"لا أعرف كيف كان شكل أبي": مفقودو بوجانفيل أحياء في الذاكرة
احتفالًا باليوم الدولي للمختفين، كرَّمت مجموعة من الأسر، في أيتا وسيواي بمنطقة بوجانفيل، حياة ذويها الذين فُقدوا خلال أزمة بوجانفيل.
أنشأ المجتمع المحلي ثلاثة أنصاب تذكارية، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية)، تحمل أسماء المفقودين، لتشعر أسرهم بأنهم لم يذهبوا في طي النسيان وأن ذكراهم ستظل حية.
في الاحتفال باليوم الدولي للمختفين في سيواي جنوب منطقة بوجانفيل، التقينا بول الذي فقد أباه لوكاس كومباي عندما كان عمره ثلاثة أسابيع فقط، وكان لوكاس من مدينة "مادانج"، لكنه انضم إلى جيش بوجانفيل الثوري عندما اندلعت شرارة الأزمة في عام 1988.
قالت ماري – والدة بول – إنها تعلم أن زوجها قُتل، لكنها لا تعرف مكان رفاته. وكان لديها طفلان آخران لكنهما ماتا، ومن ثم بات بول الطفل الوحيد في العائلة.
قال بول بلغة "توك بيسين": "لا أعرف كيف كان شكل ابي".
وأردف قائلًا بصوت منخفض: "يعتصرني الألم لأن أبي لم يربني ولم أشعر بحبه لي".
على الرغم من أن بول تحدث إلينا، فإن الألم الذي كان يعاني منه بدا جليًا في عينيه.
"لا أعرف كيف كان شكل أبي": تذكر المفقودين في بوجانفيل من اللجنة الدولية على فيميو (Vimeo).
وأضاف قائلًا: "لقد عشت طوال حياتي أواجه أعباء الحياة بمفردي، ولهذا أتوق إلى الوصول إلى عائلة أبي حتى أتمكن من معرفة قصته وكيف أصبح أبي".
"أفكر في أبي عندما أحتاج إلى مساعدة في بعض الأمور، وهذا أمر مؤلم. أشارك زوجتي مشاعري، وهي تدرك أنه عندما أتحدث معها بطريقة غير لائقة، فهذا يعني أنني أتألم. وأشعر بالحزن خاصة عندما لا أحصل على الدعم الذي يحتاجه الابن من أبيه".
وعبر بول عن محنته العاطفية بكل وضوح قائلًا: "من المؤلم أن أتعايش مع حقيقة أن أبي ليس موجودًا عندما أحتاج إليه".
"بعد أن نمَت لحيتي وتزوجت، أدركت أن حياتي بدون أب كانت صعبة، خاصة عندما يكون لدي عائلة خاصة بي".
"أنا سعيد بالنصب التذكاري، فعلى الرغم من أننا لا نستطيع الحصول على رفات أبي، فأنا أشعر أن هذا النصب سيساعد عائلتي أن تجد العزاء".
إن الأثر الذي يخلفه الاختفاء على الأقارب المقربين، والذي يتمثل في العزلة والعوز واليأس، يمكن أن يتجاوز العائلات ليؤثر على مجتمعات بأسرها، وإن لم يتم التعامل مع هذا الأثر وعلاجه، فمن الممكن أن يهدد المصالحة والاستقرار الاجتماعي حتى بعد انتهاء النزاع. تتباين ردود أفعال الأشخاص في هذا الصدد؛ فالبعض يجد صعوبة بالغة في التأقلم مع العمل أو رعاية الأطفال أو ممارسة الأنشطة اليومية.
تقدم اللجنة الدولية دعمها لأقارب المفقودين في مجتمعات محلية بعينها في بوجانفيل، ليس فقط في صورة إحياء ذكرى أحبائهم، ولكن أيضًا من خلال السعي إلى وضع نهاية لمأساتهم، كما تعمل بالتعاون مع السلطات المحلية لتلبية احتياجات أسر هؤلاء المفقودين.