السيد الرئيس والسادة الوزراء، والزملاء الأعزاء،
يسر اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) أن توجه الشكر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على تنظيم هذا المؤتمر. ونأمل أن نحقق الهدف العاجل المتمثل في تعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة.
لقد شهدنا الخسائر الفادحة التي وقعت في صفوف المدنيين من جراء النزاع الدائر في غزة على مدار أكثر من عام.وألحق العنف دمارًا بالضروريات الأساسية للحياة والكرامة الإنسانية – فضلًا عن تدمير شبكات المياه والإنتاج الغذائي ومنازل السكان.
وتعيش غزة حاليًا حالةً من الدمار تفوق كلَّ تصوّر. ولا يمكن للعمل الإنساني وحده أن يكون بديلًا عن الإرادة السياسية، ولا يمكنه التصدي منفردًا للمعاناة الهائلة التي تنجم عن الحروب الدائرة دون اكتراث بأرواح المدنيين أو كرامتهم.
لا يمكن للمساعدات الإنسانية وحدها تلبية الاحتياجات الهائلة — التي ستزداد مع حلول فصل الشتاء — ومع ذلك يظل التخفيف من وطأة المعاناة ضرورة ملحة.
إن اللجنة الدولية على استعداد لتقديم استجابتها للأزمة ولديها القدرة على الاضطلاع بذلك، بالتعاون مع جمعيتي الهلال الأحمر الفلسطيني والمصري، لكن لا بد من تهيئة الظروف اللازمة للنهوض بهذه المهمة. إننا لم نتمكن بعد من تحقيق تدفق المساعدات دون عوائق وتوزيعها على نحو موثوق به في غزة. وما تزال نقاط التفتيش عائقًا بالغ الصعوبة. فكثيرًا ما تجري عرقلة عمليات إدخال المساعدات. ولا يمكن ضمان الوضع الأمني داخل القطاع.
وبينما ننظر في مستقبل غزة، يتعين علينا مواجهة الحقيقة الصارخة المتمثلة في الدمار الواسع النطاق والصدمات النفسية التي تعمقت جذورها. وعلى نحو مماثل، يتعين علينا أن ندرك أهمية الدور الفاعل المحوريلسكان غزة في تولي شؤون حياتهم، فهم الذين سيضطلعون بدور حاسم في إعادة بناء القطاع.
وبينما نقيِّم المسار نحو المستقبل، تؤكد اللجنة الدولية من جديد النقاط الأساسية التي طرحتها:
أولًا، يكفل القانون الدولي الإنساني الحماية للمدنيين والبنية التحتية المدنية.
وتشمل هذه الحماية جميع المدنيين، بما في ذلك السكان الذين يعيشون في المناطق التي تَصدر أوامر بإخلائها؛ فكثيرًا ما يعجز كبار السن وذوو الإعاقة والجرحى والمرضى عن الامتثال لأوامر الإخلاء، وخصوصًا إذا كانت المهلة الممنوحة للسكان قصيرة. فلا بد من توخي الحرص الدائم في كل الأحول لتفادي إلحاق أضرار بهم، ولا بد من إيصال المساعدات الحيوية لهم، وإتاحة سبل حصولهم على الخدمات الأساسية.
ثانيًا، لا بد أن تظل المستشفيات والمرافق الطبية ملاذات آمنة للحفاظ على أرواح البشر. وقد رأينا في غزة انهيارًا مطردًا لنظم صحية كانت تعمل في السابق، ولا سيما في شمال القطاع.
في كل مرة يُساء استخدام مستشفى أو تلحق به أضرار أو يُدمَّر، وفي كل مرة تُستهدَف سيارة إسعاف، تتعرض حياة المستجيبين الأوائل والمرضى والمصابين محل الرعاية للخطر. فلا مناص من حماية المستشفيات ومقدمي الرعاية الطبية الطارئة.
ثالثًا، تقع على عاتق أطراف النزاع مسؤولية السماح بإيصال المساعدات الإنسانية وتيسير وصولها إلى المدنيين بسرعة وبلا عوائق. ولا غنى عن الاستعانة بآليات التنسيق والحصول على الضمانات الأمنية في الوقت المناسب لتيسير وصول العاملين في المجال الإنساني إلى من هم في أمسّ الحاجة إلى المساعدة.
السيد الرئيس والسادة الوزراء، وأصحاب المعالي،
لقد كان لمصر وجمعية الهلال الأحمر المصري دور بالغ الأهمية في الاستجابة للوضع الإنساني في قطاع غزة ويظل التزامهما التزامًا تامًا بالاستجابة لهذه الأزمة. ويتطلب الوضع في غزة اليوم تحركًا سياسيًا حاسمًا. ويجب على جميع الأطراف اتخاذ التدابير الضرورية على الفور لوضع حدٍ لهذه المعاناة التي يعجز عنها الوصف وهذا الدمار الشامل.
ويطالب القانون الدولي الإنساني بالإفراج عن الرهائن والمعاملة الإنسانية للمحتجزين والعودة الآمنة للمجتمعات المحلية إلى ديارها، وكفالة تحقيق حياة كريمة وآمنة مرة أخرى للسكان في غزة وإسرائيل. ويتطلب القانون الدولي الإنساني أيضًا السماح بوصول السكان إلى المساعدات الإنسانية المحايدة وتيسيرها.
ويجب على كل طرف الامتثال للقانون الدولي الإنساني بصرف النظر عما يقدم عليه الطرف الآخر.
واللجنة الدولية على استعداد للاستجابة؛ ونحن نناشدكم بدعمنا.