بيان صادر عن السيدة دافني ماريت، رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن

بيان صادر عن السيدة دافني ماريت، رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن

اليوم العالمي للمفقودين، 30 أغسطس، 2023
مقال 30 آب/أغسطس 2023 اليمن

يوجد حاليًا الآلاف من المفقودين جرّاء النزاع في اليمن. ففي كل عام، يختفي العديد من الأشخاص، سواءً كانوا من المقاتلين الذين فُقدوا أو قُتلوا نتيجة لمشاركتهم في القتال، أو من المدنيين الذين فقدوا أرواحهم جرّاء الأعمال القتالية ولم يُعثر على جثثهم أو يُتعرف عليها، أو من المحتجزين غير القادرين على الاتصال بعائلاتهم.

لا يزال الحجم الحقيقي للمشكلة غير معروف. ومع ذلك، فإن عواقب حالات الاختفاء هذه على الأفراد والأسر والمجتمعات ككل مدمرة ويمكن أن يكون لها آثار طويلة الأمد. فكل مفقود يترك خلفه عائلة لن تتوقف أبدًا عن البحث عنه والسعي للحصول على معلومات حول مصيره، حيث تعاني عائلته لسنوات من حالة عدم اليقين وتعاني أيضًا من ألم فقدانه، فهي لا تعرف مكانه أو إذا كان حيًا أو ميتًا. علاوة على ذلك، فإن فقدان شخص عزيز يفرض تحديات قانونية ومالية على الأسرة، خاصة إذا كان الشخص المفقود هو المُعيل الرئيس للأسرة، وتساهم النفقات المستمرة المرتبطة بجهود البحث في زيادة العبء.

بالنسبة لعائلات المفقودين، فإن عدم وجود معلومات تدل على مكان من فقدوا من أحبائهم (سواءً أكان ذلك عبر تأكيد وفاتهم أو انتشال جثثهم وإعادتها إلى عائلاتهم) يعني استمرار معاناتهم وعدم قدرتهم على  الحداد والحزن كما ينبغي.

تملك اللجنة الدولية تاريخًا طويلًا في العمل لأجل الأشخاص المفقودين وأسرهم. وتماشيًا مع التفويض الممنوح لها، فقد عملت اللجنة الدولية على منع اختفاء الأشخاص من خلال تعزيزها لمبدإ المساءلة بعد الاحتجاز (على سبيل المثال، من خلال إجراء الزيارات إلى أماكن الاحتجاز) وبناء قدرات الجهات المعنية في التعامل مع الجثث بما يكفل احترامها وتسهيل اتصال المحتجزين بأسرهم وإعادة الروابط العائلية. بدأت اللجنة الدولية العمل على توضيح مصير ومكان الأشخاص المفقودين لأول مرة في عام 1870م.

وفي اليمن، عملت اللجنة الدولية على لم شمل العائلات التي شتتها النزاع وسهلت عودة المحتجزين المُفرج عنهم بما يحفظ أمنهم ويصون كرامتهم، وذلك في إطار دورها كوسيط محايد. وقد جلب هذا الفرح لآلاف الأشخاص الذين تم لم شملهم أخيرًا مع أحبائهم. ومع ذلك، تُذكرنا كل عملية إطلاق سراح بأن هناك العديد من العائلات التي لا تزال دون أي معلومات عن أحبائها المفقودين.

إن توضيح مصير وأماكن الأشخاص المفقودين هو مطلب إنساني مُلح وعنصر أساسي في أي مسعى لبناء سلام.

وتتمثل الخطوة الأساسية في هذه العملية في إقرار أطراف النزاع بهذه المسألة وأسبابها. إن الاعتراف بجميع فئات المفقودين دون تمييز، بغض النظر عن الظروف المحيطة باختفائهم، يعد خطوة أساسية نحو العثور على إجابات حول مصير ومكان الأشخاص الذين فقدوا في الفترات السابقة. وباعتبارها رئيسًا مشاركًا للجنة الفرعية المعنية بملف الموتى المنبثقة عن اتفاق ستوكهولم، فإن اللجنة الدولية على استعداد للعمل كوسيط محايد بين أطراف النزاع لتنظيم وتسهيل عودة الجثث المحتجزة حاليًا لدى الطرف الآخر إلى عائلاتها. وبالتوازي مع ذلك، ستواصل اللجنة الدولية تقديم الخبرات الفنية والدعم المادي للبحث عن جثث الأشخاص المفقودين وانتشالها – سواء تم العثور عليها في مقابر جماعية أو لم يتم دفنها بصورة لائقة أو لم يتم العثور عليها تحت أنقاض المباني المنهارة بعد – والتعامل مع هذه الجثث بما يكفل احترامها وفقًا للمعايير المقبولة دوليًا. إن التعامل مع الجثث والرفات البشرية بهذه الطريقة يُسهل التعرف عليها وإعادتها إلى ذويها، وهذا بدوره يُسهم في تحديد مصير الأشخاص المفقودين.

إن عائلات الأشخاص المفقودين تقع ضحية للعنف بقدر أقاربها المفقودين. ومن الأهمية بمكان الاعتراف بخسارتهم وحزنهم وتقديم الدعم المناسب كجزء لا يتجزأ من الاستجابة لمعالجة الصعوبات الاقتصادية والمشاكل النفسية والاجتماعية والمتطلبات القانونية والإدارية التي تمر بها هذه العائلات.

وبمناسبة احياء ذكرى اليوم العالمي للمفقودين في 30 أغسطس، تعرب اللجنة الدولية عن تضامنها مع جميع العائلات التي لديها أشخاص مفقودين في اليمن. وستواصل اللجنة الدولية تقديم الدعم لأطراف النزاع لبذل ما بوسعهم لمعالجة هذه القضية المعقدة وأسبابها، والعمل على منع حدوث مزيد من حالات الاختفاء، وتقديم الإجابات والدعم لعائلات الأشخاص المفقودين."