القانون الدولي الإنساني والإرهاب: أسئلة وأجوبة

01-01-2011 الأسئلة الشائعة

ماذا يقول القانون الدولي الإنساني عن الإرهاب؟- هل يشير القانون الدولي الإنساني إلى الإرهاب تحديدا؟ - هل تصل بعض الجوانب الخاصة بمكافحة الإرهاب إلى مستوى النزاع المسلح "عبر الحدود الوطنية" ؟ - ما القانون المطبق على الأشخاص المحتجزين في إطار مكافحة الإرهاب؟ - ما هو دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر فيما يتعلق بالأشخاص المحتجزين في إطار مكافحة الإرهاب؟

ما هو موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الإرهاب؟

تدين اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشدة أعمال العنف العشوائية التي تنشر الرعب بين المدنيين. وقد عبرت عن إدانتها لهذه الأعمال في مناسبات عديدة منها بعد اعتداءات 11 أيلول /سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.

(تنويه: تهدف الوثيقة التالية لتقديم معلومات فقط ولا تعرض الموقف المؤسسي الشامل للجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن المسائل المثارة. انظر 

القانون الدولي الإنساني وتحديات النزاعات المسلحة المعاصرة- باللغة الإنجليزية-، تقرير أعدته اللجنة الدولية للمؤتمر الدولي الـ28 للصليب الأحمر والهلال الأحمر، جنيف، 2-6 ديسمبر /كانون الأول 2003)

ماذا يقول القانون الدولي الإنساني عن الإرهاب؟

إن القانون الدولي الإنساني هو فرع من فروع القانون الدولي المعمول به عندما تصل أعمال العنف إلى مستوى النزاع المسلح، سواء كان دوليا أو غير دولي. وإذا كانت أشهر معاهدات القانون الدولي

 الإنساني هي اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977، هناك مجموعة من معاهدات القانون الدولي الإنساني الأخرى تهدف إلى الحد من المعاناة الإنسانية في أوقات الحرب مثل اتفاقية أوتاوا لعام 1997 بشأن الألغام الأرضية على سبيل المثال. وفي بعض الأحيان، لا يشتمل القانون الدولي الإنساني، الذي يسمى أيضا بقانون النزاعات المسلحة أو قانون الحرب – على تعريف للإرهاب، لكنه يحظر معظم الأعمال التي ترتكب أثناء  النزاعات المسلحة وتعتبر "إرهابية" إذا ارتكبت في زمن السلم.

إن وجوب تمييز أطراف النزاع في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية هو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي الإنساني. ومن المعروف أن "مبدأ التمييز"، يعد حجر الزاوية للقانون الدولي الإنساني. وتوجد العديد من قواعد القانون الدولي الإنساني المحددة مستمدة من هذا المبدأ وتهدف إلى حماية المدنيين، مثل حظر الهجمات المتعمدة أو المباشرة ضد المدنيين والأهداف المدنية، وحظر الهجمات العشوائية أو استخدام "الدروع البشرية". كما يحظر القانون الدولي الإنساني احتجاز الرهائن.

وفي حالات النزاع المسلح، ليس هناك أي دلالة قانونية في وصف أعمال العنف المتعمدة ضد المدنيين أو الأهداف المدنية بأنها أعمال "إرهابية" لأن مثل هذه الأعمال من شأنها أن تشكل بالفعل جرائم حرب. ووفقا لمبدأ الولاية القضائية العالمية، من الممكن محاكمة المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب محاكمة جنائية، ليس فقط من جانب الدولة التي وقعت الجريمة فيها، ولكن من جانب جميع الدول.

انظر: قاعدة بيانات المعاهدات التي تتضمن 100 معاهدة خاصة بالقانون الدولي الإنساني، اتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكولات المضافة لها وقائمة محدثة للتوقيعات والتصديقات.

هل يشير القانون الدولي الإنساني إلى الإرهاب تحديدا؟

نعم، يشير القانون الدولي الإنساني على وجه التحديد ويحظر "التدابير الإرهابية " أو "الأعمال الإرهابية". وتنص اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 33) على أنه "تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب"،  في حين يحظر البروتوكول الإضافي الثاني (المادة 4) "أعمال الإرهاب" ضد الأشخاص الذين يشتركون بصورة مباشرة أو الذين يكفون عن الاشتراك في  الأعمال العدائية. والهدف الرئيسي هو التأكيد على وجوب عدم تعريض الأفراد أو السكان المدنيين للخضوع لعقوبات جماعية، والتي تفضي، من بين أمور أخرى، إلى وجود حالة من الرعب.

ووفقا للبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف، تحظر الأفعال التي تهدف أيضا إلى نشر الرعب بين السكان المدنيين. "لا يجوز أن يكون السكان المدنيون بوصفهم هذا وكذا الأشخاص المدنيون محلاً للهجوم. وتحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين" (المادة 51 من البروتوكول الأول، الفقرة2 من المادة 13 في البروتوكول الثاني).  

وتشكل هذه الأحكام عنصرا أساسيا من قواعد القانون الدولي الإنساني التي تنظم سير العمليات العدائية، أي الطريقة التي يجري بها تنفيذ العمليات العسكرية. كما تحظر أعمال العنف أثناء النزاعات المسلحة التي لا توفر ميزة عسكرية ملموسة. ومن المهم مراعاة  أنه حتى الهجوم على أهداف عسكرية مشروعة يمكن أن ينشر الخوف في صفوف المدنيين. ومع ذلك، تُحرم هذه الأحكام الهجمات التي تهدف إلى ترويع المدنيين على وجه التحديد، على سبيل المثال حملات القصف أو القنص للمدنيين في المناطق الحضرية.

هل تصل بعض الجوانب الخاصة بمكافحة الإرهاب إلى مستوى النزاع المسلح "عبر الحدود الوطنية "؟

كما سبق ذكره، لا يطبق القانون الدولي الإنساني إلا في حالات النزاعات المسلحة. والعنصر المحوري في مفهوم النزاع المسلح هو وجود "أطراف" النزاع. فالأطراف في نزاع  مسلح دولي تكون دولتين أو أكثر (أو دول وحركات التحرير الوطني)، في حين تكون الأطراف في النزاع المسلح غير الدولي إما دول وجماعات مسلحة - على سبيل المثال، القوات المتمردة أو الجماعات المسلحة فقط. وفي كلتا الحالتين ، يكون للطرف في أي نزاع مسلح تشكيل شبه عسكري مع مستوى معين من التنظيم وهيكل قيادة، وبالتالي القدرة على احترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه.

تطبق قواعد القانون الدولي الإنساني بالمثل على جميع الأطراف في أي نزاع مسلح. ولا يهم ما إذا كان الطرف المعني هو المعتدي أو يتصرف من قبيل الدفاع عن النفس. أيضا، لا يهم إذا كان الطرف المعني دولة أو مجموعة متمردة. وعليه، يجوز لكل طرف في أي نزاع مسلح الهجوم على أهداف عسكرية ولكن تُحظر الهجمات المباشرة ضد المدنيين.

وبموجب القانون الدولي الإنساني، تسمح المساواة في الحقوق والالتزامات لجميع أطراف النزاع بمعرفة القواعد المسموح بالعمل في إطارها والاعتماد على أن الجانب الآخر يتصرف أيضا في ضوئها. فوجود ما لا يقل عن اثنين من الأطراف في أي نزاع مسلح والمساواة الأساسية فيما بينهما بموجب القانون الدولي الإنساني، فضلا عن شدة العنف والوسائل المستخدمة هو ما يميز بين الحرب وأعمال إنفاذ القانون.

وصلت بعض الجوانب المحددة للحرب على الإرهاب التي شنت إثر الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 لدرجة النزاع المسلح كما هو معرف في القانون الدولي الإنساني. إن الحرب التي شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان والتي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2001 هي مثال على ذلك. وتنطبق اتفاقيات جنيف لعام 1949 وقواعد القانون الدولي العرفي تماما على هذا النزاع المسلح الدولي، الذي شارك فيه التحالف بقيادة الولايات المتحدة، على جانب، وأفغانستان، على الجانب الآخر.

ومع ذلك، فإن الكثير من أعمال العنف المستمر التي تقع في أجزاء أخرى من العالم وتوصف عادة بأنها "إرهابية" وترتكبها جماعات منظمة تنظيما غير متماسك تماما (شبكات)، أو أفراد يتقاسمون في أحسن الأحوال، فكرا أيديولوجيا مشتركا. وفي إطار ما يتوفر حاليا من أدلة على أرض الواقع، من المشكوك فيه أنه بالإمكان وصف هذه المجموعات والشبكات بأنها طرف في أي شكل من أشكال النزاع المسلح بما في ذلك من يجري "عبر الحدود الوطنية".

حتى لو كان القانون الإنساني الدولي لا ينطبق على مثل هذه الأعمال، فهي ما تزال تخضع للقانون. وبصرف النظر عن دوافع مرتكبيها، ينبغي معالجة الأعمال الإرهابية التي ترتكب خارج النزاع المسلح بواسطة إنفاذ القانون المحلي أو الدولي، ولكن ليس من خلال تطبيق قوانين الحرب.

ولا تصل معظم التدابير التي تتخذها الدول لمنع الأعمال الإرهابية أو قمعها إلى حد النزاع المسلح. فبعض التدابير مثل جمع المعلومات الاستخباري والتعاون بين أجهزة الشرطة والقضاء، وتسليم المجرمين، والعقوبات الجنائية، والتحقيقات المالية، وتجميد الأصول أو الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على الدول المتهمة بمساعدة إرهابيين مشتبه بهم، لا تعتبر عادة أعمال حرب.

ويعد"الإرهاب" ظاهرة. فعلى المستويين العملي والقانوني، ليس من الممكن شن حرب ضد ظاهرة، ولكن فقط ضد طرف محدد المعالم في نزاع مسلح. ولكل هذه الأسباب، فإنه سيكون من الأنسب الحديث عن "مكافحة الإرهاب " متعددة الأوجه بدلا من "الحرب على الإرهاب".

ما القانون المطبق على الأشخاص المحتجزين في إطار مكافحة الإرهاب؟

إن الدول ملزمة بالدفاع عن مواطنيها ضد الهجمات الإرهابية وتتمتع بحق القيام بذلك. وقد يشمل ذلك اعتقال واحتجاز الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم إرهابية. ومع ذلك، يجب أن يتم هذا وفقا لإطار قانوني وطني أو دولي محدد بوضوح.

ويتمتع الأشخاص الذين يجري احتجازهم لأسباب تتعلق بنزاع مسلح دولي بين دولتين أو أكثر كجزء من الحرب ضد الإرهاب -  كما هي الحال في أفغانستان حتى تشكيل الحكومة الجديدة في يونيو/حزيران 2002 – بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني المطبق في النزاعات المسلحة الدولية.

يجب أن يتم منح المقاتلين الأسرى وضع أسير الحرب، ويجوز احتجازهم حتى نهاية الأعمال العدائية الفعلية الدائرة في إطار النزاع  المسلح الدولي المعني. ولا يمكن محاكمة أسرى الحرب لمجرد

المشاركة في الأعمال العدائية، ولكن يجوز محاكمتهم لأي جرائم حرب قد قاموا بارتكابها. ويجوز في هذه الحالة احتجازهم حتى انقضاء الوقت المحدد لإتمام العقوبة المفروضة عليهم. إذا كان هناك شك في مركز الأسير الذي يحصل عليه السجين، فإن اتفاقية جنيف الثالثة تنص على أنه ينبغي تشكيل محكمة للبت في الأمر.

ينبغي كفالة الحماية للمدنيين المحتجزين لأسباب أمنية وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة. وبالنسبة للمقاتلين الذين لا يستوفون الشروط  المطلوبة للحصول على مركز أسير الحرب (الذين لا يحملون السلاح علنا على سبيل المثال) أو المدنيين الذين شاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية لنزاع مسلح دولي (ويطلق عليهم "المقاتلين غير الشرعيين/غير المرخّصين")، فهم يتمتعون بالحماية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة ويعتبرون من رعايا دولة العدو.

وخلافا لأسرى الحرب، يجوز محاكمة هؤلاء الأشخاص بموجب القانون الداخلي للدولة الحاجزة لحملهم السلاح، فضلا عن أي أعمال إجرامية يكونون قد ارتكبوها. ومن الممكن سجنهم حتى انقضاء أي عقوبة مفروضة.

وبالنسبة للأشخاص المحتجزين لأسباب تتعلق بنزاع مسلح غير دولي شُن كجزء من الحرب ضد الإرهاب- كما هي الحال بالنسبة لأفغانستان منذ يونيو/حزيران 2002 – فهم يتمتعون بالحماية بموجب المادة 3 المشتركة في ما بين اتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي الإنساني العرفي ذات الصلة.  كما تطبق عليهم أيضا قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون المحلي. وفي حال محاكمتهم لأي جرائم يكونون قد ارتكبوها، يحق لهم الحصول على ضمانات من أجل محاكمة عادلة يكفلها القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

يتمتع جميع الأشخاص المحتجزين خارج النزاع المسلح في إطار مكافحة الإرهاب بالحماية بموجب القانون الداخلي للدولة التي تحتجزهم والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وإذا جرت محاكمتهم في أي جرائم يكونون قد ارتكبوها، فهم يتمتعون بالحماية بموجب حصولهم على الحق في محاكمة عادلة الذي كفلته لهم هذه القوانين.

ومن المهم معرفة أنه لا ينبغي اعتبار أي شخص يلقى القبض عليه في إطار مكافحة الإرهاب شخصا خارجا على القانون. لا توجد "ثغرة معتمة" فيما يتعلق بالحماية القانونية.

ما هو دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر فيما يتعلق بالأشخاص المحتجزين في إطار مكافحة الإرهاب؟

تنص اتفاقيات جنيف على ضرورة السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول إلى الأشخاص المحتجزين لأسباب تتعلق بنزاع مسلح دولي، سواء كانوا أسرى حرب أو أشخاصا محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
 
ففي هذا السياق، ظلت اللجنة الدولية تواظب على زيارة عدد من الأشخاص المحتجزين، على سبيل المثال، لأسباب تتصل بالنزاع المسلح الدولي في أفغانستان، سواء في أفغانستان أو في قاعدة البحرية

 الأمريكية في خليج غوانتانامو بكوبا. وقد دعت اللجنة الدولية مرارا وتكرارا لتحديد المركز القانوني بدقة لكل فرد محتجز في خليج غوانتانامو، فضلا عن تحديد الإطار القانوني المنطبق على جميع الأشخاص المحتجزين لدى السلطات الأمريكية في إطار مكافحة الإرهاب.

إذا كانت مكافحة الإرهاب تأخذ شكل نزاع مسلح غير دولي، فيمكن للجنة الدولية تقديم خدماتها الإنسانية إلى أطراف النزاع وتحظى بحق الوصول إلى الأشخاص المحتجزين بموافقة السلطات المعنية.

وخارج حالات النزاع المسلح، فإن للجنة الدولية حق المبادرة الإنسانية بموجب النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر. وهكذا، تزور اللجنة الدولية بشكل منتظم العديد من الأشخاص المحتجزين في وقت السلم لأسباب أمنية.

وتتضمن بعض الاتفاقيات الدولية القائمة بشأن الإرهاب أحكاما محددة تنص على إمكانية قيام الدول بالسماح للجنة الدولية بالوصول إلى الأشخاص المحتجزين للاشتباه في ضلوعهم في أنشطة إرهابية.

وتسلم هذه الأحكام، فضلا عن تلك الواردة في المعاهدات الخاصة بالقانون الدولي الإنساني وفي النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر،  بالدور الفريد الذي تقوم به اللجنة الدولية على أساس المبدأين اللذين تقتدي بهما، وهما الحياد وعدم التحيز.