انتعاش تجارة الأسماك في الصومال بفضل محركات القوارب والمجمدات
يضرب نسيم المحيط وأمواجه اللامتناهية الشواطئ الذهبية لبلدة إيل الساحلية الصغيرة في شمال الصومال، حيث تبدوهذه البلدة القديمة الواقعة على حافة منطقة صخرية وكأنها مختبئة عن العالم، لتصبح بذلك وجهة مثالية للعزلة والاختلاء بالنفس.
قبل عقد واحد، كانت تتصدر هذه المدينة الهادئة عناوين الأخبار العالمية بوصفها "عاصمة القرصنة" في الصومال، فتلك هي الصورة المستوحاة من الكتب والأفلام التي تسرد قصصًا عن السفن التي كانت تختطف آنذاك مقابل الحصول على فدية، بما فيها فيلم هوليوود الشهير "الكابتن فيليبس".
وقد تشكل القرصنة اليوم جزءاً من الإرث التاريخي الغني لإيل، ففي بلدتها القديمة يقف حصن قديم سكنه ذات مرة البطل الصومالي المناهض للإمبريالية السيد محمد عبد الله حسن. ذاك الحصن، وما يحيط به من مشاهد طبيعية ممتدة على مد النظر، يظهر إيل كلوحة فنية. وفي الوقت الراهن، تنعم هذه البلدة بالسلام والسكينة ما يمنح سكانها الوقت للتركيزعلى عملهم بصيد الأسماك.
محمد مرعي صياد يبلغ من العمر 34 عاماً، يجلس على الشاطئ لإزالة الحسك والزعانف عن الأسماك التي اصطادها. صيد يومه ليس بالوفير، ولكنه أمر متوقع مع انقضاء الموسم، فالأمواج المرتفعة والرياح القوية لا تمكن القوارب الصغيرة من الإبحار إلا أن هناك فسحة صغيرة مع بزوغ الفجر قبل أن تشتد الرياح.
محركات جديدة تحمل معها آفاقًا جديدة
تقول عائشة عبد الكريم، واحدة من بين القليلات من النساء اللواتي يعملن في الصيد هنا: "خلال موسم الرياح الموسمية يصعب على القوارب عبور المحيط، إذ يصبح هائجاً وتشتد الرياح جدًا".
وقد رسي على الشاطئ عدد من القوارب الخشبية المصنعة محلياً يتراوح طولها عادة بين ثلاثة وعشرة أمتار والتي لا تعمل بسبب تعطل محركاتها، الأمر الذي يقلص عدد رحلات الصيد التي يمكن للصيادين القيام بها في البحر.
وتعمل اللجنة الدولية مع مجتمعات محلية صغيرة تعمل في صيد الأسماك في كل من بلدة إيل وكاو وليبيد وهوبيو وذلك من خلال مساعدتهم على زيادة مسافة عبورهم للبحر. فبسبب ظروف الجفاف السائدة في البلاد، انتقل عدد من مربي الماشية الذين فقدوا حيواناتهم إلى هذه المدن الساحلية للبحث عن سبل بديلة للعيش كصيد الأسماك.
وفي إيل، قدمت اللجنة الدولية 20 محركاً جديداً بالإضافة إلى 20 مجمدًا تعمل بالطاقة الشمسية ليتشاركها الصيادون. وتمكن هذه المساعدات السكان من زيادة فرص عبورهم للبحر وتضمن وجود نظام تبريد محلي موثوق، ما يساعدهم في تغطية احتياجاتهم على نحو مستدام.
ومع حلول موسم الصيد القادم في تشرين الأول/أكتوبر، يكون الصيادون على أتم الاستعداد. وبرأي عائشة وهي سيدة قيادية في إيل وتعمل في مهنة الصيد منذ حوالي عقدين من الزمن: " نحن متفائلون وبإذن الله سنجني أرباحاً كثيرة، فالبحر نعمة من الله".
وعائشة التي ترتدي وشاحاً بنياً فضفاضًا، تمتلك الآن مجمدًا يعمل بالطاقة الشمسية وفيه مخزون جيد من الكركند ولحم سمك القرش وأنواع أخرى من الأسماك لبيت الضيافة الذي تملكه وتديره.
قد يبتسم الحظ لإيل، وبالرغم من أن استعادة النشاط السياحي قد يتطلب وقتًا، إلا أن السكان سعداء لأن موسم الصيد القادم يبدو وفيراً.