بيان

كلمة أمام فعالية "تبادل الخبرات في التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي: نساء وفتيات في أزمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان"

الفعالية الجانبية رفيعة المستوى للدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة

السادة الأفاضل،

بوصفي مندوبة للجنة الدولية للصليب الأحمر، نظرت في عيون كثير من الناجيات من العنف الجنسي. جلست معهن وأصغيت إلى قصصهن المفزعة. وخشوعًا أمام صلابتهن، فأنا شخصيًا آخذ هذا الموضوع في صميم قلبي.

تعطي اللجنة الدولية أولوية للعنف الجنسي في جهودنا من أجل تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني. وأنا هنا اليوم لمشاطرة الخبرات من واقع عملياتنا وتدارس سبل إحراز تقدم في هذه المسألة المهمة.

أولًا، العنف الجنسي ليس جانًبا حتميًا من الحرب، ويمكن، بل ويجب، الحيلولة دون حدوثه.

ثمة حاجة إلى سن قوانين مناسبة. ونحن ندعم الدول لوضع هذه القوانين وجعل المعرفة بها متاحة للأفراد العسكريين وموظفي الخدمة المدنية وهيئات إنفاذ القانون من خلال التدريب.

غير أن التركيز على القوانين حصريًا لا يكفي أبدًا للتأثير على السلوك. فعلى سبيل المثال، أفضى حوارنا مع جماعة مسلحة غير تابعة لدول في منطقة البحيرات العظمى إلى حظر العنف الجنسي في مدونة السلوك الخاصة بها.

وبالنسبة لحاملي السلاح بشكل عام – أتذكر في إحدى الجلسات التي أجريتها عندما كنت مندوبة، باستخدام أوراق الشرح القلّابة وغيرها من الوسائل المرتجلة، عندما عرضتُ صورة لأحد حاملي السلاح وهو يسحب امرأة نحو الأدغال، سألت: "ما الخطأ في هذه الصورة إذن؟"، قالوا: "ليست أمرًا كبيرًا". قالت مجموعة الجنود التي كانت أمامي "ليست أمرًا كبيرًا". ثم قلت لهم: "إذا كانت هذه المرأة زوجتك أو ابنتك أو عمتك أو أمك، فماذا سيكون الخطأ فيها؟". بعدها بدأت المناقشة فعليًا.

ثانيًا، عندما نقدم الرعاية للناجين من العنف الجنسي، ندرك أن هذا الدعم لا يكفي وحده، بل نحتاج لمكافحة الوصم بالعار.

منذ عام 2005، ساعدت اللجنة الدولية في جمهورية الكونغو الديمقراطية 6,500 ناجٍ، الأغلبية العظمى منهم من النساء والفتيات، وذلك بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي من قِبل دور الاستشارة ومكاتب الرعاية الصحية. أكثر من نصف الضحايا تمكنوا من زيارة أحد المراكز في غضون 72 ساعة من وقوع الحادث، مما يعني أن الإحالة الطبية في الوقت المناسب ممكنة.

ولكن تغيير عقلية الناس حول ما يحيط بالعنف الجنسي أمر بالغ الأهمية. فغالبًا ما يتعرض الناجون للنبذ من عائلتهم المباشرة ومجتمعهم الأوسع، وكثيرًا ما يشعرون بالوحدة ويساء فهمهم كليةً. في عملنا، نشجع خلق بيئة داعمة في المجتمعات مما يقلل من صعوبة الاندماج. في جمهورية الكونغو الديمقراطية، نساعد الناجين على إعادة بناء رأس مالهم الاجتماعي والاقتصادي، فيستعيدون بعض استقلالهم، ويمكن أن يساعد ذلك على الحد من الوصم. تخبرنا النساء أن تحسن وضعهن الاقتصادي يفضي إلى سلامة شخصية أفضل واندماج أكبر في المجتمع.

في جنوب السودان، ساعدت الشراكة مع 23 من مقدمي الرعاية الصحية الأولية و3 مستشفيات على جعل الإدارة السريرية للاغتصاب متاحة لعدد أكبر من المجتمعات المحلية. وجنبًا إلى جنب مع السلطات الصحية وجمعية الصليب الأحمر في جنوب السودان وغيرهما، عززنا مسارات الإحالة الطبية للناجين من أجل الحصول على خدمات الدعم التي يحتاجون إليها.

نؤمن بأنه يمكن إحراز تقدم، ولكن لابد أن ندرك أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الدول، التي يجب عليها وضع آليات للحيلولة دون وقع العنف الجنسي من الأساس، عن طريق:

1-   كفالة وجود تنظيم عمل ملائم في مؤسسات السجون والشرطة والقوات المسلحة. ويجب على القوات المسلحة إدماج منع العنف الجنسي في العقيدة الخاصة بها والتدريبات التي تجريها.

2-   كفالة وجود إطار قانوني وطني يمكِّن من الملاحقة القضائية لمقترفي انتهاكات القانون الدولي الإنساني بما فيها العنف الجنسي.

ثم أيضًا:

3-   كفالة توفير الرعاية الصحية البدنية والنفسية الملائمة في خطط العمل الوطنية للإدارة السريرية للعنف الجنسي. وينبغي أن يشمل ذلك تدريب العاملين الصحيين، ووضع نظم إحالة طبية فعالة، وتوفير معدات ومرافق، ووضع مبادئ توجيهية باللغات المحلية.

أشكركم.