المحكمة الجنائية الدولية
اعتُمد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما في تموز/يوليه 1998، وكان حدثًا رحبت به اللجنة الدولية للصليب الأحمر باعتباره خطوة هامة في سبيل ضمان ألا تعود جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية بمنأى عن العقاب.
كان السيد غوستاف موانييه، أحد مؤسسي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أول من اقترح قبل مائة وأربعين سنة إقامة محكمة جنائية دولية. ولم يبدأ المجتمع الدولي النظر في هذه الفكرة إلاّ مع مجيء الأمم المتحدة إلى الوجود، ولم يقرر التحرك لتنفيذها إلّا في عام 1998.
وتشكل المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة إلى اللجنة الدولية آلية حاسمة لتعزيز مكافحة الإفلات من العقاب، وتحديدًا الفشل في معاقبة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
وحسبما ورد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تتحمل الدول المسؤولية الرئيسية في المقاضاة على الجرائم الدولية. ويتعين على الدول بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 مقاضاة الأشخاص المتهمين بجرائم الحرب أمام محاكمها الوطنية أو تسليمهم لكي يحاكموا في مكان آخر.
ولا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية بهذا المعنى أن تمارس اختصاصًا مكملًا على الجرائم الدولية، أي أنه لا يجوز لها النظر في أي قضية إلاّ عندما تكون الدولة غير قادرة على مقاضاة المشتبه بهم أو غير راغبة في ذلك. ويجوز لها أيضًا البدء بالنظر في القضية عندما يطلب منها مجلس الأمن ذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وتمارس المحكمة الجنائية الدولية اختصاصًا على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. ويشمل ذلك معظم الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني التي تغطيها اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977 سواء ارتكبت أثناء نزاع مسلح دولي أو غير دولي.
ويشمل النظام الأساسي جرائم حرب محددة، مثل جميع أشكال العنف الجنسي المرتكبة خلال نزاع مسلح، واستخدام الأطفال دون سن الخامسة عشرة للمشاركة في الأعمال العدائية.
وفيما يتعلق بالإبادة الجماعية، تكرر المحكمة الجنائية الدولية تعريف الجريمة الوارد في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948. وتعرف الاتفاقية الإبادة الجماعية بأنها الأفعال المرتكبة (مثل القتل المتعمد) بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية.
وتمتلك المحكمة الجنائية الدولية كذلك اختصاصًا على الجرائم ضد الإنسانية، التي تشمل سلسلة من الأفعال التي تُرتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين.
ولم تُعرَّف جريمة العدوان، التي أشير إليها أيضًا في النظام الأساسي، لدى إنشاء المحكمة، بيد أنها ستُدرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمجرد تعريفها[1].
وعلى النقيض من المحاكم الدولية الأخرى، يجوز للمحكمة الجنائية الدولية اتخاذ إجراءات ضد الأفراد ولكن ليس ضد الدول. بيد أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا يتضمن أي إشارة تعفي الدول من التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني القائم أو القانون الدولي العرفي.
وتشجع اللجنة الدولية الدول بقوة على التصديق على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في أقرب وقت ممكن، وتعمل عن كثب مع الدول على مراجعة تشريعاتها الوطنية القائمة لضمان وفائها بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب.
ورحبت اللجنة الدولية أيضًا بمنح موظفيها حصانة من تقديم أدلة إلى المحكمة، على النحو المنصوص عليه في القاعدة 73 من "القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات" للمحكمة الجنائية الدولية.
وتعترف تلك القاعدة بالدور المحوري الذي يمثله عامل السرية والذي سيستمر في تمثيله في جميع عمليات اللجنة الدولية. وستواصل اللجنة الدولية سيطرتها الكاملة على المعلومات التي قد تحصل عليها أثناء عملها بشكل وثيق مع جميع أطراف النزاع. وسيمكنها ذلك من إحاطة جميع الاتصالات أو التقارير التي قد تقدمها بشأن المقاتلين وغيرهم من حاملي السلاح بسرية تامة، ومن أداء مهمتها الإنسانية الرامية إلى الحد من المعاناة التي تسببها النزاعات المسلحة.
[1] أُدرجت بموجب القرار 6.RC/Res في 11 حزيران/يونيو 2010.