أساليب الحرب ووسائلها

29 تشرين الأول/أكتوبر 2010

يضع القانون الدولي قيودا لأساليب الحرب والوسائل المستخدمة لشنها. وتنطبق هذه القيود على نوع الأسلحة المستعملة، وطريقة استعمالها والتصرف العام لجميع الأطراف المشاركة في النزاع المسلح. ويقتضي مبدأ التمييز من أطراف النزاع المسلح التمييز في جميع الأوقات بين المقاتلين والأهداف العسكرية من جهة، والسكان المدنيين والأعيان المدنية من جهة أخرى، ومن ثم توجيه عملياتها ضد الأهداف المشروعة للهجمات دون غيرها.

الأساليب والوسائل


تشمل المعاهدات الرئيسية التي تضع قيودا على أساليب ووسائل شن الحروب اتفاقية لاهاي لعام 1907، والبروتوكولين الإضافيين إلى اتفاقيات جنيف لعام 1977 ومجموعة من الاتفاقات المتعلقة بأسلحة معينة. وكانت اللجنة الدولية قد شاركت في عملية صياغة النصوص القانونية المتعلقة بهذا المجال.
ويحظر القانون الدولي بصورة عامة الوسائل والأساليب التي تتسبب في إصابات مفرطة أو معاناة لا مبرر لها. ولا يجيز نتيجة لذلك استعمال أنواع معينة من الأسلحة ويقيّد طريقة استعمال أسلحة أخرى.


وتشمل التدابير المحددة المتخذة لوضع حد لاستعمال أنواع معينة من الأسلحة اتفاقية أوتاوا لعام 1997 بشأن حظر الألغام المضادة للأفراد، والبروتوكول المتعلق بالمتفجرات من مخلفات الحرب لعام 2003 (إضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة لعام 1980) ومعاهدة دبلن لحظر القنابل العنقودية لعام 2008.
وتحقق تقدم أيضا في مجال مراقبة انتشار الأسلحة الصغيرة المهلكة إلى حد بعيد في الكثير من البلدان الفقيرة.  وإلى جانب تدابير الحظر والقيود المفروضة على أسلحة غير مقبولة، يقيّد القانون الدولي أيضا استعمال الأسلحة التقليدية "المقبولة".


وينظم القانون أيضا العديد من أساليب سير النزاعات المسلحة ووسائلها الأخرى. إذ يتضمن قواعد تحكم سوء استعمال رايات التعريف بالهوية ومعاملة المرتزقة؛ ويحظر الأمر بعدم إبقاء أحد على قيد الحياة في المعركة. كما يشمل قواعد معينة تطبق على المواقع منزوعة السلاح والمناطق الخالية من وسائل الدفاع.


التمييز


يحق للمقاتلين في النزاعات المسلحة الدولية المشاركة مباشرة في العمليات العدائية. أي إنه يجوز لهم ارتكاب أعمال حربية مشروعة ترمي إلى تحقيق هدف عسكري بأنجع طريقة ممكنة. إلا أن مبدأ التمييز يقتضي ألا توجه مثل هذه الأعمال الحربية سوى ضد المقاتلين الأعداء والأهداف العسكرية، مع تجنب إلحاق أضرار غير ضرورية ومفرطة بالمدنيين. لهذا يتطلب مبدأ التمييز تعريفا واضحا للأشخاص الذين يجوز قانونا استهدافهم والأعيان التي يجوز قانونا استهدافها. وفي ما يتعلق بالأشخاص، يكون المقاتلون الأعداء هم أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع (باستثناء أفراد الطواقم الطبية ورجال الدين). أما الأشخاص الذين ليسوا من أفراد القوات المسلحة فهم أشخاص مدنيون ومن ثم لا يجوز أن يكونوا هدفا للهجوم. إلا أن هناك استثناء واحدا؛ إذ يصبح المدنيون الذين يشاركون مباشرة في العمليات العدائية، إما فرديا أو كجزء من مجموعة، أهدافا مشروعة للهجوم، وإن كان ذلك فقط خلال فترة مشاركتهم المباشرة في العمليات العدائية.


أما في ما يتعلق بالأعيان، تحدد الأهداف العسكرية من خلال معيار ذي جانبين: الأول أن تسهم الأعيان مساهمة فعالة في العمل العسكري للعدو سواء أكان ذلك بطبيعتها أم موقعها أم غايتها أم استخدامها، وأن يحقق تدميرها التام أو الجزئي، أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة. وجميع الأهداف التي لا تندرج تحت تعريف الهدف العسكري هي أهداف مدنية ولا يجوز مهاجمتها.


ويتضمن القانون الدولي الإنساني عددا من الشروط الأساسية الملازمة لمبدأ التمييز لضمان حماية الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية. فعلى سبيل المثال، ينص على أنه يتعين على المقاتلين في نزاع دولي مسلح تمييز أنفسهم عن السكان المدنيين (عادة من خلال ارتداء زي عسكري) لدى مشاركتهم في هجوم أو في عملية عسكرية ممهدة لهجوم. وبالإضافة إلى ذلك، يحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات العشوائية، ويفرض مبدأ التناسبية ألا تكون ما يسمى "بالخسائر العارضة" للأرواح المدنية و/أو الممتلكات المدنية مفرطة بالنسبة إلى الميزة العسكرية المتوقعة الملموسة والمباشرة. وسعيا إلى تنفيذ القيود والمحظورات المفروضة على تحديد الأهداف، يجب أن تتخذ جميع أطراف النزاع المسلح أيضا إحتياطات محددة.


وأخيرا، تمنح أيضا قواعد سير العمليات العدائية حماية خاصة لبعض الأعيان، ومن بينها الممتلكات الثقافية وأماكن العبادة (مثل المباني التاريخية)، والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة (بما في ذلك المناطق الزراعية التي تنتج المواد الغذائية والمحاصيل، ومرافق مياه الشرب)، والأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة (وتحديدا السدود، والحواجز الصخرية، والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية). ويحظر استخدام وسائل وأساليب القتال التي يتوقع أن تسبب أضرارا بالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد في البيئة الطبيعية لأنها تهدد صحة السكان المدنيين وبقاءهم.