اتفاقية الذخائر العنقودية: معاهدةٌ جديدةٌ ترمي إلى إنهاء المعاناة التي تسببها الذخائر العنقودية

31-07-2010

تعد الاتفاقية إضافةً مهمةً إلى القانون الدولي الإنساني. فهي ترسي قواعد جديدة لكفالة ألا تستخدم الذخائر العنقودية بعد ذلك وأن يـُعالج ما يرتبط بهذه الأسلحة من مشكلات إنسانية قائمة. ومما يبعث على الأهمية أن الاتفاقية تحتوي على أحكامٍ محددة ترمي إلى تلبية احتياجات الضحايا والمجتمعات المتضررة.

استجابةً لما تسببه الذخائر العنقودية من موتٍ وجُرحٍ ومعاناةٍ، توصلت 107 دول عن طريق التفاوض إلى "اتفاقية الذخائر العنقودية" واعتمدتها في مؤتمرٍ دبلوماسيٍّ انعقد في دبلن بأيرلندا في مايو/أيار 2008. وتعد الاتفاقية إضافةً مهمةً إلى القانون الدولي الإنساني. فهي ترسي قواعد جديدة لكفالة ألا تستخدم الذخائر العنقودية بعد ذلك وأن يـُعالج ما يرتبط بهذه الأسلحة من مشكلات إنسانية قائمة. ومما يبعث على الأهمية أن الاتفاقية تحتوي على أحكامٍ محددة ترمي إلى تلبية احتياجات الضحايا والمجتمعات المتضررة. وتدخل الاتفاقية حيز النفاذ في 1 أغسطس/آب 2010.

ماذا تفعل الاتفاقية؟

تحظر الاتفاقية الذخائر العنقودية حظرًا شاملاً وذلك بحظر استخدامها وإنتاجها وتخزينها ونقلها. وهي أيضـًا تحظر على الدول الأطراف مساعدة أي شخص على القيام بأي نشاط تحظره أحكام الاتفاقية أو تشجيعه أو حثه على ذلك.

إضافةً إلى الأحكام سالفة الذكر، تقع على عاتق الدول التي تمتلك ذخائر عنقودية، أو التي تتضرر بها، التزاماتٌ محددة تتمثل في تدمير المخزونات، وإزالة مخلفات الذخائر العنقودية، وتقديم المساعدة للضحايا.

تدمير المخزونات – يُقتضى من كل دولة – في غضون ثماني سنوات بعد أن تصبح طرفـًا في الاتفاقية – تدمير مخزونات الذخائر العنقودية الواقعة في نطاق ولايتها وسيطرتها. وقد يُمدد هذا الموعد النهائي لمدة أربع سنوات إضافية، وقد تـُمنح أيضـًا تمديدات أخرى لمدة أربع سنوات في ظروفٍ استثنائية. ويجوز أيضا احتفاظ الدول بعددٍ محدودٍ من الذخائر العنقودية، والذخائر الصغيرة المتفجرة، للتدريب على التطهير ولاستحداث تقنيات تدمير.

التطهير من مخلفات الذخائر العنقودية – يتعين أيضـًا على كل دولة أن تطهر أرضها من الذخائر الصغيرة غير المنفجرة، والذخائر العنقودية المهجورة، في غضون 10 سنواتٍ بعد أن تصبح طرفــًا في الاتفاقية. وفي حالة عدم تمكن أي دولة من القيام بذلك، يجوز لها طلب تمديدات لفترات إضافية مدتها خمس سنوات. ويجب أن تجري الدول برامج للتوعية بالمخاطر ترمي إلى كفالة توعية المدنيين الذين يعيشون في المناطق المتضررة بالذخائر العنقودية أو حولها.

توفير المساعدة للضحايا – تتضمن الاتفاقية أحكامــًا قويةً معنيةً بمساعدة الضحايا. فعلى كل دولة طرف يوجد لديها ضحايا للذخائر العنقودية، على أرضها أو في نطاق سيطرتها، أن توفر رعايتهم الطبية وإعادة تأهيلهم البدنيّ، ودعمهم النفسيّ، وإدماجهم اجتماعيــًّا واقتصاديـًّا. إضافةً إلى ذلك، يجب على الدولة تقييم الاحتياجات الداخلية في هذه المناطق ووضع الخطط وتعبئة الموارد لتلبية هذه الاحتياجات. وهذه هي المرة الأولى التي تشهد إدراج مثل هذا الحكم المفصَّل، حول مساعدة الضحايا، في معاهدة من معاهدات القانون الإنساني الدولي.

وتجدر الإشارة إلى أن تعريف "ضحايا الذخائر الصغيرة" لا يسري فقط على أولئك الذين يتعرضون للقتل أو الإصابة جراء الذخائر العنقودية؛ فهذا المصطلح يغطي أيضــًا الأسر والمجتمعات المحلية التي عانت عواقب اجتماعية-اقتصادية وغيرها من العواقب. وهذا التعريف الواسع يعكس توافقــًا متناميــًا في الآراء بين المعنيين بإزالة الأسلحة.

كيف تُعرَّف الذخائر العنقودية في الاتفاقية؟

بموجب بنود الاتفاقية، الذخيرة العنقودية ذخيرةٌ تقليديةٌ تنثر ذخائر صغيرةً متفجرةً أو تطلقها وهي: قنابل صغيرة أو متفجرات صغيرة وغير موجَّهة (كلٌّ منها وزنه أقل من 20 كيلو جرامـًا) مصممة للانفجار قبل الاصطدام أو عنده أو بعده.

والأسلحة التي تحتوي على أقل من 10 ذخائر صغيرة متفجرة لا تعد ذخائر عنقودية ما دامت كل ذخيرة صغيرة تزن أكثر من أربعة كيلو جرامات، ويمكنها تتبع جسمٍ مستهدفٍ محدد والاشتباك معه، وتـُزود بخاصيتي التدمير الذاتي والتعطيل الذاتي الإلكترونيتين. وتُستبعد أيضــًا الأسلحة المصممة لنثر القنابل المضيئة أو الدخان أو الشهب وأيضـًا الذخائر المصممة لإحداث تأثيرات كهربائية أو إلكترونية. والاتفاقية لا تحظر استخدام هذه الأسلحة ولا تقيده؛ بيد أن استخدامها تنظمه الأحكام العامة للقانون الإنساني الدولي.

كيف ستجري مراقبة تنفيذ الاتفاقية والامتثال لها؟

تتضمن الاتفاقية مجموعةً متنوعةً من الآليات لتعزيز تنفيذها وكفالة احترام أحكامها.

وحرصــًا على الشفافية، يتعين على الدول أن تقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة تقريرًا سنويـًّا عن مجموعة متنوعة من الأمور، من بينها أنواع الذخائر العنقودية المدمَّرة وأعدادها، ومساحة المناطق الملوثة بالذخائر العنقودية وموقعها، وحالة برامج التطهير، والتدابير المتخذة لتوفير التوعية بالمخاطر والتحذيرات للمدنيين، وحالة البرامج الرامية إلى توفير المساعدة للضحايا، والتدابير المتخذة داخليـًّا لمنع حدوث انتهاكات للاتفاقية وقمع هذه الانتهاكات. كما يوفر تقديم تقارير عن هذه الأمور نظرةً عامةً على حالة التنفيذ.

إضافةً إلى ذلك، ستنعقد بين الدول الأطراف اجتماعاتٌ منتظمةٌ لاستعراض فعالية الاتفاقية. وهذه الاجتماعات فرصةٌ مهمةٌ لاستعراض التقدم المحرز في التنفيذ، ومناقشة أفضل الممارسات، وحل المسائل ذات الصلة بالتنفيذ وبالامتثال.

وفي حالة ظهور مخاوف بشأن امتثال إحدى الدول للاتفاقية، يجوز الحصول على توضيحٍ من خلال الأمين العام للأمم المتحدة. وفي حالة الاقتضاء، يجوز إحالة المسألة إلى اجتماعٍ للدول الأطراف، يمكنه اعتماد إجراءات، أو آلياتٍ معينةٍ، لتوضيح الموقف وصياغة قرار. وفي أي منازعة يدخل فيها اثنتان أو أكثر من الدول الأطراف، تُبذل جهودٌ لتسوية المسألة عبر التفاوض أو من خلال ما تختارانه من وسائلٍ سلميةٍ أخرى، مثل إحالة الأمر إلى محكمة العدل الدولية وفقـًا لميثاقها الأساسيّ.

ختامــًا، يقع على عاتق كل دولة طرف التزامٌ يتمثل في اتخاذ كل التدابير الملائمة، على الصعيدين القانونيّ والإداريّ وغيرهما من الأصعدة لتنفيذ الاتفاقية. ويدخل في هذا فرض عقوبات جزائية لمنع الانتهاكات المقترفة من أشخاصٍ، أو على أرضٍ، تحت ولاية الدولة أو في نطاق سيطرتها ولقمع هذه الانتهاكات. ويتطلب هذا، في كثيرٍ من الأحوال، اعتماد تشريعات وطنية على إدخال تعديلات على اللوائح الحاكمة للقوات المسلحة.

هل ستحدث الاتفاقية اختلافـًا؟

ستمنع الاتفاقية، عند تنفيذها، معاناةً بشريةً بالغةً، وذلك من خلال كفالة ألا تـُستخدم مئات ملايين الذخائر الصغيرة العنقودية أبدًا وأن تخضع للتدمير. إضافةً إلى ذلك، ستحقق الاتفاقية فائدةً مباشرةً للمجتمعات المتضررة، وذلك بزيادة الجهود الرامية إلى تطهير المناطق الملوثة بالذخائر العنقودية، ومن ثم الحفاظ على الأرواح وإرجاع الأراضي من أجل الأنشطة الزراعية وغيرها من الأنشطة الإنتاجية. وستساعد أيضـًا ضحايا الذخائر العنقودية بزيادة الالتزام بضروبٍ شتـّى من الدعم، بما في ذلك الرعاية الطبية، وإعادة التأهيل، والدعم النفسيّ، والإدماج الاجتماعيّ والاقتصاديّ. وعلى عاتق جميع الدول الأطراف في الاتفاقية تقع مسؤولية كفالة نجاحها. ويجب حتى على الدول التي لا تمتلك مخزونات أو لا يوجد لديها مخلفات من الذخائر العنقودية على أرضها أن تقدم المساعدة، عندما تكون في وضعٍ يسمح لها بالقيام بذلك، للبلدان المتضررة بغية المساعدة على تنفيذ الاتفاقية.

وإضافةً إلى إحداث تأثير في مسلك الدول الأطراف وممارساتها، سيكون أيضـًا لاتفاقية الذخائر العنقودية تأثيرٌ على الدول التي لم تقم بعد بتوقيعها أو التصديق عليها. ومع اعتماد هذه الاتفاقية ودخولها حيز النفاذ، ينظر الآن عددٌ كبيرٌ من البلدان ووسائل الإعلام وعامة الناس إلى الذخائر العنقودية على أنها سلاحٌ موصومٌ بالعار. وسيزداد الأمر صعوبةً على أي دولة، أو جماعة مسلحة، في أن تستخدم الذخائر العنقودية في المستقبل.

ومع اعتماد "اتفاقية الذخائر العنقودية" ودخولها حيز النفاذ، يرسي القانون الدولي الإنساني إطارًا شاملاً لمنع ما يتعرض له المدنيون من معاناة جراء "الأسلحة التي لا يمكنها أن تتوقف عن القتل" ولوضع نهاية لهذه المعاناة. فاتفاقية حظر الألغام المبرمة في 1997، والبروتوكول المتعلق بالمخلفات المتفجرة للحرب المبرم في 2003، واتفاقية الذخائر العنقودية المبرمة في 2008 تشكل معـًا استجابةً بالغة الأثر للتداعيات الإنسانية التي تتمخض عنها الذخائر غير المنفجرة والأجسام المهجورة، وتمنح الأمل في مستقبلٍ تكون فيه المجتمعات قادرة على العيش من دون تهديد هذه الأسلحة.

الصور

أوسلو، ديسمبر/كانون الأول 2008. افتتاح مؤتمر توقيع  

أوسلو، ديسمبر/كانون الأول 2008. افتتاح مؤتمر توقيع "اتفاقية الذخائر العنقودية"
© ICRC

أكوامٌ من مواد حربية يعلوها الصدأ، من بينها قنابل، ومدافع هاون، وذخائر صغيرة غير منفجرة في مقاطعة  

أكوامٌ من مواد حربية يعلوها الصدأ، من بينها قنابل، ومدافع هاون، وذخائر صغيرة غير منفجرة في مقاطعة "شيانج خوانج"، لاوس.
© ICRC

في حقول مُقاطعة شيانغ خوانغ, إحدى فِرق إزالة الألغام تستخدم جهازًا للكشف عن الذخائر غير المنفجرة والأجسام المعدِنية الأخرى. 

في حقول مُقاطعة شيانغ خوانغ, إحدى فِرق إزالة الألغام تستخدم جهازًا للكشف عن الذخائر غير المنفجرة والأجسام المعدِنية الأخرى.
© ICRC / P. Herby / la-e-00953