منذ تأسيس المحاكم الجنائية الدولية المخصصة واعتماد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، شرعت البلدان الأوروبية – وعلى وجه التحديد بلدان جنوب شرق أوروبا - في رفع دعاوى أمام المحاكم المحلية بغرض مقاضاة مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة، بما في ذلك انتهاكات القانون الدولي الإنساني، ومعاقبتهم. ويشكل العدد الهائل من قضايا جرائم الحرب في جنوب شرق أوروبا التي يتعين على السلطات القضائية الوطنية النظر فيها اختبارًا لتنفيذ مبادئ القانون الدولي، والتي لا يزال بعضها قيد التطوير (على سبيل المثال مبادئ القانون الجنائي الدولي).
ومن المهم أن نشير إلى أن مسؤولية المقاضاة عن ارتكاب هذه الجرائم الدولية ومنعها تقع في المقام الأول على عاتق الدول: ولا تضطلع السلطات القضائية الجنائية الدولية إلا بدور ثانوي في هذا المسعى. فضلًا عن ذلك، تفتقر المحاكم الدولية المخصصة إلى القدرة على محاكمة جميع المشتبه في ارتكابهم انتهاكات وأعمال وحشية واسعة النطاق، على غرار تلك التي ارتكبت في منطقة البلقان. ومن ثم فإن الإجراءات الوطنية هي أكثر السبل فاعلية وأفضلها من الناحية العملية لتقديم الجناة إلى القضاء. وفي معظم الحالات تكون هذه الإجراءات مفضلة نظراً لقربها من مسرح الجريمة ومن ضحاياها، وهو ما يتيح للضحايا فرص اللجوء إلى القضاء.
وفي يومي 19 و20 أيار/مايو 2014، نظمت اللجنة الدولية، بالتعاون مع مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وبعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في البوسنة والهرسك، ومحكمة البوسنة والهرسك، والسفارة السويسرية في سراييفو، مؤتمراً إقليمياً مشتركاً في سراييفو، جَمَع القضاة وممثلي الادعاء ومحامي الدفاع من مختلف الدول الأوروبية الذين يتعاملون مع مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب لمناقشة دور السلطات القضائية المحلية في تنفيذ القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي وقانون حقوق الإنسان. وتزامن هذا المؤتمر مع الذكرى السنوية المائة والخمسين لاتفاقية جنيف الأولى (1864) التي تنص على القواعد الأولى للقانون الدولي لحماية ضحايا النزاعات المسلحة. وأتاح المؤتمر فرصة لتقييم مدى الملاحقات القضائية المحلية لانتهاكات القانون الدولي في أوروبا.
