صفحة من الأرشيف: قد تحتوي على معلومات قديمة

أبو بكر : "لا تزال اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقدم أوسع الخدمات الإنسانية في بلادنا..."

25-05-2005 تحقيقات

أبو بكر جمانجا عمل في السابق معلّماً في سيراليون . وبدأ بالعمل مع اللجنة الدولية خلال الحرب كحارس لأحد أماكن الإقامة وهو اليوم موظف اتصال لدى بعثة فريتاون.

غالباً ما تولّد الحروب ظروفاً صعبة ومقيّدة يمكن أن تحوّل حياة الناس إلى حياة رتيبة بائسة لاسيما بالنسبة إلى أولئك المتضررين منها. فإضافة إلى القتل، والنزوح، والانفصال الذي تتعرض له الأسر، وتدمير الممتلكات، تتسبب الحروب للجميع بالجوع والأمراض والبطالة وبعدد لا يحصى من المشقات التي يصعب وصفها. وليست هذه إلا أمثلة قليلة من بؤس لا يمكن للكلمات أن تعبر عنه تعانيه اليوم كثير من العائلات في أفريقيا. كما تعانيه أسرتي أيضاً.

بلدي سيراليون قطعة صغيرة جداً من الأرض وسط منطقة غرب أفريقيا دون الإقليمية، وقعت في شرك حرب بين الحكومة والجبهة المتحدة الثورية السابقة لأكثر من عشر سنوات. وفي العام 1998 كنت معلماً أعيش مع أسرتي في العاصمة فريتاون. وكنت أيضاً الوكيل المسؤول عن مسكن يمتلكه صديق لعائلتي. واستأجرت اللجنة الدولية هذا المكان لموظفيها الأجانب في الفريق الطبي الذين كانوا يديرون مركزاً لجراحة الحرب في مستشفى " نيتلند " .

وحين استأجرت اللجنة الدولية المنزل كان بإمكانها أن تطلب مني مغادرة المبنى لأنني لم أكن موظفاً في اللجنة الدولية، لكنها عرضت عليّ وظيفة حارس. فمقابل حراسة المبنى كنت أضمن مكاناً أقيم فيه مع عائلتي. وهذه المرة الأولى التي كنت أعرف فيها نوعاً من الحماية تمنحها لي هذه المنظمة. فبقاء أسرتي على قيد الحياة ومستقبلها كانا متعلقين ولا يزالان بهذه الوظيفة.

أجبرت سنوات الحرب مئات الآلاف من سكان سيراليون على الهرب من منازلهم والعيش مشردين في أنحاء أخرى من البلاد. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولا تزال أكبر مزوّد للخدمات الإنسانية في بلادنا تقدم الإغاثة والعون للضحايا عبر مساعداتها المادية والطبية وأعمال الحماية كذلك.

  الأمل والمساعدة  

عانى شعبي من الحرب خلال حوالي 11 سنة. وفي خضّم كل الاضطرابات والحزن اليائس ، جاءت اللجنة الدولية لتقدم لنا الأمل الحقيقي وتساعد جميع الضحايا على حد سواء أكانوا منتصرين أم مهزومين. فالتدخل الإنساني للجنة الدولية هو نفسه في كل مكان : تقديم الطعام والماء والخدمات الطبية وزيارة أماكن الاحتجاز والبلدات المتضررة من النزاع من أجل المساعدة على تحسين ظروف عيشها وأمنها على التوالي. وتستجيب اللجنة الدولية للحاجات وتعطي الأولوية لأكثر الحالات إلحاحاً وأهمية.

وإلى جانب المساعدة الشاملة وعمليات الحماية، أظن أن أحدى أهم الإسهامات التي قدمتها المنظمة إلى أفريقيا هو التزامها نشر معرفة القانون الدولي الإنساني. فهي تذّكر أطراف النزاع باحترام الذين لا يشاركون في النزاع (بما في ذلك السكان المدنيين)، وتلفت الانتباه إلى انتهاكات القانون الدولي الإنساني وتشارك في تطويره.

هذا وترى اللجنة الدولية أن تعليم القانون الدولي الإنساني يشكل أفضل الطرق لضمان احترامه. ويفسر هذا النهج جهود المؤسسة في إثارة الوعي بالقانون الدولي الإنساني والعمل على نشره في مختلف أنحاء أفريقيا وفي مختلف أنحاء العالم. إن الأشخاص المحرومين من حريتهم يحظون بحماية مجموعة القواعد نفسها التي قد يتهمون بانتهاكها الأمر الذي يبرز أهمية القانون الدولي الإنساني، وتميزه بعدم التحيز . ومن هنا تستقي اللجنة الدولية جوهر مهمتها.

     

  الوسيط المحايد  

مثلت الحرب في سيراليون ، بحسب رأيي، عالماً مصغراً يبيّن كيف تعرّض موطننا أفريقيا ولا يزال إلى الهلاك والإفساد بسبب النزاعات المسلحة والاضطرابات الداخلية مع هذا العدد الكبير من النزاعات التي تعصف بالقارة. غير أن الجانب المشرق يبرز في اعتراف العديد من اتفاقات سلام بدور اللجنة الدولية كوسيط محايد بين أطراف النزاع.

فقد ساعد ذلك إلى حد هائل في تسهيل الإفراج عن الأشخاص الذين حرموا من حريتهم بس بب النزاعات المسلحة كما ساهم عمل اللجنة الدولية في الحيلولة دون اختفاء الكثير من الأشخاص في أفريقيا. وهذا ما يجعل من اللجنة الدولية بالتأكيد أفضل صديق لأفريقيا كيفما نظر المرء إلى دورها.

لقد وجدت في عملي كحارس مناسبة لإبراز قدراتي وتنميتها. و تطور عملي مع مرور الوقت فأصبحت من كبار موظفي الاتصال. وتعلمت من خلال العمل الإنساني تقنيات الاتصال المتطورة فيما تعززت مهاراتي الطبيعية. فاللجنة الدولية منحتني إمكانية التقدم والتطور وآمل أن يفيد منها كذلك ضحايا الحرب في بلدان أخرى. هذه المؤسسة هي في نظري صديقة كل من يعاني من ويلات الحرب.