العمل سويًا لجعل قطاع غزة أكثر أمانًا
لم يمر شهر تقريبًا طيلة السنوات الثلاث الماضية دون أن يشهد قطاع غزة حادثًا سببه مخلفات الحرب القابلة للانفجار. ولا ويشكل العدد الكبير من الأسلحة المتبقية من جراء النزاع في قطاع غزة بالإضافة إلى المواد الكيميائية السامة المنتَجة والمخزنة صناعيًا، تحديات طويلة الأمد لحياة الناس وسبل عيشهم فحسب، بل يعيق أيضًا الجهود الإنسانية وجهود التنمية.
وسيستغرق تطهير قطاع غزة من تلك المخاطر سنوات عديدة، وربما يمتد الأمر لعقود. وفي الوقت الراهن، يكتسي توعية السكان المحليين بشأن تلك المخاطر أهمية حاسمة.
وتعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) منذ عام 2014 مع دائرة هندسة المتفجرات (التابعة للإدارة العامة للأدلة الجنائية بجهاز الشرطة الفلسطينية) والدفاع المدني الفلسطيني لجعل قطاع غزة أكثر أمانًا لسكانه. بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل تعزيز سلامة موظفيها وفعالية عملهم، قدم فريق اللجنة الدولية المعني بالتلوث بالأسلحة تدريبًا في مجال تقييم المخاطر والتثقيف بشأنها وتبرع بمعدات.
الالتفاف حول هدف مشترك
تعمل اللجنة الدولية ودائرة هندسة المتفجرات معًا للتخفيف من مخاطر الذخائر غير المنفجرة ولضمان قدرة قطاع غزة على التصدي بفعالية لتلك المخاطر أثناء حالات الطوارئ. ويقول أبو هاني، رئيس العمليات في الإدارة العامة للأدلة الجنائية وهندسة المتفجرات بشرطة غزة: "نتشارك نفس الهدف مع اللجنة الدولية: وهو حماية المدنيين المعرضين لخطر مخلفات الحرب القابلة للانفجار ومساعدتهم".
وأضاف: "قدمت لنا اللجنة الدولية أدوات السلامة الأساسية التي أدت إلى تحسين سلامة الموظفين، ما ساعدنا أيضًا على الاستجابة بسرعة أكبر للمدنيين الذين يبلغون عن وجود ذخائر غير منفجرة على أراضيهم. وبفضل هذا الدعم، تمكنا من الوصول إلى أراضٍ في المناطق الحدودية وإزالة ذخائر من مزارع مهجورة، ما مهد الطريق للمزارعين لزراعة أراضيهم وإدرار المزيد من الدخل لعائلاتهم".
وبفضل عمليات التطهير في الفترة بين عامي 2015 و2019، تمكن أكثر من 600 مزارع من زراعة محاصيل على مساحة 6,200 دونم من الأراضي الزراعية الواقعة على بعد 100 و300 متر من السياج الأمني، ما أدى إلى زيادة الإنتاج الغذائي في قطاع غزة. والتربة في المنطقة الحدودية ملائمة لزراعة مختلف المواد الغذائية، مثل القمح والبازلاء والبطيخ، ويعتقد الكثير من السكان المحليين أن مستقبل القطاع الزراعي في غزة يعتمد على القدرة على زراعة هذه الأراضي.
الحيلولة دون وقوع حوادث ناجمة عن مواد كيميائية سامة
أصبح جليًا بعد النزاع الذي شهده القطاع في عام 2014، مدى تعرض قطاع غزة لحوادث متصلة بمواد كيميائية صناعية سامة. وفي الوقت ذاته، يفتقر الدفاع المدني الفلسطيني، وهو السلطة المسؤولة عن الاستجابة لمثل هذه الحوادث، إلى التدريب والمعدات اللازمة.
ويعمل المهندس محمد أبو جلمبو، مدير إدارة الإطفاء والإنقاذ في المديرية العامة للدفاع المدني، على تحديد وفهم المخاطر التي يواجهها الناس في حياتهم اليومية وعملهم. ويتواصل مع اللجنة الدولية بصفة منتظمة، لا سيما بشأن كيفية تعزيز استجابة إدارته للحوادث. ففي البداية، كانت الفكرة من وراء التعاون هي زيادة التأهب للكوارث، لا سيما في ما يتعلق بالمواد الكيميائية الصناعية السامة.
ويقول أبو جلمبو: " قدمت لنا اللجنة الدولية من خلال وحدة التلوث بالأسلحة الخبرة والمشورة الفنية اللازمتين للتخفيف من حدة المخاطر الناشئة عن الحوادث لكل من المستجيبين والسكان المحليين. وتعتمد استجابتنا الفعالة بشكل كبير على قدرتنا على تدريب موظفينا على البقاء بأمان أثناء الاستجابة لحالات الطوارئ بأسرع طريقة ممكنة".
وشكّل إنشاء المشروع التجريبي "المسح الوقائي الشامل في المنشآت الصناعية الخطرة" بالتعاون مع اللجنة الدولية خطوة مهمة في سبيل تعزيز استجابة الدفاع المدني الفلسطيني في حالات الطوارئ. ومن خلال اعتماد منهجية التخطيط المسبق والتأهب للطوارئ، وتحديد المخاطر المحتملة التي تشكلها المنشآت الصناعية الخطرة على السكان والمستجيبين الأولين للطوارئ، وتحليلها وتقييمها، تمكن الدفاع المدني الفلسطيني من تحويل نهجه من نهج يقوم بصورة أساسية على رد الفعل إلى نهج يتوقع حالات الطوارئ وعلى استعداد للاستجابة لها.
وتبشر استجابة الدفاع المدني الفلسطيني في زمن أسرع وقدرته المعززة على التعامل مع العديد من المخاطر بأمان وحماية المدنيين، بمستقبل أفضل.