رحلة وردة من بغداد إلى بيروت ثم كندا
قبل أربع سنوات، كان يعمل وردة كفني أسنان وكان يمتلك مختبرًا مشهوراً في بغداد. ولكن بعد سلسلة من القرارات غير الناجحة، والموارد المالية المتضائلة، والافتقار إلى إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية، تحولت حياة مريض السكري البالغ من العمر 60 عاماً إلى رحلة مأساوية.
ينحدر وردة في الأصل من الموصل، ثم انتقل إلى بغداد هربًا من العنف، وأسس فيها مختبرًا. واستطاع أن يدر دخلاً ميسوراً فدعم أسرته في كندا، حيث يعيش أطفاله الخمسة وسبعة أحفاد. وفي هذا الوقت، علم وردة أنه مصاب بمرض السكري ويحتاج إلى العناية الجيدة بصحته.
وفي عام 2015، قرر وردة السفر إلى بيروت للعمل على ملف إعادة التوطين الخاص به من أجل الانضمام إلى عائلته في كندا. عند وصوله إلى بيروت، استأجر وردة شقة صغيرة مقابل 500 دولار شهرياً في منطقة برج حمود القريبة من بيروت. توقّع وردة أن تدوم إقامته من أسبوعين إلى شهر فقط، واعتقد أن مدّخراته التي تبلغ 3000 دولار ستكون كافية إلى حين رحلته المرجوّة إلى كندا. ولكن بعد ذلك، بدأ التأخير في إجراءات إعادة التوطين بالتزايد، وراحت مدخراته تضمحل.
وفي هذه الفترة أيضاً، بدأ وردة يعاني من مضاعفات مرض السكري، بدءاً من تشويش النظر في عينه اليسرى. وسرعان ما واجه الأمر الواقع: إمّا الشروع في علاج للعيون باهظ الثمن أو دفع الإيجار. فقرر وقف العلاج من أجل الحفاظ على شقته. وبالتالي، فقد النظر في عين من عينيه.
ثم في شهر تمّوز 2018، شعر وردة بألم مفرط في قدمه اليمنى، وهو أحد مضاعفات مرض السكري. مرّة أخرى، بسبب تردي حالته المالية، لم يطلب العلاج وسرعان ما لم يعد بإمكانه المشي. وأصبح الوضع خطيرًا لدرجة أن صديقه اتصل بسيارة إسعاف، لكن وردة رُفض من مستشفيين لأنه لم يكن يملك المال لدفع تكاليف العلاج. فساقت سيارة الإسعاف وردة إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وهو الملاذ الأخير للحصول على العلاج.
وبفضل دعم AVINA Stiftung، أنشأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 2016 جناحاً طبياً وجراحياً في مستشفى رفيق الحريري الجامعي لتوفير الرعاية الصحية ذات النوعية لمرضى مثل وردة الذين لا تتوفّر لديهم الموارد اللازمة للحصول على الرعاية الصحية.
وأمضى وردة 13 يوماً في قسم اللجنة الدولية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي حيث بُترت قدمه لسوء الحظ، لكنه تلقى العناية الطبية التي يحتاجها من أجل دحر تدهور حالته الصحية. كما تلقى جلسات علاج جسدي ودعم نفسي، وساعده العاملون الاجتماعيون التابعون للّجنة الدولية في العثور على مأوى مؤقت إلى أن تجهز أوراق إعادة توطينه.
بعد خروجه من المستشفى، ذهب وردة إلى ملجأ "رسالة حياة" (Mission de vie) في شمال لبنان. ويقول وردة "لدي سبعة أحفاد وخمسة أطفال في كندا لم أرهم على مدى السنوات التسع الماضية، وأريد أن أقضي بقية حياتي معهم".