صفحة من الأرشيف: قد تحتوي على معلومات قديمة

الرئيس كالينبرغر: حوار مع صحيفة زودويتشي تسايتونغ الألمانية "Süddeutsche Zeitung "

21-01-2006 مقال، صحيفة زودويتشي تسايتونغ

تحدث رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن دور المنظمة في زيارة مراكز الاعتقال الأمريكية وأنشطتها في أفريقيا والدور الذي لعبته اللجنة خلال أزمتي زلزال جنوب آسيا وتسونامي.

  زودويتشي تسايتونغ : السيد كالينبرغر، الولايات المتحدة ترسل إلى أماكن سرية سجناء تصفهم بالإرهابيين. ما علم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بذلك؟

     

  كالينبرغر : أنا متفاجىء جداً لكون مشكلة أماكن الاعتقال السرية لم يكشف النقاب عنها سوى الآن. ففي يناير/كانون الثاني من العام 2004 كنا قد أعربنا عن قلقنا إزاء وجود عدد غير معروف من الأشخاص المحتجزين في أماكن مجهولة لم نتمكن من الحصول على تصريح بزيارتها. إلا أن الناس لاحظوا هذا الأمر بالكاد حينذاك.

  زودويتشي تسايتونغ : ما هي الخطوات التي اتخذتها اللجنة الدولية؟

  كالينبرغر : نحن في حوار مع الحكومة الأمريكية.

  زودويتشي تسايتونغ : ومع الأوروبيين؟ هم أيضاً لديهم بعض المعلومات عن السجون.

  كالينبرغر : نحن نتعاطى فقط مع الأمريكيين بخصوص هذا الموضوع. نريد أن نزور جميع الأشخاص المحتجزين بسبب ما يسمى " الحرب على الإرهاب " .

  زودويتشي تسايتونغ : يبدو أن الحوار لم يسفر عن الكثير من النتائج.

  كالينبرغر : هناك نتائج، لكن صحيح أننا لم نزر جميع السجناء. ولعل عدد السجناء الذين لا نستطيع زيارتهم قليل جداً. تزور اللجنة الدولية آلاف المعتقلين في غوانتانامو وأفغانستان والعراق. نزور غوانتانامو مرة كل ثلاثة أشهر لأربعة أسابيع أو خمسة.

  زودويتشي تسايتونغ : رغم جهود اللجنة الدولية ما زال المعتقلون قابعين هناك. هل تشعرون بالإحباط من جراء ذلك؟

  كالينبرغر : إذ شعرنا بالإحباط لأننا لم نستطع إنجاز كل شيء بالسرعة التي نريدها، فما علينا إلا أن نتوقف عن العمل. زياراتنا إلى غوانتنامو ليست من دون جدوى. فقد حققنا بعض النتائج من خلالها. لكننا لم نتمكن من تضييق هوة خلافاتنا مع الأمريكيين بشأن الوضع القانوني للمعتقلين.

  زودويتشي تسايتونغ : شجبت اللجنة الدولية التعذيب في سجن أبوغريب في العراق بعدما انكشف الوضع للعيان إثر إفشاء أسرار. ألم يكن من اللازم أن تفعلوا شيئاً قبل ذلك بكثير؟

  كالينبرغر : قبل ظهور تقرير اللجنة الدولية السري إلى العلن بأشهر عديدة، وهو ما حدث دون موافقتنا، ناقشنا مسألة تحسين الأوضاع داخل السجن أثناء مباحثاتنا مع الأمريكيين. فنحن نعرب عن قلقنا علناً فقط في حال عدم تحقيق الهدف من المباحثات السرية العديدة التي نجريها مع السلطات بشأن انتهاكات القانون الدولي الإنساني الجسيمة والمتكررة.

علاوة على هذا يجب أن يؤكد موظفونا بأنفسهم صحة الانتهاكات وأن يكون الشجب العلني في مصلحة الأشخاص المحرومين من حريتهم. علينا أن نحافظ على قواعد صارمة للسرية، لأن الخطر الذي ينطوي عليه الشجب العلني دائما هو حرماننا من زيارة المعتقلين وتمكينهم من التواصل مع أقاربهم. لكننا لسنا انتهازيين أبداً، ونتكلم بصراحة أثناء المحادثات السرية.

  زودويتشي تسايتونغ : هل تؤدي سياسة السرية إلى اعتقال فئة جديدة من المحتجزين، لاسيما أولئك الذين هم تحت رحمة السلطة التعسفية للدولة؟

  كالينبرغر : نحن نلحُّ على أن لكل المعتقلين الحق في وضع قانوني واضح. فالقانون الدولي الإنساني واجب التطبيق على جميع الأسرى في النزاعات المسلحة. وفي هذا الصدد نحن في حوار مع الولايات المتحدة.

  زودويتشي تسايتونغ : اللجنة الدولية للصليب الأحمر ممولة بواسطة التبرعات والولايات المتحدة تمنحكم أكثر من أي بلد آخر. هل تخشون على ميزانيتكم؟

  كالينبرغر : كلاَّ، الولايات المتحدة تقيم اللجنة الدولية استناداً إلى فاعلية عملها الإنساني؟

  زودويتشي تسايتونغ : ما معيارها في ذلك؟

  كالينبرغر : الأطراف المانحة تنظر إلى السرعة التي نتحرك بها بعد كارثة ما وفاعليتنا في مساعدة المتضررين بسبب النزاعات. في العام الماضي زرنا أكثر من 2400 سجن في 80 بلداً يقبع فيها نحو 600 ألف سجين.

في دارفور بالسودان، تعد اللجنة الدولية من المنظمات الإنسانية القليلة التي مازالت تعمل في مناطق تسودها ظروف أمنية غير مستقرة. ففي العام 2005 زودنا 600 ألف شخص بالماء الصالح للشرب في دارفور و300 ألف شخص بإمدادات الطوارىء و100 ألف شخص بالأغذية.

  زودويتشي تسايتونغ : تكرس اللجنة الدولية الجزء الأكبر من نشاطها لأفريقيا. ما علَّة العديد من النزاعات هناك؟

  كالينبرغر : المشكلة هي أن المجتمع الدولي لم يولِ أفريقيا سوى قليل من الاهتمام منذ فترة طويلة. فالعديد من الدول الأفريقية ضعيفة اقتصادياً واجتماعيا وسياسياً. وإذا لم يستثمر العالم في السلم بسرعة، فإن خطر نشوب نزاع حالما ينتهي نزاع آخر كبير. ويبدو لي أيضاً أنه من الأهمية بمكان تحسين الشعور بالمسؤولية لدى الطبقات الحاكمة إزاء شعوبها في العديد من دول أفريقيا.

  زودويتشي تسايتونغ : هل المجتمع الدولي يفعل ما يكفي؟

  كالينبرغر : الغرب يقرُّ بأهمية التدخل، لكن لابد من بذل المزيد من الجهد.

  زودويتشي تسايتونغ : ماذا على سبيل المثال؟

  كالينبرغر : يجب تعزيز أو إنشاء مؤسسات سياسية فضلا عن البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والاقتصاد. ويجب تقوية المجتمع المدني حتى لا يسيطر عليه الذين لا يعيرون السلم أي اهتمام. وهذه مسألة تتطلب بعض الوقت. وعلى سلطات البلدان المعنية أيضاً أن تتخذ التدابير اللازمة. وبإمكان الشركات الخاصة أن تكون فعالة عندما تخوض في المجال الاجتماعي.

  زودويتشي تسايتونغ : تلقت اللجنة الدولية نفسها تبرعات من الشركات مؤخراً.

  كالينبرغر : في كلامكم إشارة إلى مجموعة الشركات الجديدة الداعمة، التي لابد من التركيز عليها نظراً لأهميتها. تساهم سبع شركات سويسرية بثلاثة أو أربعة ملايين فرنك سويسري سنوياً في ميزانيتنا الإجمالية التي تبلغ مليار فرنك. وحتى في المستقبل سوف تتلقى اللجنة الدولية ما بين 80 و90 في المائة من ميزانيتها من الدول والمفوضية الأوروبية، وهذا منطقي، لأن مجتمع الدول أسند إلى اللجنة الدولية بعض المهام، منها تلك المتعلقة برفاهية السجناء والمعتقلين. ولكننا نريد أن ننوع مصادر تمويلنا. كما نريد أن نتبادل المعرفة مع الشركات على سبيل المثال في مجال تكنولوجيا المعلومات والدعم اللوجيستي وتطوير الإدا رة والموارد البشرية. إن اللجنة الدولية التي لديها 12 ألف موظف هي في حد ذاتها منظمة كبيرة نسبياً.

  زودويتشي تسايتونغ : اللجنة الدولية ترغب أيضاً في تلقي الدعم من الشركات المانحة من خارج سويسرا، وهو ما يغضب الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والمنظمات الخاصة لأنها تتنافس كلها على التبرعات.

  كالينبرغر : أنا لم أسمع شيئاً عن الغضب بعد. لكننا لن نوسع مجموعة الشركات الداعمة دون التشاور مع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر. صحيح أن المنظمات الأصغر حجماً تعتمد بشدة على تبرعات القطاع الخاص. وقد بات على المنظمات الإنسانية أكثر من أي وقت مضى أن تثبت للمانحين أنها تفي بوعودها. أما المنظمات القادرة على الوفاء بوعودها فلا حاجة لها أن تقلق على التمويل.

  زودويتشي تسايتونغ : هل تحصل اللجنة الدولية على التمويل المناسب؟

  كالينبرغر : نعم، ولكن يجب علينا أن نحقق أهدافنا.

  زودويتشي تسايتونغ : ما هي أهداف العام 2006؟

  كالينبرغر : نريد الوصول إلى الأشخاص المتضررين بسبب النزاع في جميع أنحاء العالم، وهم الذين بحاجة إلى المساعدة والحماية. فهناك أماكن قليلة جداً لا يمكننا الذهاب إليها، كأجزاء من أفغانستان والعراق. وأمنيتي هي أن يتسنى لنا القيام بأنشطتنا في هذه المناطق أيضاً. كذلك من المهم أيضاً تفعيل الإجراءات اللازمة كي يحظى القانون الدولي الإنساني بالمزيد من الاحترام.

  زودويتشي تسايتونغ : وقعت كارثة " تسونامي " في آسيا قبل عام مضى تقريباً. ما هو الوضع هناك الآن؟

  كالينبرغر : ليس باستطاعتي أن أعطي تقييماً شاملاً. فبعد الأشهر الأولى من وقوع الكارثة قدمت اللجنة الدولية مساعدات الطوارىء في " آتشيه " وفي شمال شرقي سريلانكا اللتين هما منطقتي نزاع كانت المنظمة منتشرة فيهما من ذي قبل. وتشارك في جهود إعادة الإعمار منظمات أخرى، بما فيها جمعيات وطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

  زودويتشي تسايتونغ : وماذا عن المناطق المنكوبة بسبب الزلزال في باكستان والهند؟ اشتكى عدد من المنظمات المساعدة أنها لا تتلقى الدعم الكافي.

  كالينبرغر : ليس بوسعي أن أتحدث باسم الآخرين. استطاعت اللجنة الدولية التحرك بسرعة بفضل وجودها في المنطقة. وركزت أنشطة المساعدة التي تقوم بها في منطقة مظفر آباد من شطر كشمير الخاضع لإدارة باكستان. وتقود أنشطتها الطبية هناك بالتعاون الوثيق مع الصليب الأحمر الألماني. فقد حددت اللجنة الدولية لنفسها هدف تلبية احتياجات 200 ألف شخص، أي ما يربو على ربع عدد سكان المنطقة. وساعدت حتى الآن 180 ألف شخص. وسوف يتعين علينا أن نقدم هذا الدعم حتى في فصل الشتاء. إلا أن الحاجة إلى المساعدة ما زالت ضخمة.

أجرت المقابلة " جوديت راوب "