العمليات السيبرانية والمعلوماتية والقانون الدولي الإنساني
في عالمنا اليوم، يعد استخدام العمليات السيبرانية خلال وقت الحرب حقيقة واقعة. فبينما أقر عدد ضئيل من الدول علانية بإجراء مثل هذه العمليات، يعمل عدد متزايد منها على تطوير قدرات سيبرانية لأغراض عسكرية. ومن المرجح أن يزداد استخدامها في المستقبل.
يقرّ المجتمع الدولي بأن العمليات السيبرانية، مثلها مثل أي وسائل وأساليب أخرى للحرب، قد تؤثر بشكل خطير على البنية التحتية المدنية وتسبب عواقب إنسانية مدمرة.
وثمة خطر حقيقي من أن يكون للأدوات السيبرانية آثار بالغة وواسعة النطاق على البنية التحتية المدنية الحيوية، مثل الصناعات الأساسية والاتصالات السلكية واللاسلكية وأنظمة النقل والأنظمة الحكومية والمالية، سواء عن قصد أو عن طريق الخطأ.
إذ أظهرت العمليات السيبرانية التي أُجريت في السنوات الأخيرة - خارج نطاق النزاع المسلح أساسًا - أن بإمكان البرامج الضارة الانتشار على الفور حول العالم والتأثير على البنية التحتية المدنية والخدمات الأساسية.
ويؤكد تزايد استخدام القدرات العسكرية السيبرانية وما يتصل بها من شواغل إنسانية مدى أهمية التوصل إلى فهم مشترك بشأن القيود القانونية التي تنطبق على العمليات السيبرانية أثناء النزاعات المسلحة.
أما الفرع الأساسي من القانون الذي يحكم استخدام العمليات السيبرانية في الحروب فهو القانون الدولي الإنساني. إذ دوّنت الدول قواعده بطرق تجعلها تنطبق - على حد تعبير محكمة العدل الدولية - على كافة أشكال الحرب وكافة أنواع الأسلحة، بما فيها الأشكال والأنواع المستقبلية.
وتتسم القواعد الأساسية بالوضوح، وهي أنه: يُحظر استهداف المدنيين والأعيان المدنية، ويجب ألا تُستخدم الأسلحة العشوائية، وتُحظر الهجمات العشوائية وغير المتناسبة، ويجب احترام الخدمات الطبية وحمايتها. وهذه القواعد وغيرها الكثير تنطبق على الفضاء السيبراني كذلك.
بيد أن ثمة مسائل أخرى لا تزال بحاجة إلى المزيد من التوضيح. ومن هذه المسائل، على سبيل المثال، التساؤل بشأن ما إذا كانت البيانات المدنية تتمتع بنفس الحماية التي تتمتع بها الأعيان المدنية، وما إذا كانت العمليات السيبرانية التي تؤدي إلى تعطل الأنظمة دون التسبب في ضرر مادي ترقى إلى مرتبة الهجمات على النحو الوارد في القانون الدولي الإنساني.
وترحب اللجنة الدولية بالاهتمام الدولي المتزايد إزاء التكلفة البشرية المحتملة للعمليات السيبرانية والقانون الدولي المنطبق. إن اعتماد المجتمعات على الرقمنة في ازدياد. لذا من المهم للغاية أن يُفسَّر القانون الإنساني ويُطبق على نحو يكفل الحماية ليس للأعيان المادية فحسب بل كذلك للبنية التحتية الرقمية التي يعتمد عليها الناس في جميع مناحي حياتهم.