اليمن: الجانب الأصعب من كون المرء طبيباً

اليمن: الجانب الأصعب من كون المرء طبيباً

يحدثنا طبيب ممن يتقدمون صفوف المواجهة في اليمن عن الوصم الاجتماعي الملازم لمن يتعاملون مع مرضى كوفيد-19، والعنف الموجه ضد خدمات الرعاية الصحية والعاملين في هذا المجال، وأهمية بناء الثقة بين مقدمي الرعاية الصحية والمجتمعات المحلية التي يعملون لخدمتها.
مقال 25 آيار/مايو 2021 اليمن

ويقول الدكتور أبو بكر وهو يصف الربيع الماضي: "أُصبنا جميعاً بصدمة – ولم يستطع الناس أن يصدقوا ما كان يحدث."

وقد أدى المناخ الحار في عدن بالفعل إلى انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا. وأضاف كوفيد-19 تحدياً هائلاً في وقت كان فيه المجتمع الطبي غارقاً في العمل بالفعل.

ويقول الدكتور أبو بكر: "كنا ننظر إلى بلدان أخرى لديها وسائل أكثر بكثير، ورأينا أنها لم تستطع احتواء الفيروس، وأن الناس يموتون بأعداد كبيرة في آسيا وأوروبا. ولذا، يمكنكم أن تتخيلوا كم كنا قلقين هنا في اليمن الذي يعاني من نظام صحي منهار وحرب ضروس تدور رحاها في الوقت ذاته. وقد كان كل شيء مثقلاً بالأعباء نوعاً ما - وكأن عيش مرارة الحرب لم تكن كافية بالفعل."

وقد ظهرت الجائحة في أسوأ وقت ممكن. وكان نظام الرعاية الصحية في اليمن منهاراً بسبب حرب دامت ست سنوات بلا هوادة. ودمر القتال جزءاً كبيراً من البنية التحتية الصحية وعطّل سلاسل الإمدادات الطبية وعرقل تقديم الخدمات الأساسية. وأدى القتال أيضاً إلى نزوح جماعي للطواقم الطبية الأجنبية التي كانت تشكل نسبة كبيرة من الأخصائيين في مجال الرعاية الصحية في البلد قبل اندلاع الحرب.

وكانت القدرة على إجراء الاختبارات ضئيلة في اليمن في بداية الجائحة، إضافة إلى أن الاضطرابات الناجمة عن النزاع جعلت عملية تنفيذ تدابير الصحة العامة المعقدة شبه مستحيلة، مثل إجراءات الحجر الصحي الفعالة أو تتبع المخالطين.

وبحلول نهاية شهر تموز/يوليو، سجلت السلطات الصحية 1726 حالة إصابة مؤكدة و487 حالة وفاة بسبب كوفيد-19، وهو أحد أعلى معدلات الوفيات في العالم.

صعدة، اليمن. أطفال يلعبون كرة القدم أمام منازل مدمرة.
صعدة، اليمن. أطفال يلعبون كرة القدم أمام منازل مدمرة. قصي المؤيد - اللجنة الدولية

"ثم يأتي الخوف من الفيروس، الذي كان في البداية خوفاً شديداً لا يمكنكم تصوره. وانتشرت شائعات كثيرة في ذلك الوقت."

واتسعت رقعة الشائعات ونظريات المؤامرة بشأن كوفيد-19 لتشمل جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اليمن. وغالباً ما كانت المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة، الناجمة عن الخوف وانعدام الثقة في الخطابات الرسمية بشأن مصادر الفيروس وقابلية انتقاله، تهيمن على الرسائل الرسمية الصادرة عن السلطات الصحية وتحجبها.

وتستمر المعلومات المضللة في بث الارتباك بين أولئك الذين يبحثون عن مصادر جديرة بالثقة وسط كمية هائلة من المعلومات، وهو ما ينطبق خصوصاً على مناطق النزاع حيث تكون السلطة محل نزاع ويغلب الضعف على النظام الصحي.

وإضافة إلى ذلك، تستمر الشائعات في إثارة العنف ضد الأطباء والممرضين والممرضات والمرضى والمستشفيات وسيارات الإسعاف. وتصور هذه الأكاذيب الأخصائيين في مجال الرعاية الصحية على أنهم ضالعون في خطط لجني أرباح من الفيروس على حساب المرضى أو أنهم مسؤولون عن انتشار الفيروس بسبب قربهم من المرضى.

عدن، اليمن. موظف رعاية صحية في مركز رعاية مرضى كوفيد-19 التابع للصليب الأحمر، يفحص مستويات الأكسجين لأحد المرضى، تشرين الثاني/نوفمبر.
عدن، اليمن. موظف رعاية صحية في مركز رعاية مرضى كوفيد-19 التابع للصليب الأحمر، يفحص مستويات الأكسجين لأحد المرضى، تشرين الثاني/نوفمبر. بشير السلوي - اللجنة الدولية

هل يضايقني أنني أُعامل أحياناً كحالة مصابة بكوفيد-19 وليس كطبيب يعالج مرض كوفيد-19؟ نعم يضايقني ذلك، لكنني أدرك السبب، وذلك لأن الناس يرون أنني أقضي الكثير من الوقت في المستشفى مع مرضى كوفيد-19.

- والوصم الاجتماعي الملازم لهذه الوظيفة شيء اعتدت عليه. لكن ما لا أتقبله هو الهجوم عليَّ بسبب وظيفتي.

الدكتور أبو بكر

في الفترة من شباط/فبراير إلى كانون الأول/ديسمبر 2020، تلقت بعثات اللجنة الدولية في 42 بلداً 848 تقريراً عن العنف ضد الرعاية الصحية المرتبطة بكوفيد-19، المنتشر في جميع أنحاء العالم من أوروبا إلى أفريقيا والأمريكيتين وآسيا.

واستهدفت معظم الهجمات العاملين في مجال الرعاية الصحية، وكانت عموماً على يد سلطات الدولة أو المجتمعات المحلية أو أقارب المرضى. وتنوعت الأسباب ووقعت على طول سلسلة خدمات الرعاية؛ فقد اعترض بعض الناس على التدابير الوقائية التي نادت بها السلطات الصحية، بينما عارض الناس في أماكن أخرى فكرة الاختبار.

لقراءة المزيد: مقدمو الرعاية الصحية والمرضى تعرضوا لآلاف الهجمات التي استهدفت خدمات الرعاية الصحية خلال السنوات الخمس الماضية، حسبما تظهره بيانات اللجنة الدولية

صنعاء، اليمن. أحد موظفي الصحة يرش مادة مطهرة في سوق شعبي وسط مخاوف من انتشار كوفيد-19، نيسان/أبريل
صنعاء، اليمن. أحد موظفي الصحة يرش مادة مطهرة في سوق شعبي وسط مخاوف من انتشار كوفيد-19، نيسان/أبريل خالد عبد الله - رويترز

واعترضت بعنف المجتمعات المحلية في مواقع متعددة على إنشاء مراكز الحجر الصحي. وفي أماكن أخرى، لجأت القبائل والعائلات إلى العنف من أجل الإعراب عن عدم موافقتها على نقل الأقارب إلى الحجر الصحي.

وكانت بعض الحالات التي وثقتها فرق اللجنة الدولية الميدانية ناجمة عن الإحباط بسبب مستوى جودة العلاج الذي تلقاه مرضى كوفيد-19 في المستشفيات، وعن حالات أخرى عن الغضب واليأس في صفوف الأقارب عندما عجز موظفو الرعاية الصحية عن إنقاذ أحبائهم.

وفي الختام، عندما أودى الفيروس بحياة المرضى، كانت أيضاً القيود المفروضة على الجنازات والطقوس والعادات التقليدية بسبب مخاوف إسهامها في انتشار المرض أحد العوامل المتسببة بصورة مستمرة في اندلاع الأحداث العنيفة.

لقراءة بقية قصة الدكتور أبو بكر إضافة إلى قصص أخرى عن الآلام والصمود والعالم الذي تغير في زمن كوفيد-19.

يُرجى تنزيل التقرير الكامل هنا