أفغانستان: أربع سنوات من تقديم الدعم لمرضى الشلل الدماغي
عندما اصطحب السيد حبيب الرحمن، وهو عامل يومي من محافظة أرغو في بدخشان، أطفاله لأول مرة إلى مركز إعادة التأهيل البدني التابع للّجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) في فيض آباد، كان يشعر بالقلق والعزيمة في آن واحد. فقد وُلد ابنه وثيق الله البالغ من العمر أربع سنوات وابنته مينا غول البالغة من العمر سنة واحدة مصابَين بالشلل الدماغي.
وأشار السيد حبيب الرحمن إلى ما يلي: "عندما اصطحبت ابني وابنتي إلى مركز إعادة التأهيل لأول مرة، كان ابني لا يستطيع المشي وكانت ابنتي لا تستطيع حتى الجلوس. أما اليوم، فقد أصبح وثيق الله يستطيع المشي بمفرده وأصبحت مينا غول قادرة على الجلوس بمفردها، وذلك بفضل العلاج والأجهزة المساعِدة التي حصلا عليها. وهذا التقدم المحرز في حالتهما يزوّدني بالأمل".
السيد حبيب الرحمن مع ابنته مينا غول (بين ذراعَيه) وابنه وثيق الله (يلعب في الخلفية) في مركز إعادة التأهيل البدني التابع للّجنة الدولية في فيض آباد بمحافظة بدخشان.
وتستغرق رحلة السيد حبيب الرحمن من أرغو إلى فيض آباد ساعة ونصف في كل اتجاه. وهي رحلة طويلة ومكلفة، لكنه يرى أنها تستحق العناء.
على الرغم من أن التنقل لتلقي العلاج يستغرق وقتاً طويلاً ويكلف مالاً كثيراً، فهو أمر يستحق العناء. وأنا عامل بأجر يومي، لكنني أشعر بأن كل هذا الجهد يؤتي ثماره عندما أرى أن صحة ابني وابنتي تتحسن. وأنا ممتن فعلاً للمساعدة التي تلقيناها هنا.
قال ذلك وابتسامة أمل تعلو وجه.
وهنالك آلاف الأسر الأخرى التي تمر بظروف مماثلة لظروف أسرته، وتجسد قصصها آيات الشجاعة والمثابرة في الظل. وترمي اللجنة الدولية، في إطار برنامجها لإعادة التأهيل البدني، إلى استعادة قدرة الأطفال والبالغين المصابين بالشلل الدماغي على الحركة وتسهيل إدماجهم الاجتماعي، من خلال سبعة مراكز لإعادة التأهيل البدني تدعمها في جميع أنحاء أفغانستان. وبدأت هذه المساعي كخدمة إضافية تُقدَّم في مراكز إعادة التأهيل، ثم باتت شبكة متسقة تشمل عدة محافظات وتخدم آلاف المرضى. وتكمن قصص مؤثرة عن التقدم والقدرة على الصمود والأمل في أعداد الأشخاص الذين تلقوا المساعدة في الفترة الممتدة من آب/أغسطس 2021 إلى حزيران/يونيو 2025 من مراكز إعادة التأهيل البدني في كابول وهراة ومزار شريف وغلبهار وجلال آباد وفيض آباد ولشكر كاه.
عدد الأطفال المصابين بالشلل الدماغي الذين يتلقون العلاج
ووفقاً للسجلات، يشكل الأطفال غالبية المستفيدين من برنامج إعادة التأهيل البدني الذي تنفذه اللجنة الدولية. فخلال الفترة الممتدة من آب/أغسطس 2021 إلى حزيران/يونيو 2025، تلقى زهاء 11,500 فتى و8,000 فتاة من المصابين بالشلل الدماغي العلاج والدعم لإعادة التأهيل وانتفعوا بالأجهزة المساعِدة في مراكز إعادة التأهيل البدني التابعة للّجنة الدولية في جميع أنحاء البلاد. ويؤكد إيلاء الأولوية لعلاج الأطفال أهمية أحد المزايا الرئيسية للبرنامج، ألا وهي التدخل المبكر. فمساعدة الأطفال في سن مبكرة تمنحهم أفضل الفرص لتحسين قدرتهم على الحركة وتعزيز مهاراتهم المتعلقة بالتواصل والمشاركة في الحياة المدرسية والمجتمعية.
وإن زهرة البالغة من العمر عشرة أعوام من مزار شريف مثال آخر على كيف يمكن للمثابرة أن تغير حياة المرء. فعندما جاءت بها والدتها، السيدة عبيدة محمدي، إلى مركز إعادة التأهيل البدني لأول مرة في مزار شريف، إذ كانت تبلغ من العمر عاماً ونصف فقط، لم تكن زهرة قادرة على الجلوس أو الزحف أو تناول الطعام بمفردها.
وتقول السيدة عبيدة: "كانت تواجه صعوبة في حمل الأشياء بيديها. وكان كل شيء صعباً عليها".
السيدة عبيدة محمدي مع ابنتها زهرة في مركز إعادة التأهيل البدني التابع للّجنة الدولية في مزار شريف.
ودأبت السيدة عبيدة على مر السنين على اصطحاب ابنتها زهرة إلى مركز إعادة التأهيل كل ستة أشهر لتلقي جلسات العلاج. وبتوجيه من اختصاصي العلاج الطبيعي، فإنها تتبع بعناية برنامج التمارين المنزلية المسجل في دفتر صغير، وهو روتين يومي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتهما. وتقول السيدة عبيدة: "أصبحت زهرة قادرة بفضل العلاج والعلاج الطبيعي على مر السنين على ارتداء ملابسها بنفسها وتناول الطعام بنفسها، وحمل القلم والكتابة. وأنا فخورة جداً بما حققته منذ أن بدأنا في التردد على المركز".
وأحرزت زهرة تقدماً ملحوظاً بفضل الجهود المبذولة والرعاية المستمرة، فحققت إنجازات صغيرة تحتفل بها والدتها. وتواصل السيدة عبيدة زيارة المركز بانتظام ويغمرها الأمل، إذ تلاحظ أن ابنتها تصبح أقوى وأكثر استقلالاً يوماً بعد يوم.
ويفيد السيد نجم الدين هلال، مدير المركز في كابول، بأن الشلل الدماغي هو اضطراب في النمو ناتج عن تلف في الدماغ قبل الولادة أو خلالها أو بعدها بفترة قصيرة. ويذكر في هذا الصدد ما يلي: "يمكن أن يؤثر هذا التلف على قدرة الدماغ على التحكم في الحركة ووظائف العضلات، مما يؤدي إلى مصاعب في الأجل الطويل تحول دون تنسيق الحركة وتوتر العضلات والوضعية والتوازن. وفي حالات كثيرة، يزداد خطر الإصابة بالشلل الدماغي عندما تكون الرعاية قبل الولادة محدودة، لأن ذلك يمكن أن يساهم في حدوث مضاعفات أثناء الحمل والولادة".
عدد البالغين المصابين بالشلل الدماغي الذين يتلقون العلاج
وتسنى خلال السنوات الأربع الماضي علاج مئات الأطفال والبالغين المصابين بالشلل الدماغي في مراكز إعادة التأهيل البدني التي تحظى بدعم من اللجنة الدولية. وسُجّل ما مجموعه 828 بالغاً مصاباً بالشلل الدماغي في الفترة الممتدة من آب/أغسطس 2021 إلى حزيران/يونيو 2025 في جميع المحافظات. وبلغ عدد الذكور في صفوفهم 513 شخصاً (زهاء 62 في المائة)، وبلغ عدد الإناث 315 شخصاً (زهاء 38 في المائة). وارتفع عدد الحالات المسجَّلة الجديدة ارتفاعاً حاداً في عامَي 2022 و2023، مما يدل على توسع البرنامج وزيادة انتشاره.
الإدماج الاجتماعي
أدت برامج الإدماج الاجتماعي التي تدمج الأطفال والبالغين المصابين بالشلل الدماغي دوراً أساسياً أيضاً في عملية إعادة التأهيل الشاملة. فمنذ آب/أغسطس 2021، شارك ما مجموعه 400 مريض (257 فتى و22 فتاة و106 رجال بالغين و15 امرأة بالغة) في أنشطة تضم مثلاً كرة الصالات (كرة القدم في الصالات المغلقة) والعلاج الترفيهي ومبادرات أخرى قائمة على الإدماج المجتمعي.
أطفال يلعبون كرة الصالات داخل صالة رياضية في مركز إعادة التأهيل البدني التابع للّجنة الدولية في كابول.
وتتيح هذه الأنشطة للأطفال فرصة اللعب والتفاعل واستعادة ثقتهم بأنفسهم في بيئات داعمة. وأصبحت هذه البرامج الاجتماعية، في نظر العديد من الأسر، قيّمة بقدر العلاج الطبي، لأنها تساعد الأسر على إدراك أن الشلل الدماغي ليس سبباً للعزلة، بل فرصة للتكيف والتواصل والنمو معاً بطريقة أقوى.
وقال السيد نجم الدين، مدير برنامج إعادة التأهيل التابع للّجنة الدولية، ما يلي: "يكتسي التركيز على علاج الأطفال من خلال البرنامج أهمية خاصة. ويبيّن العدد الكبير للأطفال الذين عولجوا أن جهود إعادة التأهيل تصل إلى الأسر في مرحلة مبكرة، وهو أمر ضروري لتحسين النتائج في الأجل الطويل لصالح الأطفال المصابين بالشلل الدماغي".
الدعم من خلال برنامج إعادة التأهيل البدني في الأشهر الستة الأولى من عام 2025
- حصول 104,634 مريضاً على المساعدة في سبعة مراكز لإعادة التأهيل البدني تحظى بدعم اللجنة الدولية
- تسجيل 8,748 مريضاً جديداً، منهم 509 أشخاص خضعوا لعمليات بتر
- تصنيع وتركيب 15,550 طرفاً صناعياً وجهازاً تقويمياً
- إجراء 72,949 جلسة علاج طبيعي
- إجراء 5,311 زيارة منزلية استفاد منها 2,920 مريضاً
- حصول 343 مريضاً على تدريب مهني
- حصول 1,534 مريضاً على قروض صغيرة بدون فوائد لبدء مشاريع صغيرة