نشاطات اللجنة الدولية للصليب الأحمر المتصلة بالنزوح الداخلي - المجلس الاقتصادي والاجتماعي – قطاع الشؤون الإنسانية

19-07-2000 تصريح

" تعزيز تنسيق رد الفعل الإنساني ودور التكنولوجيا في تخفيف آثار الكوارث الطبيعية والطوارئ الإنسانية الأخرى, بما فيها النزاعات, مع إشارة خاصة إلى نزوح السكان نتيجة لذلك " .

       

أولاً-  مقدمة

يعد نزوح السكان داخل حدود بلادهم مشكلة إنسانية بالغة الأهمية بالنسبة لكل من الدولة المعنية مباشرة والمجتمع الدولي ككل. وبالرغم من اشتراك النازحين داخلياً في الحاجة أساساً للأمن والكرامة والدخل, فإن الظروف التي يعيشون فيها ربما تختلف تماماً. وهذا يدعو إلى اتخاذ تدابير ملائمة ومراعاة المشاكل الخاصة التي ينبغي مواجهتها في كل حالة.

وقد حددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر موقفها فيما يخص هذه المسألة في وقت مبكر من هذا العام في ورقة عنوانها " الأشخاص النازحون داخليا: اختصاص ودور اللجنة الدولية للصليب الأحمر " . وتهدف هذه الوثيقة إلى تقديم وصف موجز لدور اللجنة الدولية في ردها الإنساني العام لمشكلة النزوح الداخلي. وهي تؤكد سبل التعاون بين اللجنة الدولية والسلطات والمنظمات الإنسانية المختلفة, بما فيها تلك التي تنتمي إلى منظومة الأمم المتحدة. كما أنها تحاول الإسهام في الحوار الحالي عن طريق طرح آراء بصدد بعض القضايا ذات الصلة. ومن أجل توضيح مدى وطبيعة عمل اللجنة الدولية في هذا المجال, تلقي هذه الوثيقة نظرة مقتضبة على النشاطات الميدانية للمنظمة في خمس دول, وتقدم نظرة عامة عن نشاطها نيابة عن الأشخاص النازحين في 36 ميداناً.

   

ثانياً- رأي اللجنة الدولية للصليب الأحمر فيما يختص بقضايا خاصة مرتبطة بالنزوح الداخلي

تؤمن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن المبادئ التي ترشد العمل الإنساني لا بد لها أن تراعي وجهة نظر الضحايا. ويشير هذا المنهج بالخصوص إلى أنه لا ينبغي ترك أية ضحية دون رعاية, وإلى أنه ينبغي أن يتلقى الجميع الحماية والمساعدة بما يتفق واحتياجاتهم.

وتعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأشخاص الذين شردتهم النزاعات المسلحة أول وأهم المدنيين الذين, والحال على ما هو عليه, يحميهم القانون الدولي الإنساني. هذا القانون الذي يعد ملزما شرعا لكل من المشاركين من الدول وغير الدول, يتناول غالبية المشاكل المتصلة بالنزوح الداخلي في زمن النزاعات المسلحة.

وعند تطبيق برنامج نيابة عن السكان المدنيين, تسعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر دائماً إلى تعريف الجماعات الضعيفة على وجه الخصوص. لهذا فيمكن القول إن منهجها في العمل يميل أكثر في اتجاه الضعف عن الفئات سابقة التحديد. ومن الواضح مع ذلك أن الأشخاص النازحين غالباً ما يكونون ضعفاء, ولذلك فهم ضمن المنتفعين بخدمات اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وفي الوقت ذاته, تختلف الظروف التي يعيش فيها هؤلاء الناس كثيراً, تبعاً لقربهم من النزاع, زماناً ومكاناً, والمرحلة التي يمر بها النزاع. فالأشخاص النازحون حديثاً قد يظلوا معرضين لخطر العمليات الحربية, وقد لا يمتلكون شيئاً, لهذا فقد يعتمدون على الدعم الفوري من أجل بقائهم. وقد يعثر نازحون آخرون على الأمن النسبي خارج مناطق النزاع, وربما يكونون قد نزحوا قبل سنوات واستعادوا قدراً من الاعتماد على الذات. وتعطي اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأولوية للفئة الأولى أثناء عملها.

إن الإحصائيات الخاصة بأعداد الأشخاص النازحين داخلياً هي دائماً محل اهتمام كبير, وأحياناً محل تضارب, من قبل المنظمات الإنسانية والحكومات. وإذا تركنا جانباً التقليل المتعمد أحياناً في التقدير أو المبالغة في أرقام النازحين داخلياً بدافع الرغبة في الحد من مدى الأزمة أو للحصول على زيادة في الدعم من الحكومات المانحة, فإنه ينبغي أن نلاحظ أن مفهوم " الشخص النازح " نفسه يختلف كثيراً من منظمة إلى أخرى تبعاً لمدى التدخل المرغوب, وأن الأرقام كثيراً ما تجمع لغرض معين في الأذهان. وتحتفظ اللجنة الدولية للصليب الأحمر فيما يختص بدورها بعبارة " الشخص النازح " لأولئك الذين هم بحاجة ماسة للمساعدة الفورية لإنقاذ حياتهم. وينطبق ذلك عادة على الأشخاص الذين نزحوا حديثاً ويعتمدون اعتماداً كاملاً بالتالي علىالدعم الفوري للبقاء على قيد الحياة.

لذلك فإن التركيز الكبير على الأرقام خطأ من وجهة نظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر, وكذلك بالتحديد تخصيص الاعتمادات لفئة معينة من الضحايا. ولن يكون ذلك فقط محل تساؤل من الناحية الأخلاقية في الحالات التي تواجه فيها فئات أخرى مصاعب مماثلة أو أكثر خطورة, بل لن تكون مجدية أيضاً في سياق نهج متكامل. فمثلا عند توفير الدعم لمنشآت الرعاية الصحية, تساعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر المرضى والجرحى من الأشخاص النازحين داخلياً أيضاً. كما تساعد النشاطات التي تهدف إلى تزويد السكان بمياه الشرب أو البذور والأدوات الزراعية أو الطعام الأشخاص النازحين داخلياً, ليس فقط عندما ينتفعون بها مباشرة, ولكن أيضاً عندما يكون الأهالي المضيفون مجهزين أفضل تجهيز لاستقبالهم.

ومن الأمور الأخرى التي تشغل بال اللجنة الدولية للصليب الأحمر انتشار الألغام الذي يمنع الكثيرين من السكان من العودة إلى ديارهم. وفي عدد متزايد من البلدان تقوم اللجنة الدولية بتطبيق برامج لرفع الوعي بالألغام والذخائر غير المتفجرة بين الجماعات الأكثر عرضة لها من المقيمين والأشخاص النازحين.

وبالمثل, عن طريق تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني ودعم الأنشطة والمجهودات لإقناع الأطراف المتحاربة بالوفاء بالتزاماتها تجاه المدنيين الذين يتواجدون تحت سيطرتها, تساعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على منع حدوث النزوح في المقام الأول وحماية من لا يستطيعون تفاديه.

   

ثالثاً- قضايا تتصل بالتعاون

التعاون مع الدول

تؤمن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن مسؤولية مساعدة وحماية الأشخاص النازحين داخل بلد ما تقع في المقام الأول على السلطات الوطنية.

ولتلبية حاجات ضحايا النزاعات المسلحة, اعتمدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسائل عمل تحبذ الحوارات السرية مع كل الأطراف سواء كانت دولاً أو جماعات غير رسمية أو قوات مسلحة نظامية أو مقاتلين مسلحين. ويساعد الوجود الدائم للمندوبين في الميدان على متابعة الموقف بينما هو يتطور واتخاذ الخطوات الملائمة مع السلطات المعنية بغرض منع أو وقف الانتهاكات. هذا المنهج يعتمد على علاقة تغشاها الثقة الكافية لضمان الوصول إلى الضحايا وسلامة القائمين بالإغاثة. وإذا لم تنجح التدابير السرية, فقد تلجأ اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى المجتمع الدولي طلباً للدعم, إما عن طريق الدبلوماسية المتكتمة أو عن طريق الإعلانات العلنية تحت ظروف معينة.

وإلى جانب التدخل لدى الأطراف, قد تدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الكثير من مجهودات الإغاثة من خلال التعاون المادي أو الفني أو عن طريق تقديم المساعدات قبل أو بعد ظهور الحاجة إليها.

وأخيراً, قد تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدور الوسيط المحايد بين الأطراف أو بين الضحايا والأطراف وذلك بغرض تيسير الاتصالات بينها أو إبرام الاتفاقات التي تهدف إلى حل المشاكل المتعلقة بالإغاثة الإنسانية (مثل الوصول إلى الأشخاص النازحين وإخلاء الجرحى, الخ).

لذلك فإن علاقة الثقة التي تقيمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع كل الأطراف هامة جداً. وهذا هو السبب الذي يمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن التورط في المجادلات بين الأطراف. وحيث إن المساعدات الإنسانية لا يمكن أن تحل محلها المبادرات السياسية, فإن اللجنة الدولية ترى أنه من الأهمية بمكان أن يتم الفصل بوضوح بين تلك المساعدات المفاوضات والأعمال الأخرى ذات الطابع السياسي.

التعاون مع المنظمات الإنسانية الأخرى

اليوم وأكثر من أي وقت مضى, الحوار بين كل المشاركين في موقف معين هو مطلب أخلاقي وشرعي وميداني لا يمليه القانون فقط ولكن تملية الحكمة أيضاً. وتعتقد اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه في سياق تعقد العمليات ومع إسهام العديد من المنظمات الإنسانية في مجهودات الإغاثة, فإن التنسيق ضرورة لا بد منها لتفادي ازدواجية الجهود ومنع المواقف من التدهور وتحقيق النجاح في تنظيم نشاطات ثابتة لمساعدة السكان المدنيين. لذلك فإن اللجنة الدولية مصممة على تعزيز التعاون الحقيقي بين المنظمات.

ونظراً إلى حجم الاحتياجات, فليس بإمكان منظمة واحدة الاضطلاع بمهمة حماية ومساعدة الأشخاص النازحين. فرد الفعل الذي يتسم بالتخطيط الجيد والمؤثر يتطلب توزيع المهام بين المنظمات المختلفة, مع أخذ اختصاصاتها وخبراتها ومهاراتها بعين الاعتبار.

ثمة اعتباران تسترشد بهما اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سياستها, هما الرغبة في تحقيق تكامل أكبر بين نشاطات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ومنظمة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من جانب, والرغبة الأكيدة في الوفاء بدورها المحدد كوسيط محايد ومستقل في حالات النزاعات المسلحة من جانب آخر.

ويعد الاهتمام بالتكامل والكفاءة أساس التعاون المتزايد بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالات الأمم المتحدة, سواء عن طريق آليات التنسيق مثل اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات ومجموعاتها العاملة (حيث تتمتع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بوضع المدعو الدائم) في سياق حوار ثنائي, أو في الميدان حيث يمثل تبادل المعلومات والاتصال المستمر بين المنظمات عنصرين أساسيين للتنسيق.

وكرد فعل لنفس الاهتمام, يحدد اتفاق إشبيلية لعام 1997 أدوار ومسؤوليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر فيما يتصل بمختلف الحالات (مثل النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والتنمية) وذلك من خلال الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر, مما يسهم في تعاون أفضل داخل الحركة. ويمنح الاتفاق دور الوكالة الرائدة للجنة الدولية للصليب الأحمر في حالات النزاعات المسلحة والاضطرابات الداخلية ونتائجها المباشرة, ويمنح دور الريادة للاتحاد الدولي والجمعيات الوطنية في حالات الكوارث الطبيعية أو التكنولوجية أو حالات الطوارئ الأخرى في وقت السلم. وتعد الجمعيات الوطنية شريكاً لا غنى عنه للجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي, وكثيراً ما تكون المنظمات الأولى التي تقدم المساعدات عندما يتعرض السكان للنزوح قهراً.

وتشارك اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ عام 1996 في حوار نشط وتقاسم خبراتها مع المنظمات غير الحكومية, خاصة فيما يتصل بنشاطات الحماية, وتشجعها على استخدام آليات التنسيق. وتبعاً للظروف, تتولى اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور المنسق, خاصة في مناطق الأمان, فيما يتصل بالمنظمات غير الحكومية المعنية والتي تتبع نفس طرق العمل.

ويتم التعاون بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والوكالات الإنسانية الأخرى في نطاق الحدود التي يفرضها وضعها كمنظمة محايدة وغير منحازة ومستقلة, تقتصر نشاطاتها على الدفاع عن مصلحة الضحايا.

   

رابعاً - نظرة عامة عن نشاطات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في خمسة بلدان

لإبراز بعض القضايا التي تثيرها هذه الوثيقة, يرد فيما يلي وصف مقتضب لنشاطات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في خمسة بلدان. وقد اختيرت البلدان الثلاثة الأولى لأنها كانت دراسات إفرادية تناولها على وجه التحديد المجلس الاقتصادي والاجتماعي, أما البلدان الآخران فقد تم إدراجهما في هذه الوثيقة لزيادة إيضاح طبيعة مشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

     
 

أنغولا

تسبب النزاع في أنغولا في تحركات سكانية هائلة لأكثر من 25 عاماً, وجلب المعاناة والصعاب من كل نوع لكل من النازحين والمقيمين المحليين على السواء. فقد كان على الجميع مواجهة عواقب الحرب سواء المباشرة أو غير المباشرة, وتقاسم الموارد التي غالباُ ما كانت نادرة. وعبر الوقت, تعين على الكثير من النازحين مواجهة المشاكل التي لم تكن تتعلق بالبقاء فقط, بل أيضا بالاندماج الاجتماعي والاقتصادي. وقد كان هذا هو الحال بالنسبة للأشخاص الذين استقروا مرة أخرى في لواندا أو في عواصم المقاطعات.

وعند استئناف الأعمال العدائية بين الحكومة الأنغولية وحركة يونيتا في ديسمبر/كانون الأول 1998, أثار انعدام الأمن مرة أخرى موجات من النزوح, وهروب ضحايا إضافيين إلى المناطق الحضرية وسط أنغولا بحثاً عن الأمن. وقد زاد من معاناة هؤلاء الضحايا النهب المنتظم للحاصلات الزراعية الذي ترك النازحين والسكان المحليين في حالة فقر.

ولمساعدة من هم أكثر تضرراً, وفرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لسنوات عدة الحماية والمساعدة, خاصة في مناطق النزاع في وسط بلانالتو, حيث تضاعفت الاحتياجات وكانت أكثر إلحاحاً.

وفي محاولة لتحسين الوضع الغذائي المتردي دائماً, نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر برامج تتعلق بالأمن الغذائي والاقتصادي لمساعدة جميع السكان المتواجدين في أطراف مدينة هوامبو وفي القرى المحيطة بها. وقد وفرت البرامج إغاثة منتظمة من أجل 000 300 من الأشخاص النازحين والمقيمين في البلد. ولضمان أكبر قدر من الكفاءة ولتلبية كل الاحتياجات, تحبذ اللجنة الدولية للصليب الأحمر التعاون الوثيق مع المنظمات الإنسانية الأخرى المشاركة في أعمال الإغاثة, بما فيها برنامج الأغذية العالمي ومنظمة انقذوا الأطفال البريطانية, والتي قامت بتوزيع الطعام بشكل عام على 000 163 فرد في هوامبو.

كذلك أشرفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على إدارة برامج لتعزير الاعتماد على الذات والتنمية المستديمة, خاصة في مجال الزراعة. كما نفذت مشاريع لتوزيع المياه وبناء المراحيض بغرض تحسين مبادئ الصحة والنظافة والمرافق الصحية في المواقع الجديدة المخصصة للأشخاص النازحين, خاصة في كيوتو حيث حافظت على التعاون اليومي مع برنامج الأغذية العالمي والمنظمات غير الحكومية مثل (كير) وأطباء بلا حدود وأوكسفام.

إن برامج اللجنة الدولية للصليب الأحمر للرعاية الصحية الأولية في هوامبو ويوجي ومساعداتها الجراحية لمستشفى هوامبو ومراكز إنتاج البدائل الصناعية وأجهزة تقويم الأعضاء في لواندا وهوامبو وكويتو, تلبي احتياجات المرضى وجرحى الحرب, بمن فيهم عدد ضخم من الأشخاص النازحين. كذلك تتعاون بصفة منتظمة مع المنظمات النشطة في المجال الطبي (الفريق الطبي الدولي وأطباء بلا حدود, الخ).

وقد أقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر شبكة لرسائل الصليب الأحمر تمكن الآلاف من الأفراد من الاتصال بذويهم في أنغولا والخارج بعدما قطع القتال وما تبعه من نزوح ال روابط بينهم وبين أسرهم.

وتشمل الجهود التعاونية للجنة الدولية للصليب الأحمر توفير النقل الجوي من لواندا إلى بلانالتو لموظفي المنظمات غير الحكومية.

     
 

جمهورية الكونغو الديمقراطية

ابتليت جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عام 1996 بالنزاع الذي وصل إلى قمة الاشتعال في أغسطس/آب 1998. فبينما امتد القتال عبر الجزء الأكبر من البلاد ليشمل العديد من الجماعات الكونغولية المسلحة والقوات المسلحة الأجنبية, هرب عدد لا يحصى من الناس من منازلهم. واتجه الكثيرون منهم إلى المراكز الحضرية الكبيرة, حيث زادوا الضغط على الموارد والبنية الأساسية.

وأصاب الفقر الأشخاص النازحين والمقيمين المحليين, وغالباً ما كانت الاحتياجات الأساسية كالطعام ومياه الشرب النظيفة منعدمة. وتقدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى كل من الجماعتين الحماية والمساعدة لكفالة اتباع منهج متزن والاستجابة بكفاءة وتكامل لاحتياجات أكثر الناس ضعفاً. وكثيراً ما تشتت أفراد العائلات أثناء الهرب وانقطع الاتصال ببعضهم البعض.

وحافظت اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال النزاع على تواجدها في المناطق التي يسيطر عليها الجانبان. ففي المناطق الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة, تلقى ما يقرب من 000 200 شخص, غالبيتهم من النازحين, مساعدة منتظمة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر شملت الأطعمة والمواد الأخرى مثل البذور والأدوات الزراعية. إضافة إلى هذا, ساعدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نحو 000 63 من الأشخاص النازحين على العودة إلى قراهم وزودتهم بالمساعدات العينية للبدء في استزراع الأرض مرة أخرى.

وفي المناطق الخاضعة للسيطرة الحكومية في الجنوب, حيث وجدت أعداد كبيرة من الأشخاص النازحين - يقدرون بعشرات الآلاف - في حاجة ماسة للمساعدات الطبية, زودت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السلطات الصحية والمستشفيات بالإمدادات الطبية الضرورية. وفي لوبومباشسي, تلقى 000 50 شخص بذوراً, كما ساعدت اللجنة الدولية 000 4 شخص نازح إضافي اجتمعوا في أربعة مواقع. وفي كينشاسا, حيث انقطع توزيع إمدادات من الأغذية التقليدية, حصل 000 250 شخص من الضعفاء في أفقر أحياء العاصمة على بذور وأدوات زراعية بناء على المشاريع الزراعية التي تم تنفيذها بالتعاون من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومثل توفير العلاج الطبي المناسب للجرحى والمرضي أولوية للجنة الدولية للصليب الأحمر, خاصة أثناء النزاع الأخير بين الجيشين الرواندي والأوغندي في كسنجاني (ثالث أكبر المدن في البلاد ويقدر تعداد سكانها بنحو 000 600 نسمة). وقد خلف القتال الضاري أكثر من 160 قتيلا, أكثرهم من المدنيين, 200 1 جريح, كما أبلغ عن مئات من العسكريين المصابين. إضافة إلى هذا, تم تسجيل 564 7 شخصاً نازحاً في سبعة مواقع.

وأثناء الأعمال العدائية, ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بانتظام السلطات الأوغندية والرواندية بالتزاماتهما بناء على القانون الدولي الإنساني, وخاصة حماية السكان المدنيين من خطر العمليات العسكرية. وبفضل الاحترام الذي أبداه الطرفان المعنيان, استطاع موظفو اللجنة الدولية للصليب الأحمر في كيسنجاني توصيل المعونة إلى المنشآت الطبية التي كانت تقوم بعلاج جرحى الحرب.

كما واجه المتطوعون المحليون من الجمعية الوطنية للصليب الأحمر المخاطر الناجمة عن الصراع المسلح ليقدموا خدماتهم.

وفي كسنجاني, تتعاون اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع عدد من المنظمات الإنسانية الأخرى, وخاصة أطباء بلا حدود وأوكسفام. كما تعمل بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة للمراقبة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

     
 

جورجيا

نجحت جورجيا منذ 1998 في تأكيد استقرارها السياسي والاقتصادي إلا أن الأوضاع الأمنية ما زالت متوترة نتيجة لانتشار الجريمة وأعمال العنف عبر غرب جورجيا وأبخازيا. وقد ظل أغلب النازحين في نفس الأماكن لسنوات طويلة وتتفق الآن احتياجاتهم (مثل النشاطات الاجتماعية والتد ريب والحصول على دخل) وما توفره مشروعات تنمية المجتمع بشكل طبيعي. لكن الكثير من المنشآت التي يستخدمونها تحتاج إلى التجديد.

ولم تعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر تتدخل بشكل مباشر لتزويد الأشخاص النازحين بالأغذية والمواد الضرورية الأخرى, فهي مهمة تتولاها الآن جمعية جورجيا للصليب الأحمر والاتحاد الدولي. وتقوم المنظمتان بالتركيز على إعادة التأهيل والأمن الغذائي والنشاطات التي تدر دخلاً, والبرامج الصحية للفقراء, سواء كانوا من أهل المنطقة أو أشخاصاً نازحين, خاصة في شرق وغرب جورجيا.

وتقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر من جانبها بالتركيز على المساعدات الجراحية الطارئة لمستشفى زوجديدي الذي يستقبل الحالات المحولة إليه, والتأهيل والمساعدات الأخرى للعيادات الخارجية الخاصة بالأشخاص النازحين في المدينة. إضافة إلى هذا, تظل اللجنة مستعدة للاستجابة لأي تحركات سكانية جديدة.

إضافة إلى الجريمة والعنف في غرب جورجيا, والبيئة الأمنية الحرجة التي ما تزال تسود في أبخازيا, يتعرض السكان المدنيون إلى أعمال النهب وحرق المنازل والسرقة. وتظل جماعات الأقليات أكثر عرضة لهذه الأعمال العدوانية مقارنة بالسكان بوجه عام. هذا وتواصل اللجنة الدولية للصليب الأحمر متابعة أوضاعهم بانتظام والاتصال بالسلطات المحلية والإقليمية عند الضرورة.

وفيما يتصل بالأمن الاقتصادي, فبالرغم من أن السكان جميعاً قد تأثروا بذلك, فإن جماعات المستضعفين مثل كبار السن والمعوقين واليتامى والعائلات كثيرة الأفراد كانت أكثر تأثراً. وتقدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الطعام والمساعدات الأخرى لأكثر من 000 30 من الأشخاص المعدمين بناء على خمسة برامج مختلفة هي برنامج مقصف وبرنامج للمساعدة المنزلية وبرنامج للأشخاص المعدمين وبرنامج للمساعدة الجزئية وبرنامج زراعي. وبناء على البرنامج الزراعي في أبخازيا, الذي يهدف إلى استعادة الاكتفاء الذاتي, يتلقى نحو 000 15 شخص مواد زراعية مختلفة مرة في العام, مثل المخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية والبذور, إضافة إلى النصيحة الفنية التي يقدمها المختص الزراعي المحلي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتظل شبكة رسائل الصليب الأحمر التابعة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوسيلة الوحيدة للاتصالات التي يعتمد عليها الأشخاص المقيمون في أبخا زيا, حيث تم تبادل 385 56 رسالة في 1999. وبالرغم من استئناف الاتصالات التليفونية بين أبخازيا وجورجيا في بداية عام 1998, ظل نظام رسائل الصليب الأحمر يؤدي دوراً حيوياً متيحاً للعديد من العائلات في أبخازيا إعادة الاتصال بأقاربهم في جورجيا أو البلدان الأخرى من اتحاد الجمهوريات المستقلة أو المحافظة على الاتصالات القائمة بينهم. كذلك تدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر برنامجا يستهدف جمع شمل أفراد الأسر, ويشمل نقل بعض السكان إلى خارج أبخازيا, وغالبا إلى جورجيا.

     
 

سري لانكا

بناء على طلب الحكومة, افتتحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعثة لها في سري لانكا عام 1989. وقد ركزت هذه البعثة أنشطتها على حماية ومساعدة المدنيين الذين تأثروا بالنزاع الدائر هناك, بما فيهم الكثيرون من الأشخاص النازحين.

وبرز دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر كوسيط محايد في النزاع الدائر في سري لانكا بوجه خاص. فقد حافظت اللجنة الدولية بالفعل على حوار دائم مع كل الأطراف لضمان احترام وحماية السكان المدنيين بما يتفق والقانون الدولي الإنساني. ومع خبرة تمتد لأكثر من عقد في سري لانكا, فإن اللجنة الدولية على معرفة واسعة بالقضية محل النزاع ويعول كل المعنيين بالنزاع من الجانبين على عملها.

وبقدر ما يسمح به الوضع الأمني, تقوم فرق اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتقييم منظم لظروف حياة المدنيين المتأثرتين بالقتال. ويتم جمع الادعاءات الخاصة بانتهاكات القانون الدولي الإنساني واستخدامها كأساس للشكاوى التي تهدف إلى تذكير الطرفين بالتزاماتهما تجاه المدنيين.

وحيث إن السلطات المحلية تلبي الاحتياجات الغذائية داخل البلاد, فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر توفر الإمدادات الضرورية الأخرى لعشرات الآلاف من الأشخاص الناز حين من المواد التي سبق تخزينها, وذلك بالتعاون الوثيق مع الجمعية السري لانكية للصليب الأحمر ووكالات الإغاثة الدولية الأخرى.

إضافة إلى هذا, وبالتعاون مع الجمعية السريلانكية للصليب الأحمر, تمكن دائرة البحث عن المفقودين التابعة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أفراد العائلات التي شتتها النزاع من البقاء على اتصال بعضهم ببعض.

ومنذ 22 أبريل/نيسان 2000, عندما فتحت قوات نمور تحرير التاميل المدخل إلى شبه جزيرة جافنا بالاستيلاء على القاعدة العسكرية الاستراتيجية عند ممر الفيل, امتد القتال إلى أعماق شبه الجزيرة حيث تتقاتل القوات الحكومية ومقاتلو التاميل للسيطرة على المنطقة. وقد أظهرت الأرقام الرسمية في بداية شهر يونيه/تموز أن مجموع الأشخاص النازحين بسبب القتال الذي اندلع مؤخرا في شبه الجزيرة بلغ 000 177 شخص. وقد سعى هؤلاء الأشخاص بحثا عن الملاذ لدى أقاربهم أو أصدقائهم, وعندما استحال ذلك, لجأوا إلى مراكز الرعاية التي أقيمت في المدارس أو المباني العامة الأخرى. ومع ذلك بقيت أعداد كبيرة من المدنيين بالقرب من مناطق القتال.

وبناء على طلب قوات الأمن وحركة التاميل, سهلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نقل قوافل الأغذية عبر خطوط القتال وقامت بمرافقتها, من منطلق دورها المتعارف عليه كوسيط محايد. وما تزال القيود الأمنية تحول دون دخول المنظمات الإنسانية إلى مناطق كثيرة بالقرب من مناطق القتال, وما يزال مصير المدنيين المقيمين هناك مجهولاً.

   

كولومبيا

أقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجودا دائما لها في كولومبيا منذ عام 1981. وقد زادت مشاركتها في النشاطات لصالح ضحايا النزاع في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات وأدارت شبكة تتكون من 16 مكتباً في كل أنحاء البلاد اعتبارا من 1996.

إن نمط النزوح في كولومبيا معقد في مثل تعقيد النزاع نفسه. فتحركات السكان تتم يوميا في كل أنحاء البلاد, وقد تشمل فردا واحدا أو مجموعة من عدة مئات من الأفراد.

وقد أدى انتشار النزاع في الأراضي الوطنية إلى تدهور شديد في الموقف, خاصة ب النسبة للمدنيين, إذ يقتل كل عام ما بين 000 3 و000 6 شخص كنتيجة مباشرة للنزاع. ووصل عدد الأشخاص الذين اختطفوا إلى 000 3 شخص سنويا.

ويتقبل كل أطراف النزاع العمل الذي تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر, وهم بالتحديد السلطات المدنية والقوات المسلحة والشرطة ورجال الميليشيا وجماعات الدفاع عن النفس. وتبذل المنظمة جهودا دائبة لنشر القانون الدولي الإنساني بين جميع المتورطين في القتال.

إضافة إلى هذا, تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحملات توعية وتمارس الدبلوماسية لوضع حد للإيذاءات التي ترتكب ضد المدنيين وتؤدي إلى نزوحهم بطبيعة الحال.

وفي المناطق التي ينشر فيها القانون الدولي الإنساني وتقدم فيها المساعدة, تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتعاون الوثيق مع الصليب الأحمر الكولومبي. ففي عام 1999 قدمت اللجنة الدولية الحماية والمساعدة إلى نحو 000 135 شخص في كل أنحاء البلاد, ومن بينهم 000 70 حالة إفرادية.

وعموما, وضعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر برامج المساعدة لتلي برامج الدولة ولا تطبقها إلا عندما لا تكفي طاقة الدولة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية.

وقد تختلف نوعية الحماية والمساعدة التي تقدمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في كولومبيا من حالة إلى أخرى, تبعاً من جملة أمور لطابع التهديد والخطر الذي يواجهه الأشخاص النازحون. كذلك يتم تكييف نشاطات اللجنة الدولية وفقاً للاحتياجات الخاصة للسلطات والمنظمات الخيرية والمنظمات غير الحكومية وقدراتها على تلبية تلك الاحتياجات. وفيما يتصل بالتعاون بين الوكالات, أجري حوار بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الأخرى, بما فيها الأمم المتحدة, على أمل اعتماد أفضل الآليات الممكنة لمنع نزوح السكان وحل مشاكلهم وتنسيق الإجراءات الإنسانية.

وفي عام 1997, أقر البرلمان الكولومبي القانون رقم 387 الذي حدد مسؤوليات الدولة في مجال مساعدة وحماية الأشخاص النازحين. وبالرغم من الحيلولة دون تطبيق القانون, فقد أنشئت شبكة تضامن لتنسيق كل نشاطات الدولة لصالح النازحين. وفي كولومبيا تلبى الاحتياجات الطارئة والقصيرة الأمد بكفاءة, إلا أن الاحتياجات المتوسطة والطويلة الأمد للأفراد النازحين الذين يستحيل عليهم العودة إلى ديارهم, لا تزال دون حل.

عودة إلى اللاجئين والأشخاص النازحين داخلياً

المرجع: LG 2000-087-ENG