اليوم العالمي للصليب الصليب الأحمر والهلال الأحمر 2016
كلمة السيد تداتيرو كونوي، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والسيد بيتر ماورير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر
إن اليوم العالمي للصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي يُحتفل به يوم 8 مايو يمثل فرصة للاحتفاء بشجاعة وإنجازات 17 مليون متطوع وزهاء نصف مليون موظف يعملون على ضمان وفائنا بالتزاماتنا الإنسانية كل يوم بحضورهم قبل وقوع كارثة أو أزمة صحية أو نزاع وفي أثنائه وبعده. فنحن محليون ودوليون، مستقلون ومحايدون في آن واحد، نحن هنا من أجل الجميع في كل مكان.
وقد أتاحت لنا مهمتنا كرئيس للجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) وكرئيس للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (الاتحاد الدولي) مشاهدة قوة حركتنا وتنوعها عن كثب، وادراك ما تعنيه عبارة "من أجل الجميع في كل مكان" لكل من اللجنة الدولية والاتحاد الدولي وجمعياتنا الوطنية الأعضاء المائة والتسعين التي تضمن وضع الواجب الإنساني في صدارة أولوياتنا.
وفي توفالو، تعني عبارة "من أجل الجميع في كل مكان" أن 11 شخصًا من سكان جزيرة بابيليزي – وهي من أصغر وأبعد المجتمعات المحلية في العالم- قد تلقوا تدريبا ودعما في مجال التأهب للكوارث على يد الصليب الأحمر التوفالوي، ويتلقون على هواتفهم المحمولة رسائل إنذار باقتراب إعصار أو موجة سنامية.
إن عبارة "من أجل الجميع في كل مكان" تعني مساعدة الجماعات المهمشة والموصومة. لقد أعدّ الصليب الأحمر الإيرلندي برنامجا للصحة والإسعافات الأولية فاز بعدة جوائز، الغرض منه مساعدة السجناء على اكتساب مهارات مفيدة خلال فترة إعادة تأهيلهم. ويستفيد من هذا البرنامج ما يزيد على 4000 سجين و12.000 موظف وفرد من أفراد الأسر كل يوم.
كما تعني عبارة "من أجل الجميع في كل مكان" البقاء لمساعدة المحتاجين حتى عندما يفّر آخرون كثيرون. فعندما أدى تفشي وباء إيبولا المخيف في غرب أفريقيا إلى تدمير حياة السكان في سيراليون وغينيا وليبريا، كان متطوعو الصليب الأحمر أول من هبّ لتقديم المساعدة على الرغم من الخطر المهول الذي يمثله المرض. وسُئل أحد المتطوعين عن سبب بقاءه فرّد قائلا:" إن لم نقم بالعمل نحن في الصليب الأحمر، فمن سيقوم به؟".
وتعني العبارة أيضا أن الناس الذين يهجرون منازلهم هروبا من الحرب أو الاضطهاد أو الكوارث، يمكن أن يظلوا على اتصال بأفراد أسرهم أو أن يبحثوا عن أقاربهم المفقودين عن طريق الشبكة العالمية للحركة المعنية بإعادة الروابط العائلية.
وفي سورية، تعني عبارة "من أجل الجميع في كل مكان" مجازفة الفرد بحياته واحتمال إصابته بجراح في سبيل توفير أكثر المساعدات الإنسانية إلحاحا لمَن هُم في أشد الحاجة إليها. ومنذ أن بدأ النزاع في سورية قبل ما يزيد على خمس سنوات، لقي 53 متطوعًا وموظفًا في الهلال الأحمر العربي السوري، وثمانية متطوعين وموظفين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني حتفهم وهم يقدمون الخدمات الأساسية كالغذاء والماء والبطانيات والرعاية الطبية.
وفي عالم شديد التعقيد يزداد تعرضا للمخاطر، عالم تعمه الأزمات الصحية والنزاعات المطوّلة والهجرة والنزوح وتزايد عدد الكوارث الطبيعية الناجمة عن تغيّر المناخ، والتهديد المتواصل الذي تمثله الأسلحة النووية والمخاطر التكنولوجية، باتت عبارة "من أجل الجميع في كل مكان" تطرح تحديًا متزايدا. إن أنشطتنا في مجال مواجهة الكوارث والتنمية وبرامج تعزيز مقومات الصمود، فضلا عن إغاثة ضحايا النزاعات المسلحة، تشمل كل عام ملايين الأشخاص. ولكن تزايد التعرض للمخاطر ستصاحبه زيادة في الاحتياجات الإنسانية.
ولكي نواصل خدمة الجميع في كل مكان علينا أن نستخدم شبكتنا العالمية من أجل تعزيز القدرات المحلية. واليوم، وإذ نحتفل بحركتنا وبموظفيها ومتطوعيها الشجعان والمتفانين، سنفكر أيضا في كيفية العمل مع الأفراد والجماعات والحكومات لمساعدة كل مَن يحتاج إلى خدماتنا بأحسن شكل ممكن، وفي سُبل التقليل من درجة تعرضهم للمخاطر وتعزيز قدرتهم على الصمود، وتحسين خدماتنا ومساءلتنا.
سنسعى جاهدين إلى تحسين فرص الحصول على الرعاية الصحية والعمل على الوقاية من الأمراض غير المعدية، ودمج أنشطة الحد من خطر الكوارث في استراتيجيات التصدي لتغيّر المناخ، وتعزيز الأطر القانونية واحترام القانون الدولي الإنساني، وضمان الوصول الآمن دون عقبات إلى السكان المتضررين من النزاعات، والاستثمار في القادة الشباب.
وفي وقت لاحق من هذا الشهر، في مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني في اسطنبول، سنعيد تأكيد التزمنا بالإنسانية بإعلاء صوتنا جماعيًا سعيًا إلى تعزيز الأمان والسلام والصمود في عالمنا، وبيان الدور الفريد الذي تقوم به حركتنا لمساعدة المحتاجين.