تمهيد الطريق لإنسانية أكثر في زمن الحرب

18 آذار/مارس 2016
تمهيد الطريق لإنسانية أكثر في زمن الحرب
أماني، أحدى موظفات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بصحبة أساتذة من الجامعة الإسلامية في غزة. CC BY-NC-ND/ICRC

المؤتمر الدولي حول القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية في غزة، تشرين الأول/أكتوبر 2015

في الوقت الذي يواجه فيه العمل الإنساني تحديات متزايدة في أنحاء الشرق الأوسط، فإن القانون الدولي الإنساني في حاجة ماسة لأن تتم معرفته وفهمه واحترامه بشكل أكبر. يعتبر التواصل مع الأوساط الأكاديمية والإسلامية جزءً رئيسياً من جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر للمساعدة في بناء بيئة مواتية لهذا الاحترام، وبالتالي المساهمة في الحد من تجاوزات الحرب وضمان وصول المساعدة الإنسانية لمن هم في أشد الحاجة لها.

 يساعد هذا التواصل أيضاُ في تعزيز فهم أفضل لتوافق القانون الإنساني مع قواعد الشريعة الإسلامية في النزاعات المسلحة ومع الدين الإسلامي بشكل عام.

بعد أكثر قليلاً من عام على انتهاء الحرب في عام 2014، عقد في غزة مؤتمر أكاديمي دولي كبير لبحث كيف يمكن لفرعين منفصلين في القانون أن يساعدا في توفير حماية أفضل للضعفاء والأبرياء وكيف لهما أن يضمنا الحد من المعاناة والدمار الناجمين عن الحرب. نظمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالشراكة مع الجامعة الإسلامية بغزة، مؤتمر القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية، والذي يعد الحدث الأول من نوعه في فلسطين. سعى المؤتمر لتعزيز الحوار واقتراح التوصيات التي تستند إلى الأرضية المشتركة بين هذين القانونين في الوقت الذي تناول فرعين مختلفين من القانون. في حين عقده في جو أكاديمي آمن، ساعدت الأحداث المحلية والإقليمية - الحالية والماضية - الجمهور في النظر إلى التحديات الحقيقية التي تفرضها الحروب الحديثة والحضرية على احترام القيم الإنسانية الأساسية.

حضر المؤتمر مئات من علماء الدين الإسلامي وخبراء القانون من فلسطين بينما انضم مشاركون من الجزائر والسودان ولبنان وليبيا ومصر والعراق وقطر وتونس والمملكة السعودية والبحرين بواسطة نظام الفيديو كونفرنس. وعلى مدار اليومين، ناقش باحثون في الشريعة الإسلامية والقانون وعلماء الدين، والعديد منهم معروف في مجاله، جنباً إلى جنب مع خبراء في القانون الدولي الإنساني وممثلين عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعن مؤسسات إنسانية وحقوقية أخرى. شارك آلاف طلاب كليات الشريعة والقانون في قطاع غزة في المؤتمر جنباً إلى جنب مع ممثلين عن المؤسسات السياسية والقيادات والمجتمع المدني، مما أثرى النقاشات.

قالت آلاء، الطالبة في كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بحماسة: "لقد حرصت على حضور يومي المؤتمر لأنني شعرت بأهمية الموضوع. إنها المرة الأولى التي أشهد حضور حدث كهذا وقد أثار فضولي تنوع المشاركين من دول كثيرة والمواضيع التي تم طرحها. أشعر الآن بالحماسة للبحث في المواضيع التي ناقشها المؤتمر."

كان المؤتمر فرصة فريدة لعلماء من مختلف الأوساط الإسلامية للنظر في القواسم المشتركة بين القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية من جهة وبين التحديات المعاصرة لتعزيز احترام أكبر لمبادئهما الأساسية. عرض ما يقارب الخمسون بحثاً خلال المؤتمر، تفاوتت مواضيعها من حماية الجرحى والأسرى والطواقم الطبية والعاملين في المجال الإنساني والكرامة الإنسانية والممتلكات الثقافية والأعيان المدنية بالإضافة إلى سير العمليات العدائية ومبادئ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية. زيادة على تسليط الضوء على مجالات التعاون بين هذين الفرعين من القانون، طرحت أسئلة جوهرية حول كيفية تحسين آليات احترامهما خاصة في ضوء الأسلحة الحديثة وواقع الحرب.

يقول الدكتور نمر أبو عون، المرشد في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية والمشارك في المؤتمر: "قدمت في هذا المؤتمر أبحاثاً قيمة جداً. فقد تعرضت الأبحاث لحقوق الضحايا التي أبرزتها الديانات جميعاً. وجاء هذا المؤتمر ليبرز هذه المعاني ويربط ما بين الديانات السابقة والقانون الدولي الإنساني وكلها لا يوجد بها تعارض. كان مؤتمراً مثمراً وأدعو للمزيد من هذه المؤتمرات."
ومن ناحيته، أكد الدكتور ماهر السوسي، عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية بغزة على أن المؤتمر "كان فرصة حقيقية وجيدة لإيصال المبادئ الأساسية للإسلام وإبراز وسطيته في العمل على تقليل فرص النزاعات والحروب المسلحة إلى أقصى مدى ممكن."
وكان أبرز مخرجات هذا المؤتمر مجموعة النتائج والتوصيات التي استخلصتها اللجنة العلمية القائمة على المؤتمر بقيادة الجامعة الإسلامية بغزة، والتي سيتم نشرها في التقرير المقبل حول المؤتمر ليتم نشرها عبر الأوساط الأكاديمية والإسلامية. واتفق المشاركون على أن إجراء المزيد من البحث في هذا الموضوع ضروري للمساعدة في تخفيف المعاناة البشرية خلال الحرب.
واختتم رونالد أوفترينجر، مستشار اللجنة الدولية لشؤون العالم الإسلامي، المؤتمر بقوله: "كان لدينا حضوراً كبيراً من الطلبة خلال جلسات المؤتمر. حضور من الشباب ومن فئة الطالبات وهذا جانب هام للغاية يدل على اهتمام الشباب بالحوارات حول القضايا الإنسانية والمحافظة على احترام الإنسانية مع الأجيال الشابة القادمة. شعرنا بالتزام واهتمام كبيرين ممن حضروا المؤتمر."

 للإطلاع على التوصيات والنتائج التي خرج بها المؤتمر، يمكنكم زيارة الرابط التالي : http://sharea.iugaza.edu.ps/الأخبار/تفاصيل-الموضوع/id/19626