القوات متعددة الجنسيات

15-04-2010 نظرة عامة

مع مرور السنوات اتسع نطاق عمليات القوات متعددة الجنسيات التي تخضع معظم الأحيان لولاية الأمم المتحدة لغرض إنفاذ السلام أو حفظه. ومع تعدد جوانب تلك العمليات من حيث طبيعتها وظهور مفهوم المهام المتكاملة وتزايد صعوبة وعنف البيئات التي تعمل فيها أكثر من أي وقت مضى، برزت حاجة ماسة إلى تحديد الإطار القانوني الذي يمكن تطبيقه على تلك الحالات.

من المحتمل أن تؤدي الأوضاع الخطيرة وغير المستقرة التي تعمل فيها القوات المشاركة في عمليات حفظ السلام إلى لجوء هذه القوات إلى استخدام القوة. وهذا ما يزيد من مسألة تطبيق القانون الدولي الإنساني في هذه البيئة تعقيداً.

أهمية تطبيق القانون الدولي الإنساني

ترى اللجنة الدولية أن القوات متعددة الجنسيات ملزمة باحترام القانون الدولي الإنساني عندما تكون شروط تطبيقه مستوفاة. ومن الضروري ألا تحدد طبيعة الوضع الذي تعمل فيه القوات متعددة الجنسيات والتقييم الذي يلازم انطباق القانون الدولي الإنساني إلا على أساس الوقائع الميدانية، وذلك بغض النظر عن الولاية الرسمية التي يسندها مجلس الأمن إلى عمليات حفظ السلام، وبغض النظر عن التسمية المعطاة إلى الأطراف التي قد تتعارض مع قوات حفظ السلام. وتدخل ولاية المهمة المسندة إلى قوات حفظ السلام ومشروعيتها ضمن المسائل المتعلقة بقانون الحرب ولا تمت بأي صلة إلى انطباق القانون الدولي الإنساني على تلك العمليات.

قانون الاحتلال

ينطبق أيضاً قانون الاحتلال على عمليات القوات متعددة الجنسيات، لا سيما على العمليات التي تقودها الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن مسألة تطبيق القانون الدولي الإنساني قد تبدو نوعاً من المحرمات من منظور المنظمات الدولية المعنية وبعض الدول المساهمة بقواتها، يجب عدم تجاهل قانون الاحتلال ببساطة، بل احترام الحقوق والالتزامات والحماية المستمدة منه عند استيفاء الشروط اللازمة. ومن شأن هذه المجموعة من القوانين التي برهنت عن جدواها في الماضي أن توفر بعض الإرشادات العملية، لا سيما في ما يتعلق بالحالات التي تستخدم فيها القوات متعددة الجنسيات سلطات إدارية و/ أو تشريعية موسعة أو تكون مجبرة على أداء بعض المهام التي تضطلع بها السلطات الوطنية عادةً.

أنشطة الاحتجاز

تتميز العمليات متعددة الجنسيات اليوم بمشاركة متكررة لقواتها المسلحة في احتجاز الأفراد. ومن التحديات الرئيسية التي تواجهها القوات متعددة الجنسيات في ما يتعلق بالاحتجاز هي ضمان وفائها بالتزاماتها الدولية – المستمدة أساساً من القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان - عند التعامل مع المحتجزين. وتتضمن هذه الالتزامات القواعد التي تنطبق على نقل المحتجزين إلى السلطات المحلية أو إلى الدول الأخرى المساهمة بقواتها. ومن التحديات الرئيسية المطروحة الآن تحديد كيفية وضع معايير مشتركة تعكس على نحو ملائم الالتزامات القانونية المنصوص عليها بدقة في القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وتشمل هذه الالتزامات خصوصاً مجموعة هامة من الضمانات الإجرائية بالنسبة إلى الاحتجاز الإداري، ومبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يحظر على أي دولة نقل أي شخص إلى دولة أخرى في حال وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض إلى خطر انتهاك حقوقه الأساسية، لا سيما إلى التعذيب أو أشكال سوء المعاملة الأخرى أو الاضطهاد أو الحرمان التعسفي من الحياة.

نشر القانون الدولي الإنساني

ترى اللجنة الدولية أن من المهم جداً أن تكون القوات متعددة الجنسيات ملمة إلماماً كاملاً بقواعد القانون الدولي الإنساني وبمجموعات القوانين الأخرى ذات الصلة، مثل قانون حقوق الإنسان والتقيد بها على نحو صارم، نظراً إلى مشاركتها في غالب الأحيان في الأعمال العدائية وعمليات إنفاذ القانون. وتبقى اللجنة الدولية على اقتناع بأن التدريب الجيد على القانون الدولي الإنساني يكتسي ميزة وقائية ويوفر فوائد عملية ملحوظة بالنسبة إلى عمليات حفظ السلام.

حماية قوات حفظ السلام

خلفت النزاعات المسلحة عدداً كبيرا من القتلى في صفوف العاملين في عمليات حفظ السلام. ومثلما يبدو من جرائم الحرب كما جاءت معرفة في نظام روما الأساسي لعام 1998 للمحكمة الجنائية الدولية، ينص القانون الدولي الإنساني على حظر واضح للهجمات المرتكبة ضد الأفراد المشاركين في بعثة حفظ السلام وممتلكاتها المادية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ما دام يحق لهم التمتع بالحماية الممنوحة للمدنيين والأهداف المدنية بموجب القانون الدولي الإنساني. ويندرج هذا الحظر في إطار القانون العرفي، ويكون احترامه بالتالي ملزماً لجميع أطراف النزاع المسلح. وعليه، لا يمكن القول إن حماية العاملين في عملية حفظ السلام في النزاعات المسلحة تعاني من فراغ قانوني في إطار القانون الدولي الإنساني.

نهج العمل الإنساني المحايد والمستقل

من المهم أن نؤكد في الأخير على ضرورة الحفاظ على جوهر العمل الإنساني المحايد والمستقل. وقد أعارت اللجنة الدولية على مر السنين اهتماماً بالغاً لمسألة العلاقة بين الأنشطة الإنسانية، من جهة، والعمل السياسي أو العسكري، من جهة أخرى. وتعتقد اللجنة الدولية اعتقاداً راسخاً بضرورة إبقاء الفصل بين هذه الأنشطة والحفاظ على تميزها لأن الخلط بينها قد يؤدي إلى غموض مناوئ للعمل الإنساني وسلامة العاملين في المجال الإنساني. ولهذا السبب بالذات، ترى اللجنة الدولية أن من الضروري تصميم العمليات السياسية أو العسكرية، بما فيها العمليات التي تنفذ تحت رعاية الأمم المتحدة، على نحو لا يقوّض حياد العمليات الإنسانية وطابعها غير المتحيز

الصور

 

© Reuters