العنف ضد المرأة في زمن الحرب: على الدول بذل المزيد من الجهد لوضع حد له
02-11-2010 تصريح
تتحمل الملايين من النساء والفتيات وطأة حروب اليوم. كما أنهن عرضة, خاصة,للعنف الجنسي والإصابات الأخرى. وبمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لقرار مجلس الأمن بشأن المرأة والسلام والأمن, تدعو السيدة "كريستين بيرلي", نائبة رئيس اللجنة الدولية إلى توفير حماية أفضل للنساء في زمن الحرب.
قبل عشر سنوات, وجدت الآمال والتطلعات التي أحاطت بالألفية الجديدة صوتا في مبادرات عالمية متنوعة كان هدفها النهائي تصحيح بعض أخطاء العالم الأكثر فداحة. ومن هذه المبادرات قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن الذي سلط الأضواء الدولية على الأثر غير المتناسب والمتفاوت للنزاعات المسلحة على النساء, ودعا إلى مشاركة المرأة بالكامل في حل النزاعات وبناء السلام. وأشار أيضا إلى الاعتراف السياسي بأن المرأة والمساواة بين الجنسين هما مفتاح السلام والأمن الدوليين.
وليست الذكرى السنوية العاشرة لهذا القرار التي تحل في تشربن الأول/ أكتوبر الوقت المناسب للاحتفال دون قيد بقدر ما هي مناسبة للتفكير الرصين في ما يجب – وما يمكن - القيام به لترجمة النوايا الحسنة إلى واقع ملموس وتحويل الكلمات إلى عمل هادف.
وسواء في جمهورية الكونغو الديمقراطية أو كولومبيا أو أفغانستان أو العراق - على سبيل المثال لا الحصر – فإن الملايين من النساء والفتيات يتحملن وطأة حروب اليوم. ويعزى ذلك غالبا إلى استهدافهن عمدا من باب التكتيك الحربي. وهن يتعرضن بشدة للعنف الجنسي والإصابات الأخرى. وتضطرهن الحرب في كثير من الأحيان إلى النزوح والانفصال عن أفراد عائلاتهن, وتعوقهن عن الحصول على الأغذية ومياه الشرب المأمونة والرعاية الصحية. وقد تجبرهن على إعالة أسرهن وتحمل مسؤولية كفالة عائلاتهن.
ويوفر القانون الدولي الإنساني قاعدة متينة لحماية النساء في زمن الحرب – من خلال اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية أساسا. وعلى سبيل المثال, يشكل العنف الجنسي على نحو لا لبس فيه جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
ومع ذلك, فإن الأعمال الوحشية المتواصلة ضد النساء في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ليست سوى تذكرة مروعة بأن القواعد القائمة تنتهك بشكل صارخ ودون عقاب في غالب الأحيان. وتشكل كفالة احترام القواعد تحديا دائما. وتقع المسؤولية الرئيسية في ذلك على كاهل الدول التي صادقت على اتفاقيات جنيف عالميا. ولا يجب على هذه الدول ضمان تنفيذ القانون فحسب, وإنما كفالة تنفيذه على وجه صحيح.
وبالفعل, أحرز بعض التقدم في التشريعات المحلية للدول حيث أصبحت تعترف بالمسؤولية الجنائية لأولئك الذين ينتهكون القانون الدولي الإنساني ومساءلتهم بالفعل عن جرائمهم. وقد عززت أيضا مختلف المحاكم الدولية والمحكمة الجنائية الدولية المساءلة عن جرائم الحرب.
ولكن الطريق لا تزال شاقة وطويلة. وينبغي للقوات المسلحة والجماعات المسلحة على حد سواء أن تفهم أن العنف الجنسي هو جريمة حرب, وأن المخالفين يعرضون أنفسهم للعقاب. وهنا تضطلع اللجنة الدولية بدورها في التدريب ونشر القانون الدولي الإنساني. ولكن على الدول وأجهزتها القضائية أن تضطلع بدورها أيضا. وهل من رادع لمجرمي الحرب المحتملين أقوى من رؤية تطبيق القانون في الواقع؟
لا شك أن الوقاية خير من العلاج. وعواقب استخدام العنف الجنسي كسلاح حربي يتعدى بكثير الأذى الشديد والصدمات النفسية الذي يصيب ضحاياه المباشرين: قد تؤدي هذه العواقب إلى زعزعة استقرار المجتمعات بشدة لفترة أطول حتى في مرحلة ما بعد النزاع. وقد ينجم عنها في نهاية المطاف و صم الضحايا بالعار ونبذهم, وانهيار المعايير الاجتماعية والثقافية, وعدم الاستقرار الاقتصادي.
ويحتاج التصدي لهذه العواقب إلى استجابة متعددة الأبعاد من الضروري أن يشارك فيها على نحو مباشر ضحايا العنف الجنسي أنفسهن ونساء معنيات أخريات. ويجب أن تشارك المرأة مشاركة كاملة في البحث عن حلول لمشاكلها إذا أردنا لهذه الحلول أن تكلل بالنجاح. ويجب على منظمات الإغاثة والجهات المانحة, بما فيها الدول, أن تسعى إلى ضمان دمج ذلك في برامجها في جميع مراحل النزاع المسلح - من الوقاية إلى الحماية وصولا إلى الانتعاش في مرحلة ما بعد النزاع. ووضع النساء في فئة الضحية السلبية يسلبها القوة ويفضي إلى نتائج عكسية, ويقصيها أكثر عن المشاركة في الجهود الإنسانية وجهود حفظ السلام.
وأتمنى كامرأة أن تبقى هذه الذكرى السنوية العاشرة لقرار الأمم المتحدة بشأن المرأة والسلام والأمن خالدة في الذاكرة لكونها تحتفي بإنجاز ملموس: إن الدول لا تأخذ خطوات ملموسة لتجريم العنف الجنسي في النزاعات المسلحة في تشريعاتها الوطنية فحسب, بل إن المخالفين يعرضون أنفسهم لحكم العدالة كما يجب. وعندئذ سيكون للمرأة في كل مكان من العالم سببا حقيقيا للاحتفال.