مقال

ما المقصود بـ "قانون الحرب" و"القانون في الحرب"؟

مقتطف بتصرف من مطبوعة اللجنة الدولية "القانون الدولي الإنساني: إجابات على أسئلتك"

يشير مصطلح قانون الحرب إلى الظروف التي يمكن للدول فيها اللجوء إلى الحرب أو إلى استخدام القوة المسلحة بشكل عام. ويُعتبر حظر استخدام القوة بين الدول والاستثناءات من ذلك (الدفاع عن النفس وتفويض من الأمم المتحدة لاستخدام القوة(، المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، هي المكونات الأساسية لقانون الحرب (انظر الفقرة المعنونة "بشأن حظر الحرب"). وينظِّم القانون في الحرب سلوك الأطراف المنخرطة في نزاع مسلّح. والقانون الدولي الإنساني هو المرادف للقانون في الحرب؛ فهو يسعى إلى الحد من المعاناة في النزاعات المسلحة، ولاسيما من خلال حماية ومساعدة جميع ضحايا النزاعات المسلّحة إلى أقصى حدٍّ ممكن.

وينطبق القانون الدولي الإنساني على الأطراف المتحاربة بغض النظر عن أسباب النزاع أو مدى عدالة القضايا التي من أجلها يحارب هؤلاء. ولو كان الأمر خلاف ذلك لكان تطبيق القانون ضربًا من ضروب المستحيل، لأن كل طرف سيدّعي أنه ضحية العدوان. وعلاوة على ذلك، القصد من القانون الدولي الإنساني حماية ضحايا النزاعات المسلحة بغض النظر عن انتماء الطرف في النزاع. ولهذا السبب يجب أن يظل القانون في الحرب مستقلًا عن قانون الحرب.

بشأن حظر الحرب

حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، لم يكن اللجوء إلى القوة المسلحة يعدّ عملًا غير مشروع، بل كان ينظر إليه على أنه وسيلة مقبولة لتسوية المنازعات.

ثم سعى ميثاق عصبة الأمم في عام 1919، ثم معاهدة باريس (ميثاق بريان-كيلوغ) في عام 1928 إلى تجريم الحرب. وجاء اعتماد ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945 ليؤكد هذا الاتجاه: "يمتنع أعضاء الهيئة جميعًا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها..." ومع ذلك، فإن ميثاق الأمم المتحدة يؤيد حق الدول في استخدام القوة للدفاع عن النفس سواء بصورة فردية أو جماعية ردًا على العدوان الذي تشنه دولة أخرى (أو مجموعة من الدول). ويجوز لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، استنادًا إلى الفصل السابع من الميثاق، أن يقرر أيضًا اللجوء إلى الاستخدام الجماعي للقوة ردًا على تهديد للسلم أو خرق للسلم أو عمل من أعمال العدوان.

القانون الدولي الإنساني و"المسؤولية عن الحماية"

أنشئ "المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية" في سنة 2008، وهو يؤدّي دورًا رئيسيًا في تطوير وتعزيز مفهوم "المسؤولية عن الحماية" الذي يُعرّف على النحو التالي:

"إن المسؤولية عن الحماية هي مبدأ يسعى إلى ضمان ألاَّ يفشل المجتمع الدولي مرة أخرى أبدًا في العمل في مواجهة الإبادة الجماعية وغيرها من الأشكال الجسيمة لانتهاكات حقوق الإنسان. ولقد اعتمد رؤساء الدول والحكومات هذا المبدأ خلال مؤتمر القمة العالمي في عام 2005، كما اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وينص هذا المبدأ، أولًا، على أن الدول ملزمة بحماية مواطنيها من الفظائع الجماعية، وثانيًا، ينبغي للمجتمع الدولي أن يساعد الدول على القيام بذلك، وثالثًا، إذا فشلت الدولة المعنية في التصرُّف بشكل مناسب، فإن مسؤولية القيام بذلك تقع على عاتق مجموعة الدول الأوسع نطاقًا. وينبغي أن تُفهم المسؤولية عن الحماية على أنها وعد رسمي يقطعه قادة كل بلدٍ لجميع الرجال والنساء المعرّضين لخطر الفظائع الجماعية".

ويقتضي مفهوم المسؤولية عن الحماية أنه لو فشلت دولة ما بشكل صريح في الامتثال لالتزامها بحماية سكانها من أربع جرائم محددة؛ وهي الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية، فحينئذٍ تقع على المجتمع الدولي مسؤولية اتخاذ إجراء مشترك لحماية السكان المعنيين. ويمكن لمثل هذا الإجراء أن يتخذ أشكالًا مختلفة: الدبلوماسية، أو التدابير الإنسانية أو وسائل سلمية أخرى، ويمكن أيضًا أن يتضمن استخدام القوة كملاذ أخير، ولكن بعد صدور إذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ورغم أن المسؤولية عن الحماية يشار إليها أحيانًا بأنها "معيار ناشئ"، فهي ليست التزامًا قانونيًا ملزمًا يُلزم المجتمع الدولي، وإنما أداة سياسية.

ولا يوفر القانون الدولي الإنساني أساسًا لإضفاء صفة قانونية أو شرعية على اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية؛ كما أنه لا يحظر على الدول استخدام القوة لأغراض إنسانية. وتتقرر شرعية استخدام القوة المسلحة في العلاقات الدولية بموجب قانون الحرب فقط. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الأساس المنطقي وراء المسؤولية عن الحماية والالتزام بكفالة احترام القانون الدولي الإنساني متشابهان لدرجة أنهما يؤكِّدان مسؤولية المجتمع الدولي عن كفالة احترام القانون الدولي الإنساني والحيلولة دون وقوع انتهاكاته، بما في ذلك ارتكاب جرائم الحرب وغير ذلك من الجرائم الدولية. ويمكن أيضًا النظر إلى استخدام القوة في سياق المسؤولية عن الحماية على أنه أحد أشكال العمل المشترك مع الأمم المتحدة المذكور صراحة في المادة 89 من البروتوكول الإضافي الأول الصادر في 8 حزيران/ يونيو 1977 الملحق باتفاقيات جنيف (البروتوكول الإضافي الأول)،  الذي ينص على ما يلي: "تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تعمل، مجتمعة أو منفردة، في حالات الخرق الجسيم للاتفاقيات وهذا اللحق «البروتوكول»، بالتعاون مع الأمم المتحدة وبما يتلاءم مع ميثاق الأمم المتحدة".

واللجنة الدولية، وفقًا لمبدأ الحياد الأساسي، لا تؤيد التدخلات العسكرية في إطار المسؤولية عن الحماية ولا تعارضها. وهي لا تعبّر عن أي رأي بشأن التدابير التي يتخذها المجتمع الدولي لكفالة احترام القانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، تظل هناك نقطة مهمة للغاية؛ إن أي استخدام للقوة على أساس المسؤولية عن الحماية و/أو الالتزام بكفالة احترام القانون الدولي الإنساني يجب أن يتوافق مع الالتزامات ذات الصلة بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وبعبارة أخرى، يجب على الدول أو المنظمات الدولية المشاركة في نزاعات مسلحة في سياق عملية المسؤولية عن الحماية احترام القانون الدولي الإنساني في جميع الأوقات.