ما هو الفرق بين القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان؟

01-01-2004

من كتاب القانون الدولي الإنساني: إجابات على أسئلتكم

هناك تكامل بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان (الذي يشار إليه فيما بعد بحقوق الإنسان). فكلاهما يسعى إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم، وإن كان ذلك من زاوية مختلفة.

فالقانون الإنساني ينطبق في أوضاع النزاع المسلح (السؤال7). على حين تحمي حقوق الإنسان، أو على الأقل بعضها، الفرد في جميع الأوقات، في الحرب والسلم على السواء. بيد أن بعض معاهدات حقوق الإنسان تجيز للحكومات أن تنقض بعض الحقوق في حالات الطوارئ العامة، بينما لا يسمح القانون الدولي الإنساني بأي نقض لأنه صمم أصلا لينطبق في حالات طوارئ وهي النزاعات المسلحة.

والقانون الإنساني يهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو يتوقفون عن المشاركة في الأعمال العدائية. وتفرض القواعد الواردة فيه واجبات على جميع أطراف النزاع. أما حقوق الإنسان، التي صممت لوقت السلم من الدرجة الأولى، فهي تنطبق على الجميع. وهدفها الرئيسي هو حماية الأفراد من السلوك التعسفي من جانب حكوماتهم، ولا يتعامل قانون حقوق الإنسان مع أسلوب تسيير الأعمال العدائية.

ويقع واجب تنفيذ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان أولاً وقبل كل شئ على الدول فالقانون الإنساني يلزم الدول باتخاذ تدابير عملية وقانونية، من قبيل سن تشريعات جزائية ونشر القانون الدولي الإنساني. وبالمثل، تلتزم الدول بناء على قانون حقوق الإنسان بمواءمة قانونها الوطني ليتوافق مع الالتزامات الدولية. ويوفر القانون الدولي الإنساني عدة آليات محددة تساعد في تنفيذه. والدول مطالبة على وجه الخصوص بكفالة احترام الدول الأخرى أيضاً للقانون الإنساني. كما أن هناك أحكاماً عن إجراءات للتحقيق، وآلية الدولة الحامية، واللجنة الدولية لتقصي الحقائق. وفضلاً عن ذلك، يوكل إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور أساسي في تأمين احترام القواعد الإنسانية.

وتتسم آليات تنفيذ حقوق الإنسان بالتعقيد وتتضمن، على خلاف القانون الدولي الإنسانين نظاماً إقليمياً. وتقوم هيئات إشرافية، من قبيل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إما على ميثاق الأمم المتحدة أو أحكام ترد في معاهدات محددة (على سبيل المثال، لجنة حقوق الإنسان المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة لعام 1966). وقد أنشأت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيئاتها الفرعية آليه "المقررين الخاصين" والأفرقة العاملة، الذين تتمثل مهمتهم في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان والإبلاغ عنها، سواء حسب البلدان أو المواضيع. وتنص ست معاهدات لحقوق الإنسان الرئيسية أيضاً على إنشاء لجان (مثل لجنة حقوق الإنسان) تتألف من خبراء مستقلين مكلفين بمراقبة تنفيذ تلك المعاهدات. كما تنشئ بعض المعاهدات الإقليمية (الأوربية والأمريكية) محاكم لحقوق الإنسان. وتؤدي مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دوراً رئيسياً في حماية وتعزيز حقوق الإنسان. ويتمثل دورها في تعزيز فعالية أجهزة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وزيادة القدرة الوطنية والإقليمية والدولية على تعزيز وحماية حقوق الإنسان ونشر مواثيق حقوق الإنسان والمعلومات المتعلقة بها.

صكوك حقوق الإنسان:

تشمل الصكوك العديدة السارية الآن:
أ‌) الصكوك العالمية:

  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948
  • اتفاقية 1948 لمنع جريمة إبادة الأجناس والمعاقبة عليها
  • العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966
  • العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية لعام 1966
  • اتفاقية القضاء على دجميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1981
  • اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984
  • اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989

ب‌) الصكوك الإقليمية:

  • الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950
  • الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969
  • الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981

 

"الجوهر الثابت"

تتضمن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان بنوداً تبيح للدول لدى مواجهتها لخطر عام جسيم أن توقف العمل بالحقوق الواردة في هذه الصكوك، باستثناء حقوق أساسية معينة، مبينة في كل معاهدة، يجب احترامها في جميع الأحوال ولا يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة. وتشمل هذه الحقوق بصفة خاصة، الحق في الحياة وحظر التعذيب والعقوبات والمعاملة اللاإنسانية، وخظر العبودية والاسترقاق، ومبدأ الشرعية وعدم رجعية القانون. ويطلق اسم "الجوهر الثابت" لحقوق الإنسان على هذه الحقوق الأساسية، التي تلتزم الدول باحترامها في جميع الأحوال- حتى في أوقات النزاع أو الاضطرابات.

نقاط الالتقاء

لما كان القانون الإنساني ينطبق على وجه التحديد في الأوضاع الاستثنائية التي تشكل النزاعات المسلحة، فإن مضمون حقوق الإنسان التي يتعين على الدول الالتزام بها في جميع الأحوال (أي "الجوهر الثابت") يتفق إلى حد بعيد مع الضمانات الأساسية والقانونية التي يكفلها القانون الإنساني، ومنها على سبيل المثال حظر التعذيب والإعدام بدون محاكمة. (انظر ص21، والمادة 75 من البروتوكول الأول، والمادة 6 من البروتوكول الثاني).