السنغال: رعاية الماشية لتعزيز أمن السكان الاقتصادي

07-04-2010 مقابلة

أمضى السيد "هانس بيتر غيس", وهو طبيب بيطري والسيد "كريستوف دريس", منسق برامج الأمن الاقتصادي التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر في "كازامانس", ثلاثة أسابيع في منطقة "فونيي" لدراسة أهمية الرعاية البيطرية في عيش السكان المحليين. وفي ما يلي مقابلة معهما.

 
©ICRC/C. Valéja      
   
السيد "هانس بيتر غيس" (يمينا) والسيد "كريستوف دريس" (يسارا)      
   
   
   
©ICRC      
   
الحيوانات وبخاصة الأبقار ضرورية للزراعة وزراعة الأرز..      
       

  ما الذي حفّزكما على العمل في منطقة "فونيي"؟  

هذه المنطقة هي أكثر المناطق تضرراً من النزاع في " كازامانس " . وتشهد المنطقة مشاكل أمنية ويضطر السكان أحياناً إلى النزوح, متعرضين لخطر فقدان ماشيتهم. وعلى سبيل المثال, فقد التقينا براعٍ اضطر إلى الهرب إلى غامبيا عام 1998. وكان في ذلك الحين يمتلك 110 بقرات. والآن عاد هذا الراعي إلى " كازامانس " لكنه فقد 40 بقرة في حين سُرقت منه أبقار أخرى.

ومنطقة " كازامانس " هي بالأخص منطقة يسود فيها انعدام الأمن ولا يستطيع الرعاة فيها الاستفادة من الرعاية البيطرية لأن الموظفين الحكوميين لا يأتون إليها. ويعني ذلك أن حملات التلقيح المقررة في باقي أنحاء البلاد, لن تُجرى في هذه المنطقة. هذا وأنشئت شبكة من المساعدين البيطريين المنتمين إلى المجتمعات المحلية, لكنها لا تعمل بشكل سليم بسبب صعوبة تنقل المساعدين البيطريين الذين لا يحظون بالضرورة بدعم الموظفين الحكوميين. لذا, قمنا خلال هذه الأسابيع الثلاثة بمقابلة المساعدين البيطريين والأطباء البيطريين التابعين للحكومة ورعاة الماشية في القرى بهدف تقييم الوضع.

  وما هو أثر هذا النقص في إمكانية الاستفادة من الرعاية البيطرية؟  

تشكّل الأمراض الطفيلية نصف العوامل التي تتسبب بالمشاكل الصحية والمشاكل المرتبطة بوزن الماشية. ولهذه الأمراض تداعيات على إنتاج الحليب وعلى سعر بيع رأس الماشية. لذا فإن نقص الرعاية البيطرية يؤثر سلباً على الماشية وعلى فرص بقائها على قيد الحياة عند الولادة, وعلى مردودها.

في الوقت الحالي, يشتري الوسيط خروفاًُ بقيمة 25000 فرنك من فرنكات الجماعة المالية الأفريقية ـ أي ما يعادل 38 يورو تقريباً ـ ثم يبيعه بضعف الثمن في سوق " توبا موري " الذي يبعد مسافة ساعة في السيارة عن " فونيي " . ويستغل الوسيط انعدام الأمن وانعزال قرى المنطقة, اللذين يمنحاه قدرة أوسع على المساومة. وقد يذهب بائع ماشية بنفسه إلى المناطق المنعدمة الأمن ليشتري الماشية المريضة بأسعار زهيدة, ثم يؤمن لها العلاج ويبيعها محققاً أرباحاً كبيرة. أما الرعاة فلا خيار أماهم سوى بيع ماشيتهم بأسعار أقل من سعر السوق. ويبدو جلياً أن الصعوبات التي يواجهها الرعاة في منطقة " فونيي " في توفير الرعاية الطبية لماشيتهم تتسبب بخسارة كبيرة في أرباحهم.

  ما هو الدور الذي تلعبه الماشية في تأمين معيشة هؤلاء السكان؟  

مهم جداً, إذ أن المنتجات الحيوانية تساهم في بقاء السكان على قيد الحياة. وأظهرت الحسابات التي أجريناها أن أغلبية العائلات تمتلك رأسين أو ثلاثة من الأبقار وحوالي 12 رأساً من الماعز وبعض الدواجن. فمن جهة أولى, تشكّل الحيوانات عنصراً مهماً للزراعة. وعلى سبيل المثال, يتوقف العمل على الأبقار, إن كان في الزراعة بشكل عام أو في زراعة الأرز.

لكن ما الذي يتعين فهمه على وجه الخصوص, هو أن تربية الماشية تشكل بالنسبة للسكان نظاماً للادخار. فإن امتلاك ماشية تتلقى العناية اللازمة يتيح للسكان تغطية مصاريفهم الاستثنائية في فترة ما بين الحصادين, أي حين يعيش المزارعون من مخزونات المحاصيل السابقة في انتظار المحاصيل المقبلة. وتمتد هذه الفترة في " كازامانس " بين شهري آب/أغسطس وتشرين الأول/أكتوبر. ومن شأن تربية الماشية أن يتخذ حيزاً أكبر في حياة السكان في المستقبل.

  وما هو السبب تحديداً؟  

يعتقد الكثير من مربي المواشي أنهم سيُحملون على الاعتماد على الحيوانات أكثر فأكثر. وتبين الشهادات التي جمعناها من السكان أن زراعة الأرز آخذة بالتراجع بسبب تملّح المياه في بعض المناطق, فضلاً عن أن نزوح الشباب من الأرياف إلى المدن, يؤدي إلى تدني نسبة اليد العاملة في زراعة الأرز. بيد أن العائلات تلجأ إلى بيع الماشية عندما تقل نسبة إنتاج الأرز. ولن تستطيع العائلات في المستقبل أن تعتمد على زراعة البلاذر والفول السوداني والأرز فحسب, بل عليها أن تع تمد على المواشي أكثر فأكثر.

  وماذا تنوي اللجنة الدولية فعله لتدارك هذا الوضع؟  

إنها المرة الأولى التي نقوم فيها بهذا النوع من الاستقصاء منذ عام 1998. ونرى أنه من شأن دعم المساعدين البيطريين تحسين صحة الحيوانات في هذه المنطقة, من خلال توفير العلاج أو تيسير إجراء حملات التلقيح. وإننا ننوي في هذا السياق, توفير تدريب تكميلي لخمسة أو ستة مساعدين, يتولاه طبيب بيطري متخصص, فضلاً عن تحسين مستوى المساعدين في مجال تشخيص الأمراض. كما أننا نفكر في تزويدهم بدراجات نارية لأنهم حتى الآن يتنقلون على دراجات هوائية في منطقة شاسعو. ويعتبر تحسين صحة الحيوانات عبر توفير الرعاية البيطرية لها مشروعاً مكملاً للمشاريع الأخرى التي ننفذها في المنطقة, ومن شأنه أن يتيح تعزيز أمن السكان الاقتصادي.