيرزاد ومعه أعضاء آخرون بمجلس الشوري ذات مساء بجولة في سورخرود برفقة أربعة زوار يعملون باللجنة الدولية لإطلاعهم على البرنامج بعد الانتهاء منه. وكان الرجال والفتيان يقومون بحفر قنوات لتصريف المياه على جانبي الطرق الوعرة التي تمر بين المنازل كجزء من المشروع الجديد. وفي أماكن أخرى، تجمع الأطفال حول المضخات اليدوية المعدنية رمادية اللون لملء صفائح مياه صفراء اللون. وفي أحد الشوارع الجانبية كان السكان يخلطون الخرسانة ويصلحون منازلهم. كنا نسير على مهل وراء أعضاء مجلس الشورى ورأينا رجالاً يستخدمون العكاكيز ببراعة لتخطي الأرض الصخرية وهو ما يعكس العزيمة والقوة التي دفعت هذا المجتمع المحلي على مدار أعوام لتحويل هذه الأرض الترابية المحيطة به إلى منطقة سكنية بها مياه نظيفة وبساتين من أشجار الزيتون وحقول خضراء ومسجد ومدرسة.  

وقال نجيب الله عقب وصولنا إلى تقاطع أربعة طرق صخرية: "نحن الآن في قلب القرية. فلنذهب لنرى شيئًا آخر نحتاج مساعدة اللجنة الدولية فيه". وبدأ هو ورفاقه صعود التل.

وأشار نجيب الله عندما وصلنا إلى نهاية القرية بينما ينظر إلى سهل يكسوه الغبار ويمتد لعدة أميال: "انظروا إلى الأسفل. لقد جرفت الفيضانات عددًا من المنازل في هذه المنطقة العام الماضي، ونحن بحاجة لمساعدتكم من أجل بناء جدار يحجز المياه".

 

كانت الحاجات واضحة ولكن لم تقطع أي وعود. وسيتطلب الأمر تقديم اقتراح والحصول على موافقة السلطات قبل أي شيء.

ووراء جدران المساكن المصنوعة من القرميد، كانت النساء لديهن شواغل ملحة أكثر من الجدار الذي سيحجز مياه الفيضان. وعلقت أم لثمانية أبناء بدا في صوتها بعض القلق وهى تدور بعينيها حول ساحة تكاد تكون فارغة، بينما تجلس على سجادة وترضع صغيرها قائلة: " نحن نفتقر إلى كل شيء كما ترون. فليس لدينا أي مرافق هنا، ونحصل على المياه من خلال مضخة يدوية في الشارع بالخارج". ورغم ذلك فقد أقرت بأن المياه التي تستخدمها اليوم أنظف كثيرًا من المياه التي كانت تجلبها هي وبناتها من النهر في السابق.

انتهت الجولة داخل القرية، واستعد الزوار للمغادرة وهم مبهورين بجهود سكان المجتمع المحلي الذين يواجه الكثير منهم تحديات بدنية هائلة. وود نجيب الله، رئيس مجلس الشورى، أن يشدد في كلمة أخيرة قبل المغادرة قائلاً: "لا تنسوا أن تسألوا عن الجدار الحاجز، يمكن أن نقوم بالعمل بأنفسنا ولكن نحتاج دعمكم".