أفغانستان: تدريب سائقين على الإسعافات الأولية المنقذة للأرواح

تقدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر برامج تدريب على الإسعافات الأولية لسائقي السيارات الأجرة في أفغانستان الذين ينقلون مصابي القتال إلى المستشفيات. ويساهم دور هؤلاء السائقين في إنقاذ أرواح المصابين، بحسب ما يرى الأطباء المحليون.
"زماريالاي"، سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 35 عامًا وهو من إقليم أورزوجان الواقع في جنوب أفغانستان. وقد دفعته أحداث مأساوية وقعت منذ ثماني سنوات إلى الانخراط في برنامج "مساعدات جرحى الحرب" الذي تقدمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتدريب سائقي سيارات الأجرة على الإسعافات الأولية. ويتذكر زماريالاي قائلاً: "صدمت عندما رأيت أحد أهالي قريتنا ينزف حتى الموت أمام عيني. في غمرة هذا الحادث قررتُ أن أفعل شيئًا لأساعد الجرحى وبدا لي أن التدرب على الإسعافات الأولية أفضل خطوة أبدأ بها."
عبر "زماريالاي" عن هذه الخواطر أثناء برنامج تدريبي للإسعافات الأولية عقد مؤخرًا لتحديث معلومات 14 سائق سيارة أجرة مشاركين في هذا البرنامج الذي تقدمه اللجنة الدولية. ويتضمن عملهم إجلاء المتقاتلين والمدنيين المصابين إلى أقرب مركز طبي. وعلى الرغم من أن هؤلاء السائقين ليسوا موظفين تابعين للّجنة الدولية فهم يحملون "خطاب تيسير الإسعافات" لمساعدتهم على التفاوض عند نقاط التفتيش وحال مواجهتهم عقبات أخرى. كما يوضح هذا الخطاب أيضًا الحاجة إلى نقل المرضى والجرحى بطريقة آمنة وفي حينه لأماكن الرعاية الطبية.
ويوضح "زماريلاي" أثناء إحدى الحلقات النقاشية: "منذ أن بدأت هذا العمل قدمتُ إسعافات أولية لقرابة 800 جريح قبل أن يُنقلوا إلى المستشفى." ويضيف قائلاً: "وفي بعض الأحيان كنت أنقل جرحى يصل عددهم إلى ثمانية أشخاص في اليوم الواحد من أورزوغان التي تبعد مسافة 4 ساعات عن مستشفى مرويس الإقليمي في قندهار."
قندهار، أفغانستان، 29 آب/أغسطس 2016. ساخي داد، (إلى اليسار) يجرب استخدام مواد أساسية لوقف النزيف قبل نقل مريض إلى مستشفى.
CC BY-NC-ND / ICRC / Shamshad Omar
ويكمل قائلا: "وإذا كان المصاب متورطًا في القتال فلا أسأل أبدًا من هو أو إلى أي معسكر ينحاز. إنما شغلي الشاغل أن أنقذ حياته، لا أن أستقصي هويته وانتماءه".
استفاد كل من المدنيين وحَمَلَة السلاح من خدمات النقل التي يقدمها "زماريلاي". يستدعي ذكرياته فيقول: "أتذكر أنني ساعدتُ سيدة شابة أصيبت إصابة بالغة في انفجار لغم أرضي. أوقفتُ النزيف وجبرتُ الساق المكسورة بعد تثبيتها ثم نقلتها بسيارتي إلى مستشفى مرويس. كان من الممكن أن تلفظ أنفاسها الأخيرة في الطريق إذا لم أقدم لها الإسعافات الأولية قبل الانتقال من موقع الحادث."
قندهار، أفغانستان ، 29 آب/ أغسطس 2016. عبد الولي يقدم إسعافات أولية لرجل أصيب في صدره.
CC BY-NC-ND / ICRC / Shamshad Omar
علّق العاملون في مستشفى ميرويس على ما يرون من حالة المصاب عندما يصل إلى المستشفى وقد تم تثبيت مناطق الكسور في جسده، فيقول دكتور "عزيز أحمد" الذي يرأس عنبر الجراحة: "في حالات كثيرة ينجح القائمون بالإسعافات الأولية بالفعل في إنقاذ أرواح المصابين، إذ يأتي أغلبهم من مسافة طويلة وصولاً إلى مركز الرعاية الطبية. وبدون الإسعافات الأولية أشكّ أن تُكتب لغالبيتهم النجاة."
غير أن عمليات نقل المصابين لا تتم بسلاسة دائمًا. يتذكر "زماريلاي" قائلاً: "في إحدى المرات كنت أنقل مدنيًا إلى مستشفى بعد أن أصيب في سقوط صاروخ، فاستوقفني رجال مسلحون في طريقي وأوسعوني ضربًا. اتهمني هؤلاء بنقل 'الأعداء'، وهددوني بقتل الرجل المصاب. تدخلت اللجنة الدولية لبيان الحياد الذي تتسم به أنشطتنا والتزام حَمَلَة السلاح بتيسير نقل المرضى والجرحى إلى المراكز الطبية. فسمحوا لي بالمرور."
وتمتلئ جعبة كل سائق من الثلاثة عشر سائق الآخرين المشاركين في هذا التدريب بحكايات مماثلة، ومنهم عبد الولي البالغ من العمر 37 عامًا وساخي داد البالغ من العمر 60 عامًا. وقد شاركا أثناء المناقشة بتعليق حول التحديات والضغوط التي يفرضها عملهما فقالا: "نخاطر بأرواحنا على نحو متكرر لتقديم إسعافات أولية للجرحى ونُجلِيهم عن أرض المعركة".
قندهار، أفغانستان، 20 آب/ أغسطس 2016. يشاهد السائقون فيديو للدور الذي يؤدون ليتمكنوا من تحديد أفضل الممارسات وتلقي التعليقات من مديري البرنامج التدريبي. CC BY-NC-ND / ICRC / Shamshad Omar
إنقاذ روح واحدة يَعدِل امتلاك الدنيا بأسرها بالنسبة لي
يشارك 60 سائق سيارة أجرة في برنامج مساعدات جرحى الحرب الذي تقدمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنوب أفغانستان. تلقى هؤلاء جميعًا تدريبًا على الإسعافات الأولية ويجمعهم إحساس مشترك بالفخر لإتمامهم المهمة على خير وجه. في معرض حديثه أمام جميع زملاءه في البرنامج التدريبي قال زماريالاي: "إنقاذ روح واحدة يَعدِل امتلاك الدنيا بأسرها بالنسبة لي"