إسرائيل والأراضي المحتلة: لقد تغيّرت حياتي إلى الأبد
جبل صبيح، الضفة الغربية - منذ أيار/ مايو 2021، فَقَدَ عشرة فلسطينيين حياتهم، بينهم طفلان، وجُرح كثيرون وأُصيب آخرون بإعاقات جرّاء المواجهات المستمرة على جبل صبيح في بيتا.
وسط محاولات المستوطنين الإسرائيليين لإعادة إنشاء بؤرة استيطانية على جبل صبيح خلافًا للقانون، عبّر الفلسطينيون سكّان المنطقة عن معارضتهم من خلال المسيرات والاحتجاجات، مما أدخلهم في مواجهات مع قوات الجيش الإسرائيلي.
بيتا هي موطن لـــِ 5000 فرد، لكلّ منهم أسرة مرّت بمحنة على مدار العام الماضي. يقول سعيد محمد أحمد حمايل الذي فَقَدَ ابنه محمد البالغ من العمر 16 عاماً: "إذا دخلت أي منزل وسألت عمّا مروا به، فسيقولون لك إما أنهم فقدوا شخصاً أو تعرّضوا لإصابة أو أنّ أحد أفراد الأسرة قد أُصيب بإعاقة أو قد اعتُقل".
فيما يلي خمس شهادات يروي سكّان بيتا من خلالها كيف غيّرت المواجهات حياتهم إلى الأبد منذ بدئها عام 2021.
والد منكوب - سعيد محمد أحمد حمايل، 49 عاماً، قُتل ابنه قبل أن يتمّ 17 عاماً
سيكون المنزل الجديد قريباً من المقبرة، ولسببٍ ما وحدها أم محمد تدركه جيّداً، ستشعر بأنّها أصبحت أقرب لابنها.
كنتُ أعمل موظفاً في وزارة العمل الفلسطينية. تقاعدت مبكراً لأنني لم أستطع الاستمرار في عملي بسبب وضعي الحالي. في عام 2021، قُتل ابني، وغيره الكثير من الأطفال.
وُلد ابني محمد في الرابع من آب/ أغسطس عام 2004. قُتل قبل شهرين من بلوغه السابعة عشرة من العمر. كان من أذكى الطلاب في مدرسته. كان اجتماعياً، يحب الناس، ولديه شخصية لامعة. كان دائماً يجمع الطلاب والمعلمين حوله. كان يحلم بالذهاب إلى الكلية والتخصص في القانون. ذهبت كل أحلامه وآماله سدىً. كان محمد يحبّ الكتابة، كان شغوفاً للغاية.
ليس بيدي حيلة. لا أستطيع فعل أي شيء لحماية أطفالي. لا أقدر حتى على حماية نفسي، فكيف سأحميهم؟ موت ابني حطّمني أنا وإخوته ووالدته. أحاول أن أحافظ على رباطة جأشي، ولكن دون جدوى.
لا يهمّني توثيق الجرائم بعد الآن. لدينا ما يكفي من الوثائق والإثباتات. نحن نريد أن تتوقف أعمال العنف. نحن آباء، نشعر ونهتم بأبنائنا ونخاف عليهم.
والد منكوب - سعيد محمد أحمد حمايل، 49 عاماً، قُتل ابنه قبل أن يتمّ 17 عاماً
كان حبيبي - أم علي، أرملة عماد علي دويكات
كان رجلاً مثالياً. كان بمثابة كلّ شيء بالنسبة لي، الصديق والأخ والزوج. كان حبيبي، قضينا معاً 11 عاماً، أكاد لا أصدق كيف سأمضي بقية حياتي بدونه. لا بدّ أن أستجمع قواي من أجل بناتي، ليس لديّ أيّ خيار آخر.
حاولتُ جاهدةً العثور على عمل في مجال التدريس لكي أعيل أطفالي. اعتدتُ أالبقاء في المنزل مع الأطفال، أقضي معظم يومي الآن في رعاية الآخرين والاهتمام بهم، أشعر وكأنني حيّةٌ ميّتة. لا طعم للحياة بدونه.
لا تقوى ابنتي البكر على الحديث عن والدها، حتى أنّها لم تزر قبره بعد. أحاول إقناع الفتيات بالتعبير عن مشاعرهنّ، لكن هنّ أيضاً يواجهن صعوبة في الحديث عمّا جرى.
أطلق زوجي لقباً على كلّ من البنات، لكن لم تتح له فرصة اختيار لقب لابنه الرضيع. وصف آلاء بأنها "أوّل وأكبر فرحة"، وأطلق على ابنتنا الثانية بيلسان لقب "حارستي الشخصية وحاميتي" لأنها قوية، أمّا ابنتنا الثالثة فكان يلقّبها "حركوشة" لأنها مثيرة للمشاكل، ولقّب رؤى "السنفورة الصغيرة" لأنها صغيرة الحجم.
كان حلمه أن تحصل الفتيات على ألقاب جامعية في شتّى التخصصات. توقّع أن تصبح آلاء طبيبة وبيلسان مهندسة في يومٍ من الأيام. لطالما أراد أن يراهنّ يحققن إنجازات عظيمة في حياتهنّ، لقد اهتم بتعليمهنّ بشدة. إنّ مشاركته في الاحتجاجات على الجبل في ذلك اليوم كانت أيضاً في سبيل حماية أسرته وتأمين مستقبل بناته.