الدروس المستفادة من التصدي لوباء الإيبولا

29 آيار/مايو 2015
الدروس المستفادة من التصدي لوباء الإيبولا
©GRC

تعرض العاملون في مجال الرعاية الصحية في غينيا إلى عدة حوادث عنف أثناء محاولتهم التصدي لوباء الإيبولا. فلم تسلم من هذا العنف جمعية الصليب الأحمر لغينيا، التي شاركت بنشاط في التصدي لفيروس الإيبولا بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. يتحدث السيد "مامادي سيسيه"، الأمين التنفيذي للصليب الأحمر الغيني ونائب رئيس اللجنة المعنية بالتصدي لفيروس الإيبولا، عن التدابير التي اعتمدتها الجمعية الوطنية لمواجهة هذا الوضع.

ما حجم الأثر الذي خلفه العنف الموجه ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية في غينيا على عملية التصدي لوباء الإيبولا؟

عندما تقع حوادث عنف يكون لها تأثير سلبي للغاية على عملية التصدي لوباء الإيبولا من جميع جوانبها. واسمحوا لي أن أشرح لكم ذلك بطريقة واضحة وملموسة، فالجمعية الوطنية تتولى حصريًا ثلاثة أنشطة رئيسية في مجال مكافحة الوباء، ألا وهي نقل المصابين إلى مراكز العلاج ودفن المتوفين بسببه بطريقة آمنة وكريمة وتطهير المنازل التي طالها الوباء. وإذا حال العنف دون وصول فرقنا إلى المرضى، فلن يتمكنوا من الحصول على العلاج اللازم لهم وسيتعرض من معهم لانتقال العدوى. وثمة خطر من انتشار الفيروس في حال عدم السماح لنا بالتعامل بشكل صحيح مع الجثامين. وفي النهاية، لا يمكن إجراء أية أنشطة في مجال التوعية بمخاطر الوباء في المناطق المتضررة من أعمال العنف، ما من شأنه تعريض أولئك الذين يتعاملون مع الفيروس للوصم والنبذ.

ما الأسباب الكامنة وراء الهجمات التي يتعرض لها العاملون في مجال الرعاية الصحية وفي الصليب الأحمر الذين يسعون للتصدي للوباء؟

بادئ ذي بدء، يتعين فهم أهمية الطقوس التي تمارس عند الوفاة والمتأصلة في عادات وتقاليد مجتمعاتنا المحلية (مثل الاحتفالات وتقديم الهدايا لروح المتوفى). وعندما بدأنا فعليًا التصدي لفيروس الإيبولا، طالبنا الأهالي بالتخلي نهائيًا عن أكثر التقاليد والعادات المتبعة رسوخًا. وينبغي الأخذ في الاعتبار محدودية فرص حصول السكان على الرعاية الصحية اللازمة. إضافة إلى ضعف شبكات الاتصالات، ما يجعل من الصعب جدًا الوصول للسكان (تكرار تعطل أجهزة البث الإذاعي وقلة الإذاعات المحلية، ... إلخ.)، ما يفسح الطريق أمام انتشار الشائعات - وما يتبعه من عنف – عبر قنوات غير رسمية، بشكل سريع تصعب السيطرة عليه.

وكيف تعاملتم مع أحداث العنف؟

يعمل الصليب الأحمر الغيني على عدة مستويات للوصول إلى المصابين بفيروس الإيبولا وتوفير الحماية الواجبة للعاملين في مجال الرعاية الصحية بالرغم من كل المصاعب المشار إليها. وبصفة عامة، قمنا بإطلاق حملات إعلامية لنشر المعرفة بمهمة الصليب الأحمر الغيني وإذكاء الوعي على مستوى المجتمع المحلي. وعلى الجانب الآخر، نظمنا حلقات عمل تدريبية للمتطوعين حول "الوصول الآمن" بغية تبادل الخبرات والتجارب حول سبل مواجهة أعمال العنف .وحينما يقع حادث بعينه، ونبلغ به وتُعلق أنشطة الفرق حتى يجري إبلاغ الحركة ويتقرر الإجراء المناسب الواجب اتخاذه حيال السلطات ويتم بعد ذلك التواصل معها، وتقترح عندئذ تدابير لاستئناف الأنشطة والخروج من الأزمة. ولا يتعلق معظمها بكيفية التعاطي مع قادة المجتمعات والسلطات المحلية فحسب بل أيضًا بحث المتطوعين على إعادة النظر في سلوكهم وتصرفاتهم للتغلب على حالة انعدام الثقة في عملهم.

ما الدور الذي تعتقدون أنه على الحكومة أن تقوم به لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية ومنع وقوع هجمات من هذا القبيل؟

للحكومة دور رئيسي في ضمان أمن العاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء أراضيها. ويتعين عليها أيضًا معرفة المبادئ الأساسية للحركة الدولية والأنظمة الأمنية المعمول بها ونشرها. وعليها أيضًا فتح باب الحوار مع المجتمعات المحلية والجمعية الوطنية للصليب الأحمر الغيني لمد جسور التفاهم والقبول والاحترام المتبادل. وهذا من شأنه تلافي اقتراح السلطات بفرض حراسة عسكرية على متطوعي الصليب الأحمر حفاظًا على أمنهم.

مامادي سيسي، الأمين التنفيذي، الصليب الأحمر الغيني

ما الدروس المستفادة من هذه التجربة لتحسين فرص الوصول وتوفير خدمات الرعاية الصحية بشكل آمن في أماكن أخرى؟

مما لا شك فيه أن تدريب المتطوعين على مسألة الوصول الآمن أمر أساسي، ولكن أود أن أنوه إلى أن الدرس المستفاد الآخر هو "تحسين فرص التواصل وتعزيزها بشكل أكبر في جميع الأوقات". ففي الواقع، من المهم للغاية في مجال مكافحة فيروس الإيبولا، الحصول على ضمانات أمنية من السلطات المحلية وقادة المجتمع المحلي والشباب، وكذلك من أفراد أسرة المريض أو المتوفى. فالصليب الأحمر الغيني بحاجة أكثر من أي وقت مضى، إلى ثقة المجتمعات المحلية وتعاونها بشكل فعال. فالمتطوعون الذين يضعون حياتهم على أكفهم يوميًا في سبيل مساعدة مجتمعاتهم بحاجة للحصول على اعتراف بدورهم والتعاون معهم، وأعتقد أنه يجب أن يسري ذلك في جميع السياقات.

وعلى صعيد آخر، يتعين على سلطات الدولة اعتماد تدابير تضمن معرفة جميع مقدمي الرعاية الصحية في الحالات الطارئة معرفة جيدة بدورهم والمسؤولية الواقعة على عاتق كل منهم، ليتمكنوا من الوصول إلى فهم كامل للعملية التنظيمية أثناء الحالات الطارئة، ما من شأنه تحسين سبل التعاون وكفالة استجابة مثالية.