مقال

سورية: توأمة القضاء والطب الشرعي لمواجهة التحديات الإنسانية المعقدة

first “Judicial Forensic Conference” ICRC Sana tarabishi

في خطوة مهمة نحو تعزيز النظام الطبي الشرعي في سورية، عقدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر شراكةً مع الهيئة العامة للطب الشرعي في الجمهورية العربية السورية لتنظيم أول "مؤتمر قضائي للطبّ الشرعيّ" في البلاد، وذلك في الفترة من 12 إلى 14 أغسطس 2024 في مدينة حلب، تلاه ورشة عمل لمدّة يوم واحد.  

تم تنظيم هذا الحدث بالتعاون مع وزارة العدل ووزارة الصحة، جمع 90 قاضياً وطبيباَ شرعياً، مما وفر منصةً أساسية للحوار والتقدم في علم الطب الشرعي داخل البلاد.

مثّل المؤتمر فرصةً نادرة لتعزيز دور الطب الشرعي في السياقين الإنساني والقضائي. وتركزت المناقشات على تعزيز التعاون بين النظامين الشرعي والقضائي والتأكيد على الدور الحيوي لعلم الطب الشرعي في العمل الإنساني. على مدار يومين، شارك الحاضرون في مناقشاتٍ شاملة، حيث تم استعراض مقترحات وتوصيات ومحاضرات تهدف إلى تطوير علم الطب الشرعي في سورية، وسلّط التبادل بين القطاعين الشرعي والقضائي خلال المؤتمر الضوء على أهمية الخبرات الجنائية، وخلق تخصصات جديدة مثل علم الآثار الجنائي والأنثروبولوجيا، وتطوير قواعد وإجراءات تشغيلية قياسية، والتنسيق والتعاون الضروريين بين المؤسسات المختلفة المعنية لمعالجة التحديات المعقدة التي تطرحها النزاعات والكوارث والهجرة.

خلال السنوات الثماني الماضية، كانت الشراكة بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهيئة العامة للطب الشرعي تسعى للعب دور في صياغة نهج البلاد تجاه القضايا الطبية القانونية. تستند هذه الشراكة إلى الالتزام بالمساهمة في معالجة احتياجات الأشخاص المتوفين بطريقة أنجع من خلال ضمان وجود قواعد ومعايير تشغيلية والتنسيق المناسب لضمان معاملتهم بالاحترام والكرامة. 

في حالات النّزاع أو الكوارث أو الهجرة، فإنّ البحث عن الأشخاص المتوفين واستعادتهم وتحديد هوياتهم ليس مجرد التزاماتٍ قانونية، بل هو أيضاً واجبٌ إنسانيّ. يوفّر الطب الشرعي الأدوات والخبرات اللازمة للمساهمة في إعطاء العائلات إجاباتٍ عن أحبّائهم، والحفاظ على كرامة الذين فقدوا حياتهم.

تقول دينا أليخاندرا خيمينيز، منسّقة الطب الشرعي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية: "نحن ملتزمون بدعم الأنظمة الطبية القانونية في جهودها لدمج العمل الإنساني في مجال الطب الشرعي ضمن عملها. إنه من الضرووري ضمان أن يتم التعامل مع كل متوفى بكرامة وإعطائه اسماً، مما يسمح للعائلات بالحزن بشكل لائق وتكريم أحبائهم وفقاً لتقاليدهم الثقافية والدينية." 

تُعد الفعاليات مثل "المؤتمر القضائي للطب الشرعي" خطوات هامة تهدف إلى تطوير نظام مستدام وراسخ وفعال لمعالجة القضايا الطبية الشرعية، لا سيما أثناء و في أعقاب النزاعات والهجرة والكوارث. وقد أكد المؤتمر على الحاجة إلى إطار طبي شرعي قوي يستجيب للتحديات المعقدة أثناء النزاع و في مرحلة التعافي، مما يضمن دمج الممارسات الشرعية في الجهود الإنسانية الأوسع.

اختتم المؤتمر في 14 أغسطس بورشة عمل مخصصة لقضية تحديد هوية البشر. حضر الورشة رؤساء مراكز الطب الشرعي في سورية وخبراء من مراكز تحديد الهوية وممثلون عن النظام الشرعي العسكري وأعضاء من النظام القضائي. كان الهدف الرئيسي هو مناقشة القضايا الإنسانية المتعلقة بالأشخاص المتوفين وعائلاتهم، مع التركيز على الحاجة إلى تقديم إجابات حول مصير الأحبة. كان تطوير التوصيات المتعلقة بتحديد هوية الأشخاص المتوفين نتيجة مركزية للورشة، مما يبرز الدور الذي لا غنى عنه لعلم الطب الشرعي في التواصل والتنسيق الوثيق مع الشرطة والنظام القضائي وغيرهم من الجهات الفاعلة الرئيسية.

يمثّل هذا المؤتمر هامة في الجهود المستمرة لتعزيز النظام الطبي الشرعي في سورية. ويظهر الدور الحيوي لعلم الطب الشرعي  في كل من العمليات القضائية والجهود الإنسانية، بهدف أن تكون البلاد أكثر استعداداً لمواجهة التحديات المعقدة التي تطرحها النزاعات والهجرة والكوارث. من خلال هذه الفعاليات ، تلتزم اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاؤها بضمان أن تطور سورية القدرات اللازمة لضمان كرامة المتوفين وتحديد هوياتهم وتقديم الإجابات لعائلاتهم.