تعمل آية حجاجرة، 28 عاماً، ممرضة في قسم كورونا في مستشفى المقاصد بالقدس. خلال ذروة الجائحة، أصرت آية، وهي حامل في شهرها السادس، على البقاء في الخطوط الأمامية للمساعدة في إنقاذ حياة مرضى كورونا، على الرغم مما ينطوي عليه ذلك من مخاطرة بصحتها وصحة عائلتها وأطفالها الثلاثة.
تروي لنا آية أن الدعم الذي تتلقاه من والدتها وأختها لا يقدّر بثمن، خاصة عندما تعمل في ساعات الليل.
والدة آية وأختها تعملان على تلبية احتياجات أطفالها وضمان تمكّنها من أداء واجبها كممرضة. تقول والدة آية: "أنا دائماً أحث آية على مواصلة العمل، لأنه بغياب الفرق الطبية ستزداد المعاناة وقد نضطر إلى توديع أحبائنا".
فاطمة واحدة من ثلاث أخوات راعيات يعشن في قرية كيسان جنوب مدينة بيت لحم. ترعى الشقيقات الثلاث ووالدتهن حوالي 30 رأساً من الماشية بأنفسهن، فالماشية هي مصدر رزقهن الوحيد.
بسبب الجائحة، لم يعد التجار قادرين على الوصول إلى القرية لشراء منتجات الألبان، وذات الأمر ينطبق على الأطباء البيطريين. في مواجهة التحدي، نجحت فاطمة وأخواتها في تشارك المسؤوليات وتقسيم المهام بينهن، ففي حين تتجه فاطمة ووالدتها البالغة من العمر 90 عاماً إلى سوق وسط المدينة لبيع منتجاتهن، تعتني نايفة بالماشية وتعد الطعام.
تقول نايفة: "لا أستطيع أن أتخيل كيف ستبدو حياتي دون مساعدة أمي وأخواتي. دون دعمهن، الحياة لا تُطاق".
"أنا مرشدة تربوية في النهار، وطالبة في الليل، وأم بدوام كامل لخمسة أبناء، ثلاثة منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة". هذا ما قالته نانسي، 48 عاماً، التي تسعى للحصول على درجة الدكتوراه في التربية الخاصة في رام الله.
خلال أزمة كورونا، كان على نانسي التوفيق بين مسؤوليات الحياة الأسرية ووظيفة بدوامٍ كامل، ولكن بوجود صديقتها المقرّبة هامة إلى جانبها، تمكنت نانسي من وضع نظام تناوب يسمح لها بتخصيص وقت لدراستها وتمضية وقت مع زوجها في حين تعتني هامة وابنتها بأبناء نانسي ويمضون أوقات ممتعة سويّاً.
تقول هامة: "نانسي صبورة وطموحة وابتسامتها لا تفارق وجهها! إنها تشع بالطاقة الإيجابية، وأنا محظوظة جداً لكوني صديقتها".
تقول أم أمير، وهي صاحبة مبادرة لتحضير الوجبات الغذائية في بلدة عصيرة الشمالية في محافظة نابلس: "لقد انخفض الدخل بنسبة 70٪ أثناء الجائحة"، وتضيف: "كان عليّ أن أتخلى عن فريق العمل وأن أواصل الطهي وتحضير الوجبات من مطبخي".
تشعر أم أمير بالامتنان لأنها وجدت نساء يقفن بجانبها لمساعدتها خلال هذه الأوقات الصعبة، ولا سيما صديقتها سمية، التي أخذت على عاتقها الترويج لمبادرة أم أمير ومساعدتها في تحضير الطلبات وتغليفها.
تقول سمية: "أعتقد أن الاستقلال المالي يمثل أولوية للمرأة. أنا أساعد النساء الأخريات في بلدتي على تحقيق أهدافهن وأحلامهن لأنني كنت محرومة من ذلك ذات مرة".
تعمل ميرفت معلّمة في مدرسة ابتدائية في بلدة عصيرة الشمالية في محافظة نابلس. تقول ميرفت: "إن اعتمادنا المتزايد على الأجهزة الإلكترونية أثناء الجائحة نعمة ونقمة في ذات الوقت". من الصحيح أن الهاتف المحمول لميرفت هو الوسيلة الوحيدة لها للبقاء على اتصال مع والدتها في فترة الجائحة، إلا أن ميرفت لا تزال تواجه صعوبة في تحفيز طلابها والحفاظ على تفاعلهم أثناء الدروس عبر الإنترنت، ناهيك عن التشويش المستمر في المسيرة التعليمية والإغلاق المتكرر.
اضطرت ميرفت وأطفالها الأربعة إلى التشارك في الأجهزة الإلكترونية خلال فترة الجائحة، مما جعل تحقيق التوازن بين التدريس من جهة والاهتمام باحتياجات أطفالها التعليمية من جهة أخرى أمر شبه مستحيل.
تقول ميرفت: "والدتي هي الداعمة الأولى لي. لولا دعمها المعنوي ومكالمات الفيديو بيننا، لم أكن لأستطيع التواجد من أجل أطفالي وطلابي".
تقول ربا، 48 عاماً، وهي صاحبة مخبز في مدينة غزة: "في البداية، تعرضت لانتقادات كثيرة بسبب عملي في مخبز، فهي وظيفة يحتكرها الرجال بالعادة في غزة. لكن فيما بعد، تقبّلني الناس أكثر وشجعني من حولي على الاستمرار".
لم تكن حياة ربا سهلة أبداً، لا سيما أثناء تفشي الجائحة، وبالأخص في ظل الارتفاع الكبير في معدلات البطالة في قطاع غزة. لكي تعيل أسرتها، أنشأت ربا مخبزها الخاص، وهي الآن تقود فريقاً من الرجال.
تحث ربا النساء في منطقتها على العمل في مخبزها. تقول ربا: "لقد عانيت من البطالة لفترة طويلة. أريد أن أوجد فرص عمل لنساء أخريات مثلي. بالدعم والتشجيع، يمكن للمرأة أن تصنع المعجزات".
تعمل نائلة، 39 عاماً، سائقة سيارة أجرة لنقل النساء والأطفال فقط، وهي أول امرأة تقود سيارة أجرة في غزة. تقول نائلة: "خلال الجائحة، تعطلت وسائل النقل العام كإجراء وقائي. ولأنه أصبح من الصعب على سكان غزة عموماً والنساء بشكل خاص الانتقال من مكان إلى آخر، قررت المساعدة وبدأت باستخدام سيارتي الخاصة كسيارة أجرة".
تدير نائلة العمل من منزلها، وهي تشجع النساء الأخريات على دخول هذا المجال.
ونظراً لارتفاع معدلات البطالة في غزة، لا سيما خلال الجائحة، فتحت نائلة المجال أمام نساء أخريات للانضمام إليها وقد بدأت بالفعل باستقبال طلبات للتوظيف.
تقول أسيل نجار، وهي واحدة من صاحبات مشروع "الفتيات الخضر" لزراعة البازلاء في خانيونس: "لقد كان مشروعنا في خطر بسبب الجائحة، إذ إن الإغلاق المستمر وفرض القيود على الحركة جعل من الصعب علينا الترويج لمنتجاتنا".
كان على أسيل وفريقها النسائي، غيداء ونادين، ابتكار طريقة لمواصلة مشروعهن، خاصة أنه كان لا يزال في مراحله الأولى عند تفشي فيروس كورونا. وهكذا، أنشأت الفتيات صفحة على الإنترنت لتقديم خدمات التوصيل للمهتمين بمنتجاتهن الخضراء.
تقول أسيل: "على الرغم من اختلاف خلفياتنا الأكاديمية وتنوّعها، إلا أننا اكتشفنا أنفسنا من خلال هذا المشروع وسنواصل دعم بعضنا البعض".
لقد تركت جائحة كورونا أثراً لا يستهان به على الأشخاص، وبالأخص على النساء، في جميع أنحاء العالم منذ بداية عام 2020 ولم تكن الأراضي الفلسطينية المحتلة مستثناة من ذلك. لقد اضطرت المرأة الفلسطينية بالفعل إلى التعامل مع القيود المفروضة على الحركة والتغلب على الصعوبات الاقتصادية لعقود من الزمن، وكأن ذلك لم يكن كافياً، فأصبح عليها الآن أن تثبت نفسها في مواجهة العقبات والتحديات الإضافية التي فرضتها الجائحة.
في يوم المرأة العالمي هذا العام، نودّ أن نحتفل بنساء فلسطينيات قبلن تحدي جائحة كورونا ووقفن إلى جانب بعضهن البعض. إنهن معلمات وراعيات وممرضات وسيدات أعمال وطالبات ومزارعات وسائقات سيارات أجرة وأصحاب مخابز وأمهات وأخوات وصديقات، والأهم من ذلك، هن الداعمات لبعضهن البعض. لقد أثبتت القصص التالية أن المرأة للمرأة، فالمرأة وحدها تمتلك القوة الكافية ولكن بمساندة النساء من حولها تستطيع تحقيق المستحيل.