أطفال تحت وطأة الغارات الجوية والصواريخ

لقد كان التصعيد الأخير الذي اندلع بين غزة وإسرائيل في أيار/ مايو 2021 من بين أشدّ الأعمال العدائية التي شهدتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المنطقة منذ سنوات.
مقال 15 تموز/يوليو 2021 إسرائيل و الأراضي المحتلة

ومن أبرز الآثار المترتبة على هذا التصعيد، والذي يكون في الغالب غير مرئي، تأثيره على الصحة النفسية الاجتماعية للأشخاص الذين يعيشون في ظل جولات متكررة من العنف، وهذا ينطبق بالتحديد على الأطفال.

إنّ دعم الصحة النفسية للأطفال في أوقات النزاع لا يقلّ أهمية عن تضميد الجراح النازفة أو حتى الحصول على مياه نظيفة صالحة للشرب.

ما زالت أصوات الغارات الجوية وسيارات الإسعاف عالقةً في ذهني في المساء وعندما يحلّ الظلام أشعر بخوفٍ شديد - عهد

 

وتبقى الذكريات المؤلمة محفورةً في الذاكرة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين أُصيبوا أو فقدوا أحباءهم. ولا شكّ أنّ الأطفال الفلسطينيين الذين نشأوا في غزة والأطفال الذين يعيشون في جنوب إسرائيل سيعانون من الآثار النفسية المترتّبة على التصعيد الأخير وغيره من الأعمال العدائية المتكررة لسنواتٍ عديدة.

طائرات زنانة، صواريخ متفجّرة، دويّ غاراتٍ جويّة، صافرات إنذار... يعيش الأطفال في غزة وإسرائيل تحت وطأة رعبٍ دائم. ومن المؤشّرات النفسية التي يعانون منها نتيجةً لذلك: التوتر والقلق وتقلّبات المزاج والشعور باليأس والتبول اللاإرادي، كما يحاول هؤلاء الأطفال تجنّب مشاهدة الصور أو أي شيء قد يعيد لأذهانهم ذكريات الأحداث الصادمة والرعب الليلي.

فجأة سمعتُ صوت انفجار  كنتُ خائفاً جداً. طلبت منّي أمي أن أركض إلى الملجأ وأنا ببساطة بدأت بالبكاء  لم أفهم ما كان يجري أو لماذا كان هناك أصوات انفجارات- أوريا

 

وترى اللجنة الدولية أن الحصول على خدمات الصحة النفسية أثناء النزاع وبعده ضروريٌّ وأساسيٌّ لدعم النسيج الاجتماعي للمجتمعات التي تعاني من النزاعات. هذا ويفرض العنف المتكرر عبئاً إضافياً على السكان، فبعد انتهاء الأعمال العدائية يكون حجم التجارب الصادمة التي مر بها الناس بشكل عام، والأطفال على وجه الخصوص، هائلاً.

قُصف منزل جيراننا الساعة السادسة صباحاً لم أستطع النوم من شدّة أصوات الضرب لا يمكنني نسيان مشاهد إخراج القتلى والجرحى من تحت الأنقاض- بلال

كلّما سمعتُ صوت إغلاق الباب، أهمس لنفسي: هل عادت الحرب؟ هل سنفقد منزلنا؟ هل سنموت؟-أمل

أكثر ما أخشاه عند سقوط صاروخ هو أن أكون وحدي وعدم وجود ملجأ قريب لأحتمي فيه  أخشى أن أكون بعيدةً عن بيتي  بعيدةً عن عائلتي -ألما

أحبّ اللعب التخيّلي لأنني لست مضطراً لأن أكون في العالم الحقيقي-شاكيد

في اللحظة التي انهال فيها السقف وسُحقت غرفة نومي  شعرت وكأن أحلامي تحطّمت شعرت أنني فقدت كل ذكرياتي الجميلة  لقد دمّر القصف كلّ ما أحبّ في ليلة واحدة-رهف

ينشأ الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاع مع إحساسٍ دائمٍ بالخسارة المحتملة، لا بل يشعرون أحيانًا بأن هذه الخسارة أمرٌ محتم.

وسط كل هذا الغضب والذعر والحزن والوحدة والخوف، ما زال هؤلاء الأطفال يحلمون بأن يصبحوا روّاد فضاء وأطباء أسنان ولاعبي كرة قدم ومحامين وفنانين وسباحين محترفين.

وكباقي أطفال العالم، يحب هؤلاء الأطفال القراءة والرسم والتمثيل وممارسة الرياضة وتمضية أوقات ممتعة مع أسرهم وأصدقائهم. فعلى الرغم من كل الرعب الذي يعيشونه، ما زالت لديهم آمالٌ وأحلامٌ بمستقبلٍ أفضل.