نيبال: النساء وأقرباؤهن المفقودون

05-03-2012 مقابلة

لا يزال أكثر من 1400 شخص – معظمهم من الرجال- في عداد المفقودين عقب النزاع المسلح الذي دارت رحاه في نيبال لمدة عشر سنوات. وقد اضطرت زوجاتهم أو أمهاتهم إلى تأدية دور الرجل داخل الأسرة. وفي مناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 آذار/مارس)، تشرح السيدة "سيلفي تورال" رئيس بعثة اللجنة الدولية في نيبال، كيفية تأقلمهن مع الوضع.

ما أثر فقدان أحد الأقارب على المرأة النيبالية؟

تعيش المرأة التي فقدت زوجها أو ابنها خلال النزاع المسلح في دوامة القلق لعدم معرفة ما إذا كان حياً أو ميتاً. وهي تعاني عذاب التعامل مع الفقدان الغامض للقريب المفقود، متسائلة في كل لحظة ما إذا كان عليها أن تتقبل احتمال موته، وإن كانت لا تزال تأمل عودته. وتحتاج العائلات لأجوبة، أو لدليل عمّا حلّ بأقربائها، حتى تتمكن من ممارسة الشعائر الجنائزية وبدء العمل على طي صفحة الماضي والمضي قدماًَ في حياتها.

وتعاني الزوجات اللواتي فقدن أزواجهن خلال النزاع من الوصم داخل مجتمعاتهن. ويختار العديد من هؤلاء النساء، لأنهن لا يعرفن ما حلّ بأزواجهن، عدم اتباع الممارسات التقليدية المفروضة على الأرامل من حيث الملبس والسلوك. ولا تتفهم المجتمعات التي يعشن فيها تصرفهن وتتركهن في عزلة من دون أحد يلجأن إليه لطلب المساعدة.

وتسبب غياب هؤلاء الأزواج والأبناء بضائقة اقتصادية ومعاناة لعائلاتهم. وجهدت النساء لتوفير الاحتياجات الأساسية كالطعام لعائلاتهن والتعليم لأطفالهن. ونظراً إلى أن نيبال لا تمنح المفقودين أي وضع قانوني، تواجه زوجاتهن تحديات قانونية وإدارية حين يشرعن في إجراءات من قبيل المطالبة بأملاكهن لفك ضائقة عائلاتهن الاقتصادية.

وماذا تفعل اللجنة الدولية لتلبية الاحتياجات الخاصة بالنساء اللواتي لا يزال أقربائهن في عداد المفقودين؟

كانت أولويتنا توفير إطار يمكن للنساء فيه أن يتساعدن ويحصلن على مساندة مهنية، للتأكد من أنهن سيتمكنّ من تخطي التداعيات الاقتصادية والقانونية الناجمة عن فقدان الشريك الذي يكسب لقمة العيش.

وقد طورنا برنامجاً مجتمعياً يقوم على مجموعات دعم تحاول تخفيف المحنة والصعوبات التي تواجهها زوجات وأمهات المفقودين. وهو يوفر للنساء منتدى يمكنهن الالتقاء فيه وفرصة لنسج علاقات جديدة وتبادل دواعي قلقهن، ما يتيح لهن المضي قدماً في حياتهن. ويهدف البرنامج إلى مساعدتهن في استعادة القدرة على أن يكنّ فاعلات على المستوى الفردي وعلى مستويي الجماعة والعائلة. ويقارب هذا النهج القضايا العاطفية والثقافية والدينية ويعالج الحاجة إلى دعم المجتمع المحلي. ويشمل البرنامج خدمات استشارة مهنية يقدمها مستشارون مدرّبون، ومجموعات دعم علاجية تركّز على موضوع المفقودين، ومسرحيات تُعرض في الطرقات وترمي إلى توعية المجتمعات المحلية بالمشاكل التي تواجهها عائلات المفقودين وحفز دعم هذه المجتمعات لها.

كيف ساعد البرنامج في تحسين أوضاعهن؟

كان هناك تحسن واضح في حياتهن، وهو ما أشار إليه التقييم الأولي الذي استُطلعت خلاله آراء 250 امرأة. وقد أثرت المساعدة بشكل إيجابي على عائلاتهن وعلى حياة المجتمع المحلي ومكنتهن من إنشاء شبكة اجتماعية تساعد في مواجهة الوصم الاجتماعي والثقافي المرتبط بوضعهن. وعلى سبيل المثال، تُقام مراسم تذكارية للأشخاص المفقودين، وفقاً للمعتقدات الثقافية والروحية المتبعة في حالات الاختفاء. ومن شأن هذه المراسم أن تساعد في طي الصفحة وتتيح للناس المضي قدماً. وتسهم مشاركة المجتمعات المحلية بهذه المراسم في تحسين تقبلها للزوجات والأمهات اللواتي فقدن أحباءهن وفي استعادتهن لكرامتهن.

ما الذي يمكن تقديمه أيضا لمساعدة زوجات الأشخاص المفقودين وأمهاتهم؟

نعمل أيضا مع منظمات المجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية الدولية المتخصصة في التنمية على مساعدة هؤلاء النساء اقتصادياً عبر المشاريع الاقتصادية الصغيرة أو التدريب المهني. وفي بعض الحالات، يشمل ذلك تنسيق توفير الدعم القانوني والإداري الذي يتيح للنساء الحصول على مساعدة مؤقتة من الحكومة وعلى مُنح دراسية لأطفالهن. وكانت اللجنة الدولية وجمعية الصليب الأحمر النيبالي، قبل أن تطلق الحكومة النيبالية برنامج المساعدة بين عامي 2006 و2009، توفران الدعم الاقتصادي لمساعدة العائلات المتضررة من النزاع في استعادة سبل كسب عيشها. وتبلغ نسبة الأسر التي تعليها نساء أكثر من 60 بالمائة.

وهناك أنشطة أخرى تشمل تعزيز الوعي باحتياجات عائلات المفقودين لدى الجمهور والهيئات الحكومية المسؤولة عن دفع التعويضات أو توفير المساعدات المؤقتة وغيرها من الهيئات القادرة على تقديم العون. بالإضافة إلى ذلك، نواصل بالنيابة عن عائلات المفقودين حواراً سرياً مع الأطراف السابقة في النزاع، سعياً إلى معرفة ما آل إليه مصير هؤلاء الأشخاص ومكان وجودهم.

كيف تحافظ اللجنة الدولية على تواصلها مع عائلات المفقودين؟

تعمل اللجنة الدولية بتعاون وثيق مع موظفي جمعية الصليب الأحمر النيبالي على المحافظة على التواصل مع العائلات. وفي بعض الحالات، قد يضطرون للسير على الأقدام لأيام للوصول إلى العائلات في أبعد المناطق النائية من نيبال لأنه يتعذر الوصول إلى هذه المناطق بواسطة المركبات بسبب طبيعتها الجبلية. ويسمح هذا التواصل بإعلام العائلات بأية تطورات وبحصولها على المساعدات المستحقة لها. وتتولى اللجنة الدولية كذلك تدريب متطوعي الصليب الأحمر النيبالي الذين يقابلون العائلات.

الصور

سيلفي تورال 

سيلفي تورال
© ICRC

نيبال. نساء يشاركن في مجموعة دعم لزوجات وأمهات المفقودين. 

نيبال. نساء يشاركن في مجموعة دعم لزوجات وأمهات المفقودين.
© ICRC

نيبال. زوجات وأمهات أشخاص مفقودين يشاركن مع عائلاتهن في مراسم تذكارية تقام للأقرباء المفقودين.  

نيبال. زوجات وأمهات أشخاص مفقودين يشاركن مع عائلاتهن في مراسم تذكارية تقام للأقرباء المفقودين.
© ICRC

نيبال. منظمات شريكة توفر رؤوساً من الماعز لعائلات المفقودين في إطار المساعدات الاقتصادية الصغيرة. 

نيبال. منظمات شريكة توفر رؤوساً من الماعز لعائلات المفقودين في إطار المساعدات الاقتصادية الصغيرة.
© ICRC