خمسون عاماً من الاحتلال: وماذا بعد؟

02 حزيران/يونيو 2017
خمسون عاماً من الاحتلال: وماذا بعد؟
CC BY-NC-ND / ICRC

يحيي الفلسطينيون، خلال الأيام المقبلة، ذكرى مرور نصف قرن من الزمان على العيش تحت أطول فترة احتلال عسكري متواصلة في التاريخ المعاصر.

لقد تسببت آثار سياسات الاحتلال، طوال هذه الفترة، في تفاقم المشاكل الإنسانية التي يواجهها ملايين الفلسطينيين في كل جانب من جوانب حياتهم، وفي حرمانهم من الأمل. وفي الوقت نفسه، فالتأثير الواقع على الإسرائيليين المتضررين من انعدام الأمن قد بلغ مداه.

وتكمن المسألة الحاسمة الآن في النظر في الخطوات اللازمة لاستعادة الظروف المعيشية للسكان المتضررين وتحسينها، بغية كفالة احترام حقوقهم الأساسية وفتح آفاق الحل السياسي الدائم والمستدام للنزاع. ولا يتطلب هذا مجرد التصدي لأعراض المسألة وحدها، وإنما التطرق أيضاً إلى الأسباب الكامنة وراء النزاع.

وترى اللجنة الدولية أن أحد مفاتيح الحل يكمن في الاعتراف بالقانون الدولي الإنساني وتطبيقه في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة التي تمارس إسرائيل سلطة فعلية عليها – وأولاً وقبل كل شيء لائحة لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة اللتان تشكلان إطاراً حاسماً لكفالة احترام حياة من يعيشون تحت الاحتلال وكرامتهم.

وبالنظر إلى السمة الفريدة والعالمية التي يتمتع بها القانون الدولي الإنساني، يشكل احترام قواعده وكفالة احترامها التزاماً قانونياً على جميع أطراف النزاع بدون استثناء. ولذا، يجب أن يكون حق إسرائيل السيادي في الحفاظ على مصالحها الأمنية المشروعة متوازناً مع التزامها القانوني الرئيسي بإدارة الأراضي التي تحتلها إدارة إيجابية، وتلبية ما للسكان الفلسطينيين من احتياجات محددة.

ولقد أدى إنشاء المستوطنات وتوسيعها على مدى سنوات عديدة، وكذلك مسار الجدار في الضفة الغربية – في مخالفة لأحكام القانون الدولي الإنساني – إلى تغيير المشهد الاجتماعي والجغرافي والاقتصادي في الضفة الغربية بدرجة كبيرة على حساب السكان الفلسطينيين، ما يعوق تحويل هذه الأرض إلى وطن قابل للحياة، ويقوض آفاق المصالحة في المستقبل.

وبينما كانت لكل من هذه السياسات عواقب إنسانية منفصلة ومعقدة، فإن السمة الرئيسية التي تجمع بينها هي الفقدان المستمر للأراضي الفلسطينية.

وفي قطاع غزة، حيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة فعلية، يزداد الإحساس بالاحتلال بفعل آثار الإغلاق، في ظل الرقابة الصارمة على الحدود البرية والبحرية التي تحد من الحركة وإمكانية الوصول إلى القطاع، وتقلص التنمية الاجتماعية – الاقتصادية للمنطقة.

وقد دأبت اللجنة الدولية، طوال السنوات الخمسين الماضية، على السعي للوفاء بمهمتها الإنسانية في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، مقدمة المساعدة وموفرة الحماية لا للسكان الذين يعيشون تحت الاحتلال فحسب، ولكن أيضاً للأشخاص المتضررين في كل من طرفي النزاع، وليس لها من هدف سوى إعلاء الكرامة الإنسانية والحد من المعاناة.

وضغطت اللجنة الدولية مراراً على جميع الأطراف المعنية – وتهيب بها مرة ثانية – لكي تفي بالتزاماتها وتكفل احترام القانون الدولي الإنساني، بحثاً عن وسائل عملية لتحسين حياة المتضررين وصحتهم وصون كرامتهم.

وتظل اللجنة الدولية ملتزمة تمام الالتزام بالإبقاء على حوار صادق وفعال – ثنائي وسري في المقام الأول – مع جميع الأطراف بهدف مواءمة السياسات والممارسات مع الأحكام الأساسية للقانون الدولي الإنساني، والتخفيف بذلك من معاناة جميع المتضررين. ونرجو من الطرفين، وكذلك من المجتمع الدولي، الانخراط في جهود جادة لإحلال السلام.