ميريانا سبولياريتش:

ميريانا سبولياريتش: "يمكننا تعزيز مستوى حماية الأطفال في النزاعات المسلحة باعتبارها أولوية سياسية"

مع أن اتفاقية حقوق الطفل هي أكثر الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان حصولًا على تصديق من دول العالم، إلا إن رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية)، ميريانا سبولياريتش، تؤكد أن المجال لا يزال مفتوحًا لبذل جهود لازمة لحماية الأطفال في النزاعات المسلحة.
تصريح 06 حزيران/يونيو 2023

خطاب ألقته السيدة ميريانا سبولياريتش، رئيسة اللجنة الدولية، في مؤتمر حماية الأطفال في النزاعات المسلحة المنعقد في أوسلو (06/06/2023)

 

السيد الوزير.. الزملاء الأعزاء..

ما تزال النزاعات المسلحة تدمر حياة ملايين الأطفال.

عندما أزور مناطق مختلفة حول العالم في مهمات رسمية، أرى أطفالًا. رأيت في مالي وسورية وأوكرانيا كيف يطبع العنف والدمار آثارهما على جميع جوانب حياتهم. ووجه الطفل لا يمكن أن يخفي مشاعر الخوف، الخوف من تراكم معاناة فوق معاناة.

وسواء حضرتْ فِرقُنا عند الخطوط الأمامية أو في المخيمات أو مرافق الاحتجاز وفي قلب المدن، فإننا نسمع روايات مرعبة في كل مكان تعمل فيه اللجنة الدولية.

فالأطفال:

  • ما يزالون يُساقون إلى التجنيد
  • ويُقتلون ويُصابون
  • ويُضطرون إلى النزوح والعيش في مخيمات
  • ويُحتجَزون تعسفًا ويقبعون في أماكن الاحتجاز في ظروف بائسة
  • ويُفصلون عن عائلاتهم
  • ويتعرضون لانتهاكات عديدة، ومنها العنف الجنسي.

وهم محرومون من التعليم النظامي.

غير أن القانون الدولي الإنساني يتيح ضمانات حاسمة لضمان استمرار الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال في أثناء النزاع المسلح. وهو يمنح أيضًا الأطفال المتضررين من جراء النزاعات المسلحة احترامًا وحماية خاصَّين، بما في ذلك:

  • معاملتهم معاملةً تلائم سنَّهم في أماكن الاحتجاز
  • حصولهم على التعليم والغذاء والرعاية الصحية
  • لم شمل الأطفال غير المصحوبين بذويهم
  • حمايتهم من التجنيد

وبرغم هذه الضمانات تطبَّق القوانين والمعايير بشكل انتقائي على بعض الأطفال، ولا تطبق على آخرين.

ويستهدَف الأطفال بالهجمات ويتعرضون للتعذيب والتجويع ويُحتجزون لمجرد انتمائهم إلى الطرف العدو.

يعيش الأطفال منذ عدة سنوات في شمال شرق سورية في مخيمات أو منفصلين عن عائلاتهم ويُنقلون إلى السجون، لأسباب منها ما هو في إطار تدابير مكافحة الإرهاب.

يُعاقب الأطفال على التجاوزات المفترضة لوالديهم أو مجتمعاتهم المحلية. ويعاقبون على ولادتهم في المخيمات، من فرط سوء حظهم.

ومخيم الهول أحد أكثر الأزمات تعقيدًا في مجال حماية الأطفال في السنوات الأخيرة.

يشمل القانون الدولي الإنساني جميع ضحايا النزاع بالحماية. وهذا يعني جميع الأطفال الذين يُجندون، ويُؤسرون، ويُحتجزون.

الطفلُ طفل؛ فلا قبول ولا تبرير لأي ممارسة تمييزية ضد الأطفال.

وللتخفيف من معاناة الأطفال في النزاعات المسلحة، تتواصل اللجنة الدولية مع حاملي السلاح بشأن مسائل حماية الأطفال وتساعد العائلاتِ في العثور على أطفالها المفقودين، وتزور الأطفال المحتجزين، وتقدم المساعدات الإنسانية والرعاية الطبية.

إن حماية الأطفال في النزاعات المسلحة تقع في صميم احترام القانون الدولي الإنساني.

وقد تم التصديق على اتفاقيات جنيف عالميًا، أمّا اتفاقية حقوق الطفل فهي أكثر اتفاقيات حقوق الإنسان التي حصلت على تصديق على مستوى العالم. ومع ذلك، ثَمَّ جهد لا بد أن يبذل حتى تحظى بعض معاهدات الحماية وأطر السياسات الإضافية بتصديق عالمي.

والأهم من ذلك، احترام القانون الدولي الإنساني وضمان احترامه.

وهذا المؤتمر هو الوقت المناسب كي تمضي الدول قدمًا في قوانينها وسياساتها والتأثير على الآخرين للقيام بذلك. واللجنة الدولية تطلب التزامات ملموسة:

أولًا: الانضمام إلى المعاهدات التي تحظر تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة. لقد آن أوان أن تكون هذه المعاهدات عالمية.

على الرغم من إدراك الدول فظاعة تجنيد الأطفال، لم ينضم جميعها إلى مجموعة القوانين التي تحظر هذه الممارسة، ومنها هذه الصكوك:

  • البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة
  • البروتوكولان الإضافيان الأول والثاني لاتفاقيات جنيف
  • النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ثانيًا: تقديم حماية مجدية لجميع الأطفال الذين جندتهم القوات المسلحة والجماعات المسلحة وتكثيف الجهود الرامية إلى إطلاق سراحهم وإعادة إدماجهم في المجتمع.

يجب اعتبار الأطفال المجندين ضحايا أولًا وأخيرًا. ويجب أن يكون الاحتجاز الملاذ الأخير، غير أنه في كثير من الأحيان يكون احتجازهم القاعدة لا الاستثناء.

وندعو الدول إلى اعتماد مبادئ باريس واتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذها. وهي توفر التوجيه للإفراج عن الأطفال المجندين وإعادة إدماجهم في المجتمع، لضمان مصلحتهم المُثلى.

ثالثًا: اتخاذ إجراء – في صفوف القوات المسلحة لبلدكم – لمنع العواقب الوخيمة لحروب المدن على الأطفال.

يجب تناول مسألة الحماية الخاصة التي يحظى بها الأطفال في عقيدة حروب المدن وفي مرحلة التخطيط وإدماجها في التدريبات العسكرية.

غالبًا يكون الأطفال الفئة الأكثر عرضة للموت من جراء آثار الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان ويعانون أكثر من غيرهم من عواقب انهيار الخدمات الصحية والتعليمية.

وعلى وجه الخصوص، ينبغي أن تصدِّق دول أكثر على الإعلان السياسي بشأن "تعزيز حماية المدنيين من العواقب الإنسانية الناجمة عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة" وأن تتخذ الخطوات المناسبة لتنفيذه.

السيد الوزير.. الزملاء الأعزاء..

يمكننا الآن أكثر من أي وقت مضى أن نعزز حماية الأطفال في النزاعات المسلحة باعتبار حمايتهم أولوية سياسية وأن نضمن الحصول على التمويل اللازم لهذه الحماية.

ولهذا السبب أعربُ عن امتناني للنرويج على دعوتها لانعقاد هذا المؤتمر المهم، وشكرًا لكم على منحي فرصة التحدث إليكم اليوم.