في العراق، أصبح الكثير من الأشخاص في عداد المفقودين جرّاء جولات مختلفة من النزاع المسلح، ولا يزال عدد لا يحصى منهم مجهولي المصير. لقد وثّقت اللجنة الدولية 618 حالة من الاختفاء ما بين شهري كانون الثاني وحزيران من عام 2024 الجاري، في حين جرى إيضاح مصير ومكان وجود 208 أشخاص. إن كل شخص مفقود يمثل عائلة تعيش حالة من الحسرة وتعاني من الألم المصاحب لحالة عدم اليقين والتأثير البالغ على حياتها اليومية وعلى المجتمعات التي تعيش هذه العائلات فيها. كما أن الحاجة لبذل جهود منسّقة لتعيين مكان الرفات البشرية للمفقودين، واستعادتها، وتحديد هوية أصحابها، وإعادتها إلى ذويها تمثّل مسألة ملحّة. وعليه، تدعو اللجنة الدولية جميع السلطات المعنية لتعزيز الآليات والموارد لإتمام هذه المهمة، وضمان احترام جثث الموتى وتزويد العوائل بالمعلومات والدعم الذي تحتاجه من أجل إنهاء حالة عدم اليقين التي يعيشونها.
"يخلّف اختفاء شخصٍ عزيزٍ فراغًا كبيرًا لدى ذويه لا يمكن للوقت أن يملأه"، يقول السيد اختيار أصلانوف، رئيس بعثة اللجنة الدولية في العراق بهذا الشأن. ويضيف أن "الألم ينتقل من جيلٍ لآخر إذ تواصل العوائل بحثها سعيًا للحصول على إجابات. حياة كل شخص مفقودٍ تهُم، ولعائلته الحق في معرفة ما حصل له. لا يمثل البحث عن الإجابات التزامًا قانونيًا بموجب القانون الدولي الإنسان فقط، وإنما يعد أمرًا ملزمًا من الناحية الأخلاقية. إن من الضروري أن تتكاتف جميع الأطراف بدءًا من المجتمعات المحلية وحتى سلطات الدولة للتعامل مع هذا الملف على نحوٍ عاجل وبقدر عالٍ من الرأفة".
"لدي إبن يبلغ من العمر 15 عامًا، وكلّما رأى صبيًا يسير بجوار والده، يقول لي، أنظري أماه، لقد حُرِمت من أبي. وحتى إذا عاد أبي ولم يعمل لكسب العيش، فلا أريد سوى أن أخاطبه بكلمة "أبي" مرة أخرى." هذا ما تشاركنا إياه هيفاء التي لا تزال بانتظار أخبار عن زوجها الذي فقد في عام 2017.
شيرين، التي فقدت ابنها البالغ من العمر 30 عامًا في عام 2014، تصفه بـ"الأب الصغير" لإخوته، بسبب قلبه الحنون وروحه المرحة. "كلّما أتصور أنه رحل للأبد، يظهر لي في أحلامي مجددًا"، هذا ما شاركتنا إياه شيرين حول وضعها. وهي تزرع مع ابنتها الأزهار الوردية في حديقة المنزل كرمزٍ للأمل والتفاؤل بأن ابنها ما زال على قيد الحياة.
اللجنة الدولية ملتزمة بدعم السلطات العراقية في جهودها للتعامل مع قضايا المفقودين. ومن خلال الدعم الفني الذي تقدمه والمشورة القانونية وتعزيز العمل بالقانون الدولي الإنساني، تواصل اللجنة الدولية تأييدها لذلك النهج الشامل الذي يصون الحق في العثور على كل مفقود وحقوق عائلاتهم في معرفة مصير أحبائها وأماكن تواجدهم.
وفي الوقت الذي نحتفي فيه باليوم الدولي للمفقودين، نعيد التأكيد على التزامنا بدعم جميع الجهود المبذولة لمواصلة البحث عن المفقودين طالما أن كل واحد منهم يستحق أن يتم العثور عليه.