مقال

لماذا تناقش اللجنة الدولية للصليب الأحمر أحكام الحرب في التشريع الإسلامي في أستراليا

بين القانون الدولي الإنساني وأحكام الحرب في التشريع الإسلامي قواسم مشتركة أكثر مما قد تظن. وإليك السبب الذي يحدو باللجنة الدولية أن تأخذ على محمل الجد التداخل بين هذين التقليدين القانونيين.

إن المبادئ التي يرتكز عليها القانون الدولي الإنساني تسمو فوق الحضارات والثقافات والموروثات التشريعية.

وهذه هي الرسالة التي يود الدكتور أحمد الداودي، الخبير الأول في قوانين الحرب الإسلامية لدى اللجنة الدولية، إيصالها إلى الجمهور في أستراليا ونيوزيلندا.

الدكتور أحمد الداودي في مركز الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أستراليا الوطنية - CC BY-NC-ND/ICRC/Caitlin Welch

تأكيد عالمية المبادئ التي يرتكز عليها القانون الدولي الإنساني أمر لا غنى عنه لتحسين احترام وحماية الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة في العالم الإسلامي.

أوضح الدكتور الداودي - خلال إحدى زياراته إلى أستراليا ونيوزيلندا في الفترة من 10 إلى 14 شباط/فبراير – أنه من غير الواقعي أن نتوقع احترام القانون الدولي الإنساني إذا تجاهلنا دور الشريعة الإسلامية في التأثير على سلوك الجماعات المسلحة الإسلامية غير التابعة للدول أو القوات المسلحة التابعة للدولة.

CC BY-NC-ND/ICRC/Patrick Griffiths

وترى اللجنة الدولية أن لهذه النقطة أهمية خاصة ينبغي فهمها - نظرًا لأن ثلثي عملها يتركز في البلدان ذات الأغلبية المسلمة.

سعت موروثات قديمة عديدة، تمتد من المهابهاراتا إلى التوراة، إلى الحد مما تخلفه الحروب من معاناة ودمار.

فلا غرابة إذن أن تشترك أحكام الحرب في التشريع الإسلامي في بعض المبادئ والمعايير الإنسانية الحيوية مع القانون الدولي الإنساني.

تشير أوجه التشابه بين هذين الموروثين القانونيين إلى أنهما يسعيان إلى بلوغ الهدف ذاته: إضفاء الطابع الإنساني على النزاعات المسلحة.

في السنوات الأخيرة، أظهر تحاور اللجنة الدولية مع فقهاء مسلمين كيف يحظر التشريع الإسلامي الاعتداء على الجرحى أو المرضى، وكذلك شن الهجمات على المرافق الطبية والكوادر الطبية.

كما تكفل أحكام الحرب في التشريع الإسلامي الحماية للأطفال والمحتجزين والمقاتلين الجرحى وحتى البيئة الطبيعية.

وقد أوضح الدكتور الداودي في حديث له في ندوة عبر الإنترنت مباشرة لموقع "The Cove"، وهو موقع للتنمية المهنية تابع لقوات الدفاع الأسترالية، كيف أن تحاور اللجنة الدولية مع فقهاء مسلمين هو نهج عملي وواقعي من الضروري استيعابه مع تزايد تعقيد النزاعات.

وقد سلطت زيارته الضوء على التداخل بين القانون الدولي الإنساني وأحكام الحرب في التشريع الإسلامي، والتمييز بين الإسلام بوصفه دينًا والتشريع والفقه الإسلامي بوصفهما نظامًا قانونيًا راسخًا.

إن الرسالة الأساسية التي يوجهها الدكتور الداودي بشأن ترسيخ المبادئ التي يرتكز عليها القانون الدولي الإنساني في السياقات المحلية تشبه إلى حد كبير المنشور الصادر عن اللجنة الدولية في عام 2009 تحت عنوان "في حمى النخلة"، الذي يسعى بالمثل إلى توطين المبادئ التي تمثل جوهر القانون الدولي الإنساني.

يتعين علينا أن نناضل من أجل الإنسانية بكل السبل المتاحة ــ الأطر القانونية، والمعايير الرسمية وغير الرسمية، والثقافات والتقاليد المحلية.

وإن لم نفعل، فستتفاقم المعاناة الإنسانية، وستنتصر علينا همجيتنا.

CC BY-NC-ND/ICRC/Caitlin Welch