مصر: قصص عن لقاء الأحباء من جديد

يُقيم علي مبارك مع زوجته في مصر منذ عام 2005. ومع اندلاع النزاع في السودان في نيسان/أبريل 2023، انقطع الاتصال بعائلتيهما وأبنائهما الثلاثة بين عشية وضحاها، إثر تعطل جميع وسائل الاتصال في مسقط رأسهما. ومنذ ذلك الحين خيّم الحزن على حياتهما. كيف لا، وهم يجهلون مصير أحبائهما.
وفي سعيهما الحثيث لإعادة التواصل مع عائلتيهما، توجّه علي وزوجته إلى مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) في مصر، على أمل الاستفادة من خدمة المكالمات الهاتفية الدولية للتواصل مع عائلتيهما.
في الفيديو أدناه، يسترجع علي لحظات المرة الأولى التي زارا فيها مكتب اللجنة الدولية، وتمكنا خلالها من استعادة الاتصال بأحبائهما. وبقلوب يغمرها الترقب والقلق والخوف، لم تكن هناك وسيلة للتعبير عن شعور الارتياح العميق الذي غمرهم عند سماع أصوات عائلتيهما أول مرة سوى دموعهما المنهمرة.
ومنذ تلك اللحظة، أصبحت خدمة الاتصال الهاتفي الدولي التي تقدمها اللجنة الدولية الوسيلة الوحيدة التي تُمكّن علي من البقاء على تواصل مع أحبائه. وهو واحد من العديد من أفراد مجتمع المهاجرين في مصر الذين تدعمهم اللجنة الدولية من خلال مساعدتهم على الحفاظ على الاتصال مع عائلاتهم في الخارج من خلال المكالمات الهاتفية وغيرها من الوسائل المستخدمة لاستعادة التواصل بين أفراد العائلات واستمراره.
ولا شك أن تشتت أفراد العائلات من بين أشد التجارب التي يقاسيها الإنسان إيلامًا. إذ إن فقدان الاتصال بأحد الأحباء وعدم اليقين بشأن مصيره، يمكن أن يخلّف معاناة إنسانية هائلة. وفي كل عام، تؤدي النزاعات المسلحة، وأعمال العنف، والكوارث الطبيعية، والهجرة إلى تمزيق أواصر عدد لا يُحصى من العائلات، تاركة إياها في دوامة من الألم وعدم اليقين من جراء تشتت شملها.
وإدراكًا منها لهذه الحاجة الإنسانية الملحّة، لم تدّخر اللجنة الدولية جهدًا على مدى أكثر من 150 عامًا في العمل على إعادة الروابط بين العائلات التي تفرّق شملها، والتصدي لقضية الأشخاص المفقودين.
وتعمل اللجنة الدولية بلا كلل، وبالتعاون مع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في مختلف أنحاء العالم، لتحديد أماكن الأشخاص المنفصلين عن ذويهم وإعادة الاتصال بينهم وبين ذويهم. ويشمل هذا العمل الإنساني الجوهري، المعروف باسم "إعادة الروابط العائلية"، البحث عن أفراد العائلات، واستعادة سبل الاتصال بينهم والحفاظ عليه، ولمّ شملهم في ظروف معينة، إلى جانب السعي إلى الكشف عن مصير المفقودين وتحديد أماكن وجودهم.
وفي مصر، تقدم اللجنة الدولية، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري، خدمات إعادة الروابط العائلية، التي تشمل تسهيل إعادة الاتصال بين الأشخاص من خلال المكالمات الهاتفية، والإنترنت، والرسائل المكتوبة بخط اليد، بالإضافة إلى البحث عن الأشخاص المفقودين. فكثيرًا ما يفقد الوافدون إلى مصر، وهي بلد عبور للمهاجرين الفارين من النزاعات، التواصل مع أفراد عائلاتهم في أثناء رحلة الهجرة. ومن خلال بعثتها في القاهرة، تسهم اللجنة الدولية في جهود البحث عن أفراد مئات العائلات التي فرّقتها النزاعات المسلحة، أو أعمال العنف، أو الكوارث الطبيعية، أو الهجرة، وتعمل على استعادة التواصل بين أفرادها ولمِّ شملها.
وخلال الربع الأول من عام 2025، يسّرت فرق اللجنة الدولية والهلال الأحمر المصري إجراء 7,586 مكالمة، استفاد منها بشكل أساسي أفراد انفصلوا عن عائلاتهم بسبب النزاعات الدائرة في مناطق مجاورة، مثل غزة والسودان.
وفي عام 2024، سهّلت هذه الفرق إجراء 69,458 مكالمة هاتفية دولية، ما أتاح لآلاف الأشخاص فرصة البقاء على تواصل مع أحبائهم. وتجلب هذه الخدمة الأمل والطمأنينة، ما يُخفف من المعاناة والقلق الذي يكابده العديد من الأشخاص الذين يعيشون في حالة من عدم اليقين المستمر بشأن مصير عائلاتهم.