البوسنة والهرسك ، 1993. بالقرب من دوجي فاكوف ، إجلاء المدنيين من ترافنيك. تصوير: آنا فيريك / اللجنة الدولية للصليب الأحمر

كيف تساعد الممرات الإنسانية الناس في مناطق النزاع

ماذا يحدث للمدنيين الذين يريدون مغادرة مناطق النزاع ولكن يتعذر عليهم ذلك؟
مقال 03 حزيران/يونيو 2022 أوكرانيا سورية اليمن

وقد شاركت اللجنة الدولية في عمليات الممرات الآمنة، في أوكرانيا وسورية وبلدان أخرى، لمساعدة الأشخاص المحاصرين في الأعمال العدائية أو للوصول إلى ضحايا النزاعات المسلحة.

واليوم، نجيب على أسئلتكم بشأن العملية المعقدة لإنشاء ممرات آمنة أو ممرات إنسانية: إذ نتناول الأمثلة التوضيحية التاريخية وكيفية تنظيمها، ودور اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) فيها، والمخاطر التي تكتنفها، بالإضافة إلى غير ذلك من أسئلة شائعة.

ما الممر الإنساني؟

الممرات الإنسانية أو الممرات الآمنة هي في الأساس اتفاقات بين أطراف النزاع المسلح للسماح بمرور آمن لفترة محدودة في منطقة جغرافية محددة. يمكن أن تسمح هذه الممرات للمدنيين بالمغادرة، ودخول المساعدات الإنسانية، أو السماح بإجلاء الجرحى أو المرضى أو القتلى.

لا تعد الممرات الإنسانية حلًا مثاليًا، بسبب قيود نطاقها. ويجب حماية المدنيين من الأصل، سواء أبرم اتفاق ممر آمن أم لا، من آثار الأعمال العدائية، والسماح لهم بالجلاء عن المنطقة المحاصرة، ويجب أن تكون المنظمات الإنسانية قادرة على العمل متى وأينما دعت الضرورة لتقديم الحماية والمساعدة للمتضررين من النزاع المسلح.

ويجب على المشاركين في القتال ضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني بشأن سير العمليات العدائية من أجل حماية المدنيين، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المحتاجين.

كيف تحدد اللجنة الدولية فترات توقف العمليات لأسباب إنسانية؟

الوقفة الإنسانية هي تعليق مؤقت للأعمال العدائية لأجل أغراض إنسانية بحتة، يتفق عليها أطراف النزاع. وعادة ما يسري ذلك لفترة زمنية ومنطقة محددتين. وتجدر الإشارة إلى أن "الوقفة الإنسانية" و"الممر الإنساني" ليسا من مصطلحات القانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، توجد في القانون الدولي الإنساني قواعد مهمة يمكن أن تشكل إطارًا للمناقشات المتعلقة بالوقفات والممرات الإنسانية.

ما هو القانون الدولي الإنساني وماذا يقول عن الممرات الآمنة؟

القانون الدولي الإنساني هو مجموعة القوانين الملزمة لجميع أطراف النزاعات المسلحة، وهدفه الحد من آثار تلك النزاعات لأسباب إنسانية.

يحمي هذا القانون الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية أو كفوا عن المشاركة فيها بشكل مباشر، ويفرض قيودًا على وسائل وأساليب شن الحرب. ويُعرف القانون الدولي الإنساني أيضًا باسم "قانون الحرب" أو "قانون النزاعات المسلحة".

لا يرد في القانون الدولي الإنساني تعريف صريح للممرات الآمنة، وإن كان واضحًا – بدلًا من ذلك  - أن المدنيين مشمولون بالحماية، لا سيما من آثار الأعمال العدائية، أينما كانوا، وأن المنظمات الإنسانية غير المتحيزة مثل اللجنة الدولية يحق لها تقديم المساعدة الإنسانية للأشخاص المحتاجين.

وهذا يعني أنه حتى لو كانت هناك عملية ممر آمن خارج منطقة القتال العنيف، فإن أي مدني لا يستطيع، أو لا يرغب، في مغادرة المنطقة، يظل مشمولًا بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني ويمكنه الاستفادة من المساعدة الإنسانية.

أين استخدمت الممرات الآمنة من قبل؟

استخدمت الممرات الآمنة في السابق ويرجع تاريخها إلى عام 1936 خلال الحرب الأهلية الإسبانية.

بعد الهجمات على مدينة مدريد التي بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر 1936، حصلت اللجنة الدولية على تصريح في تموز/يوليو1937 لإجلاء بعض النساء والأطفال وكبار السن إلى فالنسيا. وفي الفترة من أيلول/سبتمبر إلى تشرين الثاني/نوفمبر 1937، اضطلع طابور مكون من 15 شاحنة تابعة للجنة الدولية بعمليات إجلاء لزهاء 2500 شخص.

ومن قبل ذلك، في نهاية عام 1936 وبداية عام 1937، أجْلَت اللجنة الدولية أيضًا أكثر من 500 شخص من بلباو إلى سان سيباستيان. انصب تركيز اللجنة الدولية على حالات الإجلاء التي تتطلب مقاربات متزامنة مع كلا الجانبين، وهو ما لا يمكن أن تفعله منظمة إلا اللجنة الدولية.

وفي أثناء كفاح إندونيسيا من أجل الاستقلال في عام 1946، يسرت اللجنة الدولية، من خلال الاتصالات مع أطراف النزاع، إجلاء 37000 محتجز هولندي وهندي-هولندي، وفي عامي 1947 و 1948، يسرت اللجنة الدولية إجلاء أكثر من 12000 مواطن صيني.

ويسرت اللجنة الدولية والهلال الأحمر العربي السوري إجلاء أكثر من 25000 شخص من شرق حلب إلى المناطق الريفية في حلب وإدلب في عام 2016. وأجلي زهاء 750 شخصًا في وقت واحد من الفوعة وكفريا بمحافظة إدلب شمال غرب سورية. ونُقل الجرحى إلى مراكز الرعاية الصحية، بينما تولت مجموعات مكونة من السلطات المحلية والجمعيات الخيرية والمجتمعات المضيفة تلبية احتياجات عشرات الآلاف من سكان شرق حلب الآخرين.

وساعدت اللجنة الدولية في تيسير المرور الآمن لآلاف المدنيين من سومي وماريوبول إلى مواقع أخرى في أوكرانيا منذ آذار/مارس 2022. وساعدت اللجنة الدولية وجمعية الصليب الأحمر الأوكراني أيضًا في تيسير المرور الآمن لآلاف المدنيين من سومي في 15 و 18 مارس / آذار  من العام الجاري. ووصل أكثر من 600 مدني إلى زابوريجيا قادمين من ماريوبول والمناطق المحيطة بها في أوائل أيار/مايو في ثلاث عمليات ممر آمن نسقتها اللجنة الدولية وأطراف النزاع والأمم المتحدة.

هل تستخدم الممرات الآمنة لتقديم المساعدات؟

يمكن أن تكون الممرات الآمنة وسيلة، من بين وسائل أخرى عديدة – وإن لم يكن الخيار المفضل لدى اللجنة الدولية – للوصول إلى المحتاجين لإيصال المساعدات. ومع ذلك، فإن التعقيد الذي يكتنف تصميم وتنفيذ الممرات الآمنة قد لا يجعلها الخيار العملي الأفضل.

هل الممرات الآمنة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للمدنيين والمعنيّين؟

رغم اتفاق الأطراف، تظل الممرات الإنسانية عمليات خطرة. وهي تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة للسكان المتضررين، والعاملين في المجال الإنساني المعنيين، والمتحاربين المعنيين. لا بد من إدارة هذه المخاطر بطريقة تقلل من الأضرار المحتملة بالنسبة إلى جميع أصحاب المصلحة.

أنقذت الممرات الإنسانية أرواح مئات الآلاف من الأشخاص على مدى العقود القليلة الماضية.

هل تحترم اللجنة الدولية الاختيارات الطوعية للمدنيين بشأن الوجهة التي يريدون الذهاب إليها عند إنشاء ممرات إنسانية؟

من الضروري احترام إرادة الناس، فيجب السماح لهم بالذهاب إلى حيث يظنون أنهم سيكونون في مأمن، أيا ما تكن وجهتهم أو الجانب الذي يقصدون. ومع أن عمليات الإجلاء المؤقتة قد تكون ضرورية بل واجبة قانونًا، إلا إنه لا يمكن إجبار المدنيين على مغادرة منطقة بلا رجعة.

ولنفترض أن المدنيين أصبحوا نازحين (لأنهم فروا أو تم إجلاؤهم من منطقة محاصرة). في هذه الحالة، يجب اتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان حصول الأشخاص المعنيين على مأوى ملائم، وحصولهم على الغذاء الكافي، ووصولهم إلى مرافق النظافة وتوفير الرعاية الصحية والحفاظ على سلامتهم (بما في ذلك سلامتهم من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي)، و ألا ينفصل بعض أفراد العائلة نفسها عن بعض.

ولا تساعد اللجنة الدولية أبدًا في تنظيم عمليات الإجلاء القسري أو تنفيذها. ينطبق هذا الأمر في كل مكان نعمل فيه. فنحن لا ندعم أي عملية ضد إرادة الأشخاص أو مبادئنا الأساسية أو القانون الدولي الإنساني.

هل تعتبر الممرات الآمنة غير قانونية إذا أجبر الناس على المغادرة؟

لا يجوز لأطراف النزاع المسلح، بموجب القانون الدولي الإنساني، إبعاد السكان المدنيين أو نقلهم قسرًا، كلهم أو بعضهم، ما لم يتطلب أمن المدنيين المعنيين ذلك، أو لأسباب عسكرية ملحة. وبغض النظر عن هذه الاستثناءات الضيقة، يجب أن يكون نقل وإجلاء الأشخاص المعرضين للخطر طوعيًا وبموافقتهم. يجب أن يحدث نقل وإجلاء الأشخاص المعرضين للخطر فقط في حالة استيفاء شروط معينة: فيجب الحصول على موافقة الأشخاص المعنيين ويجب أن تكون طوعية، ويجب الحفاظ على وحدة الأسرة، ويجب توفير جميع التصاريح والضمانات اللازمة من الأطراف ذات الصلة فيما يتعلق بأمور من بينها الممتلكات والوجهة والمسائل الأمنية والعودة اللاحقة.

فيديو- بصفتها منظمة إنسانية محايدة وغير متحيزة، تعبر اللجنة الدولية خط المواجهة لنقل الجرحى إلى بر الأمان. في عام 2013، نقلنا مصابين بجروح خطيرة من مدينة دماج في اليمن.