إننا إذ نحتفل بالذكرى الخامسة عشرة لصدور قرار مجلس الأمن 1325 والذكرى العشرين لإعلان بيجين، تشغل النساء والفتيات الصدارة على جدول الأعمال الدولي. غير أن الواقع على الأرض يقول إنه لا يزال يتعين بذل الكثير لضمان حماية النساء والفتيات وتلبية احتياجاتهن في النزاعات المسلحة. وتعترف اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) بالعواقب الإنسانية الخطيرة التي تسببها النزاعات المسلحة للنساء والفتيات، وتسعى جاهدة إلى ضمان حمايتهن بموجب القانون الدولي الإنساني.
ومن واقع تجربة اللجنة الدولية في هذا الميدان، فإننا أول من يشاهد آثار النزاعات المدمرة على النساء والفتيات. وتظل النساء والفتيات معرضات بصفة خاصة للنزوح القسري، وأعمال العنف العشوائية والمستهدفة، وغير ذلك من ألوان المعاناة التي يمكن أن تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
إن الضحايا يشغلون دائما بؤرة الاهتمام في أعمال اللجنة الدولية. ويضمن هذا النهج إتاحة فرص آمنة وتشاركية ومتكافئة ومصممة خصيصا لوصول النساء والفتيات والرجال والفتيان المتضررين من النزاعات إلى المساعدات الإنسانية.
ومع ذلك، تظل النساء معرضات لمخاطر محددة أثناء النزاعات المسلحة، وتوجد لهن احتياجات خاصة يجب تلبيتها. ونحن نرى، على سبيل المثال، أن العنف الجنسي، إن كان يمس الرجال والفتيان أيضا، فإن أكثر من يتعرضون له هن النساء والفتيات. والمعروف على نطاق واسع أن العنف الجنسي يشكل واحدة من أكثر التجارب الصادمة على الإطلاق التي يمكن أن يخوضها أي إنسان.
ويعد الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي جرائم بشعة يحظرها القانون الدولي الإنساني. وينبغي للدول أن تهيئ فرصا لحصول الضحايا بأمان وفي سرية على الرعاية الطبية. ويجب التحقيق حسب الأصول في العنف الجنسي وملاحقة مرتكبيه، مع الحفاظ دائما على السرية.
وبالإضافة إلى ذلك، كثيرا ما تُترك النساء والفتيات يتجرعن وحدهن آلام الفقدان، في وقت يتعين عليهن فيه القيام بدور جديد كربات للأسر مسؤولات عن حماية أسرهن وسلامتها بعد مقتل الرجال أو إصابتهم أو احتجازهم أو فقدانهم.
ومع ذلك، فكثيرا ما تواجه النساء صعوبات في ممارسة حقوقهن المتعلقة بالملكية أو في العمل أو في حرية التنقل، مما يحد من قدرتهن على النهوض بأعبائهن.
وبالرغم من آثار النزاع الرهيبة، كثيرا ما تبدي النساء قوة ملحوظة، وتشهد على ذلك الأدوار الحاسمة التي يضطلعن بها في مجتمعاتهن المحلية، حيث يوفرن الحماية ويقدمن الدعم لأسرهن.
يجب أن تضع التدخلات الإنسانية ذلك في اعتبارها، مع إشراك النساء والفتيات في جميع المراحل، وتصميم دعم يستهدفهن لمعالجة طائفة من الاحتياجات الفردية المحددة. وينعكس هذا في نهج اللجنة الدولية المتمثل في القيام باستجابة مصممة وفقا للاحتياجات ومجدية. على سبيل المثال، بينما قد تحتاج بعض النساء إلى الدعم ليبتن معتمدات على أنفسهن وليتجنبن استراتيجيات التصدي المنهكة، فإن غيرهن يحتجن إلى المساعدة في الاضطلاع بدورهن كمقدمات للرعاية.
ويتطلب إعداد استجابات مكيفة ومستنيرة تحليلا مناسبا ومنهجيا لمختلف أوجه الضعف المتصلة بالنوع الاجتماعي والعمر والإعاقة.
وفي النهاية، ينبغي أن يظل مبدأ "عدم الإيذاء" في بؤرة اهتمام أي استجابة. ويجب دائما أن نضمن عدم تسبب الدعم المقدم في تأجيج المزيد من العنف داخل المجتمع أو الأسرة، وعدم تسببه في تفاقم التمييز القائم.
وتود اللجنة الدولية أن تذكر بأن الدول تتحمل المسؤولية الرئيسية عن احترام القانون الدولي الإنساني وضمان هذا الاحترام. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين أن تكون تشريعاتها المحلية متفقة مع القانون الدولي الإنساني عن طريق إدراج حماية خاصة للمرأة واحترام خاص لها، والحظر المطلق لجميع أشكال العنف الجنسي.
ولقد اعتمد المؤتمر الدولي الحادي والثلاثون للصليب الأحمر والهلال الأحمر في عام 2011 خطة عمل من أربع سنوات، حث فيها الدول ومكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على اتخاذ إجراءات معينة لتعزيز حماية النساء في النزاعات المسلحة. وفي ضوء اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الدولي الثاني والثلاثين، تعرب اللجنة الدولية عن استعدادها لمواصلة دعم الدول في الوفاء بتعهداتها القائمة بحماية النساء ومنع ممارسة العنف ضدهن، وضمان احترام القانون الدولي الإنساني والمعايير الأخرى الواجبة التطبيق.