قانون الحرب يضع قيودًا على الهجمات السيبرانية أيضًا

01-07-2013 مقابلة

تحكم الحرب السيبرانية قواعد معينة، وتتوفر الحماية للحواسيب والشبكات المدنية والبنية التحتية الالكترونية ضد الهجمات السيبرانية. وكانت هذه المسائل من ضمن الاستنتاجات التي توصلت إليها مجموعة من الخبراء القانونيين والعسكريين وأوردتها في دليل حول القانون الدولي المنطبق على الحرب السيبرانية والذي يُعرف بـ " دليل تالين". ويوضح السيد "لوران جيسيل" المستشار القانوني باللجنة الدولية للصليب الأحمر أهمية هذه الخطوة في تقليل المعاناة البشرية.

ما هى الحرب السيبرانية ولماذا تهتم بها اللجنة الدولية؟

تشمل الحرب السيبرانية وسائل وأساليب للقتال تتألف من عمليات إلكترونية ترقى إلى مستوى النزاع المسلح أو تُستخدَم في سياقه ضمن المعني الوارد في القانون الدولي الإنساني. ولا ينطبق القانون الدولي الإنساني على كافة أنواع الأنشطة التي يُطلق عليها"هجمات سيبرانية" في اللغة الشائعة.

وتكون الشبكات السيبرانية عرضة للهجوم. فعندما تتعرض الحواسيب أو الشبكات في دولة ما للهجوم، قد يؤدي ذلك إلى حرمان المدنيين من الاحتياجات الأساسية مثل مياه الشرب والرعاية الطبية والكهرباء. ويمكن أن تتدخل الهجمات السيبرانية في خدمات إنقاذ الأرواح أو أن تعطل البنى التحتية الحيوية مثل السدود والمحطات النووية وأنظمة التحكم في الطائرات. ويمكن أن يتضرر صالح مئات الآلاف من السكان، وصحتهم وحتى حياتهم. ويتمثل أحد الأدوار التي تقوم بها اللجنة الدولية في تذكير جميع أطراف النزاع بتوخي الحرص بشكل مستمر من أجل حقن دماء المدنيين: فالحروب لها قواعد وقيود تنطبق على كافة وسائل الحرب وأساليبها.

يعلن الخبراء القانونيون والعسكريون في دليل "تالين" أن القانون الدولي الإنساني ينطبق على الحرب السيبرانية؟ فما أهمية ذلك؟

نرحب بتأكيد  الخبراء على الصلة بين القانون الدولي الإنساني وهذه التكنولوجيا الحديثة، حيث من الضروري الخروج بسبل للحد من التكلفة البشرية المحتملة من جراء العمليات السيبرانية أثناء النزاعات المسلحة. ونأمل بدون شك أن يسهم دليل "تالين" بشكل مفيد في تعزيز المناقشات بين الدول حول هذه القضايا المثيرة للتحديات. وسوف تواصل اللجنة الدولية تقديم خبرتها في مجال القانون الدولي الإنساني من أجل التصدي لهذه التحديات.

لقد تطورت وسائل الحرب وأساليبها منذ اعتماد اتفاقيات جنيف عام 1949، ولكن لا يزال القانون الدولي الإنساني منطبقًا على كافة الأنشطة التي تقوم بها الأطراف أثناء النزاع المسلح وينبغي احترامه. ومع ذلك لا يمكن استبعاد حقيقة مؤداها أن هناك حاجة إلى تطوير القانون لضمان توفير الحماية الكافية للسكان المدنيين، تماشيًا مع تطور التكنولوجيا السيبرانية وفهم تأثيرها الإنساني بشكل أفضل، وهذا الأمر تقرره الدول بنفسها.

ما الدور الذي اضطلعت به اللجنة الدولية في هذه العملية؟

ساهمت اللجنة الدولية، بصفتها مراقب، في مناقشات الخبراء لضمان إدراج القانون الدولي الإنساني كما هو قائم في الدليل بأقصى قدر ممكن والتمسك بالحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني لضحايا النزاعات المسلحة. ويُرسي الدليل قواعد ويقدم تعليقات  مفيدة. وتوافق اللجنة الدولية بشكل عام على صيغة القواعد، بيد أنه قد توجد بعض الاستثناءات.

ما التحديات الأساسية التي تفرضها الحرب السيبرانية؟

يوجد فضاء سيبراني واحد فقط تتقاسمه القوات المسلحة مع المستخدمين المدنيين وكل شيء متشابك ومترابط. وتتمثل التحديات الرئيسية في ضمان توجيه الهجمات ضد الأهداف العسكرية فقط، وتوخي الحرص بشكل مستمر على حقن دماء السكان المدنيين والبنية التحتية المدنية. وينبغي على الدول أن تكون حذرة للغاية عندما تلجأ إلى استخدام الهجمات السيبرانية.

هل القراصنة هدف مشروع في الحرب السيبرانية؟

لا تتصل معظم العمليات السيبرانية بنزاع مسلح، ومن ثم فإن القانون الدولي الإنساني لا ينطبق. وحتى أثناء النزاع المسلح، يُعتبَر معظم القراصنة مدنيين لا يزالون مشمولون بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجوم المباشر عليهم، رغم أنهم سيظلون عرضة لمقاضاة جنائية محتملة تبعاً لما ارتكبوه.

ولكن إذا شارك القراصنة بشكل مباشر في العمليات العدائية، وقاموا بتنفيذ هجمات سيبرانية لدعم أحد طرفي النزاع المسلح، فإنهم يخسرون الحماية المكفولة لهم ضد الهجوم المباشر أثناء تنفيذ الهجوم السيبراني.

هل يمكن استخدام التكنولوجيا السيبرانية بشكل إيجابي أثناء النزاعات المسلحة؟

يقع على عاتق الدول أثناء سير العمليات الحربية التزام بتجنب الإصابات العرضية في صفوف المدنيين والإضرار بالبنية التحتية المدنية أو تقليلها على أقل تقدير. وقد يؤدي التطور التكنولوجي يومًا ما إلى تطوير أسلحة سيبرانية يمكنها في ظروف محددة التسبب في إصابات وأضرار عرضية أقل من الأسلحة التقليدية، لتحقيق الميزة العسكرية نفسها. وسوف تواصل اللجنة الدولية رصد ما يحدث من تطورات في هذا الصدد.

ما حكم الأسلحة السيبرانية في القانون الدولي؟

تتحقق مصلحة كافة الدول من تقييم مشروعية الأسلحة الجديدة، حيث أن هذا التقييم سيساعدها في ضمان تصرف قواتها المسلحة وفق الالتزامات الدولية. وتُلزم المادة 36 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 كل دولة من الدول الأطراف التأكد من امتثال أي أسلحة جديدة تقوم بنشرها أو تدرس مسألة نشرها لقواعد القانون الدولي الإنساني، وهذه نقطة استحضرها دليل "تالين".

ولقد طالبت الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف أثناء المؤتمر الدولي الثامن والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر المنعقد عام 2003 بأن تخضع جميع الأسلحة ووسائل وأساليب الحرب الجديدة "لاستعراض دقيق ومتعدد التخصصات" وذلك لضمان ألا يتخطى تطور التكنولوجيا الحماية القانونية المكفولة. ويُعَد استخدام العمليات السيبرانية أثناء النزاعات المسلحة مثالاً جيدًا على هذا التطور التكنولوجي السريع.

الصور

لوران جيسيل، المستشار القانوني 

لوران جيسيل، المستشار القانوني

أقسام ذاتصلة