تحديد هوية أصحاب الجثث: لِم تعزز اللجنة الدولية للصليب الأحمر خبرتها في الطب الشرعي في أفريقيا؟

16 نيسان/أبريل 2015
تحديد هوية أصحاب الجثث: لِم تعزز اللجنة الدولية للصليب الأحمر خبرتها في الطب الشرعي في أفريقيا؟
MCC BY-NC-ND/ICRC

"لا تحل بأفريقيا كارثة إلا وتأتي في إثرها أخرى!" كان هذا واحدًا من التعليقات التي أُبديت خلال الاجتماع السنوي الرابع لجمعية أفريقيا للطب الشرعي الذي عقد في نيروبي بكينيا في آذار/ مارس. ويفسّر هذا بدرجة ما لماذا عززت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخرًا قدراتها في مجال الطب الشرعي في أفريقيا عن طريق توظيف "ستيفن فونسيكا" ليكون منسق الطب الشرعي للمنظمة في أفريقيا، على أن يكون في بريتوريا بجنوب أفريقيا، التي تعد مركزًا للخبرة والتدريب في هذا المجال.

سافر "ستيفن فونسيكا" إلى نيروبي مرة أخرى في نيسان/ أبريل لتقديم المساعدة في إدارة 148 جثة لأشخاص قتلوا في هجوم إرهابي على جامعة في بلدة "غريسا". وعن هذا المجال الآخذ في النمو يتحدث كل من "ستيفن فونسيكا" و"موريس تيدبول بينز"، رئيس فريق الطب الشرعي في اللجنة الدولية:

هل يعد قرار اللجنة الدولية بتعزيز خبرتها في مجال الطب الشرعي في أفريقيا مؤشرًا على توجه ما بأن ثمة حاجة لمزيد من الخبرة في الطب الشرعي في السنوات المقبلة؟

موريس: بادئ ذي بدء، هناك وعي متزايد حول العالم بالحاجة إلى إدارة جثث القتلى في النزاعات المسلحة. وتأتي مسألة قتلى النزاعات المسلحة في صدارة الاهتمامات بطريقة أو أخرى، وهو شئ لم يكن كذلك منذ عقد أو عقدين من الزمان. ويرتبط هذا بكون العائلة وجماعات الضغط الأخرى شاركوا في اتساع نطاق التوعية بهذه المسألة. لذا فهناك، بصورة أساسية، توقعات ومطالب أكبر ليس من جانب الجمهور بوجه عام وحسب ولكن من جانب عائلات الضحايا نفسها أيضًا، بالإضافة إلى وعي متزايد بما يمكن أن يوفره الطب الشرعي فعليًا في مجال التعويضات والوصول إلى الحقيقة.

هل يمكنك أن تقدم لنا مثالاً محددًا؟

موريس: في قطاع الطيران على سبيل المثال، يعقب كل كارثة جهود شاملة لتحديد هوية كل جثة واستعادة رفاتها، وذلك لأغراض قد تكون سياسية أو قد تتعلق بمسألة التأمينات. ولم تعد الاستجابة للكوارث كما كانت عليه منذ عشرين سنة مضت عندما كان بمقدور المسئول أن يعلن أنه أمكن تحديد هوية 50% فقط من الضحايا. لم تعد هذه الإجابة مقبولة إطلاقًا هذه الأيام.

لقد أتيت إلى المشرحة الرئيسية في نيروبي عقب الهجوم على الجامعة في غريسا، فماذا فعلت هناك؟

ستيفن: كان دوري أن أسدى المشورة بشأن أفضل الممارسات في أساليب إدارة الكوارث، وتحديدًا في إدارة الجثث في حالة الطوارئ. ويغلب على هذا النوع من العمليات أن يكون فوضويًا ومجهدًا للغاية بالنسبة للمدراء الذين يقع على عاتقهم مسئوليات مهمة عديدة ويواجهون ضغوطًا هائلة، ضغوطًا سياسية وأخرى يفرضها الرأي العام، لتحديد هوية الضحايا كلهم بأسرع ما يمكن. لقد عملت مع ثلاثة زملاء آخرين من اللجنة الدولية يعملون في نيروبي، لتقديم ملاحظات حول إدارة المشرحة في موقع الحادث تتعلق بتحسين العمليات لضمان تطبيق نهج يكفل التعامل مع الجثث بكرامة وإظهار الاحترام للعائلات التي فُجعت بفقد أحد أفرادها.

في أي نوع من الظروف تتعامل اللجنة الدولية مع الجثث؟

موريس: قدمت اللجنة الدولية المساعدة مباشرة في أفريقيا في استعادة الجثث والإدارة الملائمة والكريمة لجثث الذين قتلوا في نزاعات مسلحة، بما في ذلك جنوب السودان وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. ويوجب القانون الدولي الإنساني على الأطراف المتحاربة كفالة الكرامة للموتى والحيلولة دون نهب الجثث وتدنيسها وفعل كل ما في وسعها للبحث عن الموتى وجمع جثثهم وتوثيقها وتحديد هوية أصحابها حيثما أمكن.

ونقدم أيضًا المساعدة خارج مناطق النزاع. ففي زلزال هايتي عام 2010 تواصلت السلطات مع اللجنة الدولية لأن الكارثة أربكتهم للغاية، وفي وقت لاحق من ذلك العام ضرب زلزال عنيف شيلي التي لديها نظام أكثر تقدمًا ومع ذلك تواصلوا معنا لنساعدهم على التعامل مع قرابة 200 ضحية إثر هذا الزلزال.

ما أهمية مجال الطب الشرعي؟

موريس: بالنسبة للأغراض الإنسانية يؤدي هذا المجال دورًا أساسيًا في كل المسائل المتعلقة بالبحث عن الموتى الذين قضوا في النزاعات المسلحة والكوارث واستعادة جثثهم والتعامل معها بطريقة كريمة وتحديد هوية أصحابها حيثما أمكن. إن أهمية الكشف عن هوية الموتى بالنسبة لعائلات الضحايا والمجتمعات المحلية أمر مفروغ منه ومنصوص عليه أيضًا في اتفاقيات جنيف الأربع كلها.

ما الذي يحفزك في مجال الطب الشرعي؟

ستيفن: حينما يتعين على المرء أن يعمل مع عائلة فقدت أحد أفرادها وتسعى إلى الوصول إلى إجابات على مدار سنوات ثم يتمكن من الوصول إلى حل ما من خلال مشاركته فإنه سوف يرغب في مواصلة النشاط الذي يقوم به أيًا كان في سبيل الوصول إلى تحديد هوية صاحب الرفات. وهناك إحساس لا يوصف تنطوي عليه هذه المهمات وشعور بالامتنان من جانب العائلة التي فقدت أحد أفرادها، وإحساس حقيقي بإنجاز شيء ذا معنى. ويشكل كل هذا للمرء منّا حافزًا لينتقل إلى القضية التالية.