أربعة أشياء تجنبها عند الحديث عن الصحة النفسية

أربعة أشياء تجنبها عند الحديث عن الصحة النفسية

اللغةُ عنصرٌ فارق في التواصل، لا سيما عند الحديث عن الصحة النفسية. فاستخدام اللغة التي تعتبر تمييزية أو تلحق الوصم بالأشخاص له أثر بعيد المدى وعميق في نفوس الناس وأُسَرهم ومجتمعاتهم المحلية بل المجتمع على اتساع نطاقه.
مقال 25 تشرين الأول/أكتوبر 2022

اللغةُ عنصرٌ فارق في التواصل، لا سيما عند الحديث عن الصحة النفسية. فاستخدام اللغة التي تعتبر تمييزية أو تلحق الوصم بالأشخاص له أثر بعيد المدى وعميق في نفوس الناس وأُسَرهم ومجتمعاتهم المحلية بل المجتمع على اتساع نطاقه.

إن استخدام اللغة الملائمة ليس مجرد تمرين ذهني على تحقيق المرونة اللغوية ولا هو محض التزام باللباقة، إنما هو أمر يدور حول الاحترام الأصيل لسلامة الناس وصون كرامتهم، بحسب ما يرى الخبراء. فانتقاء الكلمات عنصرٌ ضروري للقضاء على الصور النمطية السلبية المرتبطة بالأمراض النفسية وعواقبها، سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل.

وتُظهر الأبحاث أن الأفراد يحجمون عن طلب المساعدة – التي قد تنقذ أرواحهم – عندما يحيط بالمسألة المعنية نوعٌ من الوصم. يصدُق هذا القول أيضًا في أثناء النزاعات المسلحة، التي غالبًا ما يكون لها عواقب مباشرة وخطيرة على الصحة النفسية للناس وعلى سلامتهم.

لا بد أن تكون الصحة النفسية والاحتياجات النفسية والاجتماعية للأشخاص الذين يعيشون في مناطق النزاع جزءً من الاهتمام المتزايد بالصحة النفسية في جميع أنحاء العالم. ومنذ تعيين أول مستشار للصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي باللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) عام 2007، عملت اللجنة الدولية على ضمان حصول الأشخاص المتضررين من جراء النزاع وحالات العنف الأخرى على رعاية صحية نفسية تلبي المعايير المعترف بها عالميًا.

ويمثل اليوم العالمي للصحة النفسية هذا العام فرصة لنا في اللجنة الدولية لتسليط الضوء على ما يجب تجنب قوله عند الحديث عن الصحة النفسية، على نحو ما يلي:

"انتحر": ينبغي أن تقول "مات انتحارًا" أو "مات منتحرًا" فهذين التعبيرين يتجنبان التمييز ضد الشخص الذي خسر معركته ضد المرض ومات بسبب مرض ما.

"منفصم الشخصية (schizophrenic)": هذه العبارة تعني تصنيف الشخص بحسب مرضه النفسي. قل بدلًا من ذلك: "شخّصه الطبيب مصابًا بالفصام."

"مدمن على المخدرات، متعاطي مخدرات، مدمن على الكحوليات، سكِّير": الإدمان حالة طبية مزمنة ولكن يمكن علاجها. يظهر استخدام اسم الفاعل أن المشكلة تتمحور حول الشخص لا المرض. تجنَّب استخدام المصطلحات التي لها ارتباطات سلبية ومواقف عقابية، وتنطوي على لوم للأفراد. قل بدلًا من ذلك أيًا من العبارات الآتية:

  • شخص مصاب باضطراب تعاطي المخدرات
  • شخص مصاب بالإدمان على الأفيون
  • شخص مصاب باضطراب تعاطي الكحوليات
  • شخص مصاب باضطراب الإفراط في استعمال المخدرات أو الكحوليات
  • شخص مصاب باضطراب الإفراط في تعاطي الكحوليات أو غيرها بطريقة غير صحية/خطرة.

"مريض نفسي": المصطلحات المماثلة تشمل أيضًا "مجنون، مختل، مخبول." هذه الألفاظ مهينة ومسيئة وتعزز الوصم. أما الألفاظ البديلة المقترحة فهي:

  • شخص "يتعايش مع مرض نفسي" أو "شخَّصه الطبيب بمرض نفسي"
  • شخص يعاني من علة نفسية

وختامًا، لدى كل شخص احتياجات مختلفة؛ لذلك لا يوجد نهج واحد ينطبق على كل شيء في رعاية الصحة النفسية. من المهم أيضًا ألا يغيب عن أذهاننا أن الناس قادرون على إظهار المرونة، حتى في أوقات الأزمات. إن الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي ليست اتجاهًا سلبيًا، فهي نشاط فاعل وتحترم فاعلية الناس وتعزز مرونتهم في مواجهة الشدائد من خلال إتاحة استئنافهم حياتهم بصورة فعالة.

وقد بيَّنت جائحة  كوفيد-19 أن الصحة النفسية ليست رفاهيةً يمكن تأجيلها؛ فلا صحة من دون صحة نفسية لأن الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا، لا مجرد انعدام المرض أو العجز. (دستور منظمة الصحة العالمية). ومع ذلك، فالصحة النفسية ليست "ظاهرة مرتبطة بكوفيد-19". تعمل اللجنة الدولية على ضمان حصول الأشخاص المتضررين من جراء النزاع وحالات العنف الأخرى على رعاية صحية نفسية تلبي المعايير المعترف بها عالميًا. وقد بلغ عدد برامج الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في عام 2010 عشرة برامج ووصلت إلى 279 برنامجًا في عام 2021، ما يدل على نمو ملحوظ في أنشطة اللجنة الدولية في هذا المضمار. وفي عام 2021، وصلنا إلى 726748 مستفيدًا من برامجنا حول العالم. ورغم أن احتياجات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي قد اكتسبت أهمية أكبر في السنوات الأخيرة، لا تزال توجد فجوة كبيرة بين الاحتياجات والحصول على الرعاية (منظمة الصحة العالمية، 2017).

يمكنك المساعدة في الدفاع عن الصحة النفسية عن طريق ما يلي:

  1. تذكر أن الانتحار مشكلة صحية عامة
  2. روِّج لفكرة أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة البدنية
  3. استخدام لغة التمكين وإثبات فاعلية الأفراد
  4. حطِّم الخرافات والأباطيل المحيطة بالمرض النفسي لمواجهة الوصم، كلما سنحت لك فرصة
  5. استخدم لغة تراعي الحساسيات والدقة