طريق اللقاء

هذا هو كل ما تملكه هذه العائلات الفلسطينية

13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018

التصريح، بطاقة الهوية، النقود... تستيقظ قبل الفجر مرة كل شهر، وفي تلك الليلة لا تتمكن من النوم أصلاً وهي تحاول استذكار بنود القائمة التي حفظتها داخل رأسها. هي تعرف جيداً الأمور التي ينبغي عليها إحضارها وما يجب عليها فعله، إلا أن مشاعرها تتغلب عليها فتخشى دائماً أن تنسى شيئاً، إذ قد يعني ذلك عدم التمكن من إتمام الزيارة وهي لن تستطيع أن تسامح نفسها إن حصل ذلك. خمسٌ وأربعون دقيقة هم أغلى ما تملك، فهي تتوق  إليهم وتخشاهم في آنٍ واحدٍ.

لا تزال السماء مظلمة لحظة وصولها إلى الشارع حيث تنتظر الحافلات الركاب. ترى هناك العديد من الوجوه المألوفة وبعض الوجوه الجديدة. يصبّ سائقو الحافلات القهوة في أكواب ورقية صغيرة بينما يشتري الركّاب الطعام، فأمامهم رحلة مرهقة تستمر اثنتي عشرة ساعة: حافلة فلسطينية وأخرى إسرائيلية متعاقبتان وساعات طويلة من الانتظار على الحاجز، ناهيك عن عملية التفتيش القاسية التي يمرّون بها قبل دخولهم إلى السجن.

في الطريق إلى السجن، تحاول تذكير نفسها بجميع الأمور التي ينبغي أن تخبره إياها عبر الهاتف ومن خلال الفاصل الزجاجي: أخبار العائلة والقيل والقال في الحي وكم هم يشتاقون إليه. ثم يلي ذلك شهر جديد من الانتظار، فيكون الغياب كفجوة متسعة تحاول سدّها بحفنة من الذكريات والثياب القديمة والكتب والرسائل والصور.

تقلّ حافلات اللجنة الدولية للصليب الأحمر(اللجنة الدولية)  كل عام ما يزيد عن 100,000 شخص من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية لزيارة أقربائهم المعتقلين في إسرائيل. إن وراء تلك الأرقام أشخاص، ولكل منهم قصة عمّا يعنيه غياب شخص عزيز عنهم.

إنّ إبقاء التواصل مع أفراد العائلة حاجةٌ إنسانيةٌ أساسيةٌ وحقٌّ ممنوحٌ للمعتقلين بموجب القانون الدولي الإنساني. وقد مضى على برنامج الزيارات العائلية الذي تنفّذه اللجنة الدولية خمسون عاما نظّمت خلالهم زيارات العائلات الفلسطينية لأحبائها المعتقلين في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، بما يعنيه ذلك من تسهيل استصدار التصاريح وتنظيم المواصلات ومساعدة المعتقلين على تبادل الأخبار مع أقربائهم من خلال رسائل الصليب الأحمر. وقد تمكنت اللجنة الدولية من تيسير أكثر من 3.5 مليون زيارة عائلية منذ عام 1968.