أذربيجان: الحرير والعسل والزعفران مزيج يخفف آلام الحياة في زمن كوفيد-19
شرانق حرير، وعسل نحل، وزعفران، وأوراق توت، وجبن محلي الصنع - ألا تبدو قائمة كنوز من بلاد مثيرة؟ تلك القائمة هي الشغل الشاغل للمزارعين في أذربيجان وما يمكنهم من تدبير أمورهم المالية في وقتٍ غيرت فيه جائحة كوفيد-19 كل شيء كان يعتبر يومًا ما "عاديًا".
وتشكل تلك الحياة العادية بالنسبة لسكان المناطق النائية المتضررة من النزاع في أذربيجان صراع من أجل البقاء. فنظرًا لقلة هطول الأمطار ونقص المياه، تكافح العائلات لتدبير احتياجاتها المنزلية الأساسية. كما يمكن أن يكون توفر المياه الكافية لري نباتات الحدائق أو الحقول رفاهية بسبب ندرة المياه. وما يزيد الأمر سوءًا، أن رعي الحيوانات يعد أمرًا محفوفًا بالخاطر بسبب الألغام الأرضية في المنطقة. كما أضافت القيود التي فرضتها السلطات على حرية الحركة منذ تفشي جائحة كوفيد-19، قدرًا كبيرًا من الصعوبة لأولئك الذين يعيشون في مناطق فوزولي وترتر وغورانبوي وغَزاخ. وفي سياق كهذا، يأتي دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) لسد الفجوات حتى تتمكن العائلات من مواصلة كسب العيش مع اتباع معايير التباعد الاجتماعي الضرورية.
زراعة أشجار التوت
وزعت اللجنة الدولية في مقاطعة فوزولي 4,000 كجم من أوراق التوت على عشر أسر من بلدة "الخالني" تنتج شرانق دودة القز. ويقول جهاد نبهان، وهو مشرف على مشاريع اللجنة الدولية المتعلقة بالأمن الاقتصادي في أذربيجان: "في عام 2017، ساعدت اللجنة الدولية في زراعة حقل جماعي من أشجار التوت، وهو متاح لأي منتج لدودة القز في القرية. ويمكن للمزارعين جمع أوراق التوت لتربية ديدان القز. وتشتري الدولة الشرانق من خلال مراكز تجميعها وتُنقل إلى مصنع للحرير في شيكي. وتنتج شرنقة واحدة نحو 300 إلى 900 متر من ألياف الحرير الخام".
تنتج شرنقة واحدة نحو 300 إلى 900 متر من ألياف الحرير الخام.
حصل علييف سيمور، وهو أحد مزارعي بلدة "الخالني"، على صندوقٍ يحتوي على ديدان القز العام الماضي وتمكن من إنتاج 50 كجم من الشرانق أدرت عليه 500 مانات أذربيجاني.
ويقول: "نظرًا لتوفر ما يكفي من أوراق لإطعام ديدان القز، أخذت هذا العام 1.5 صندوقًا وأنتجت 80 كجم من الشرانق. آمل أن أجني 800 مانات أذربيجاني".
شرانق الحرير التي تُعالج لإنتاج ألياف الحرير
تقول غولييفا نسيات، التي تعيش أيضًا في المنطقة، إن مزرعة التوت في القرية شجعتها على التفكير في إنتاج الشرانق. "في العام الماضي، أنتجت شرانق بلغ وزنها 40 كيلوغرامًا، وفي هذا العام أنتجت أكثر من 63 كيلوغرامًا. وهذا سيزيد من دخلي بمقدار 230 مانات أذربيجاني مقارنة بما جنيته في العام الماضي. لقد كان حقل التوت الذي ساعدت اللجنة الدولية في زراعته بمثابة مساعدة كبيرة. حصدت 400 كجم من أوراق التوت أثناء موسم الذروة، وأخطط لزيادة الإنتاج كل عام".
... لا يقلل استخدام الأحواض من استهلاك المياه فحسب، بل يقلل أيضًا من الجهد المطلوب لإزالة الأعشاب الضارة.
اتخذت اللجنة الدولية مؤخرًا ترتيبات لإزالة الأعشاب الضارة من حقل يضم 6,000 شجرة توت وريها من خلال نظام الري بالتنقيط لضمان تقليل هدر المياه. وقال جهاد نبهان: "كمشروع تجريبي، اشترينا 200 حوض خاص وضعت تحت الأشجار لجعل الري بالتنقيط أكثر فعالية. فقد أردنا مقارنة نمو الأشجار مع وجود الأحواض أو بدونها. وما خلصنا له أن استخدام الأحواض يقلل استهلاك المياه، ويقلل الجهد المبذول في إزالة الأعشاب الضارة". وأضاف أن جميع من عملوا في الحقل كانوا حريصين على تطبيق التباعد الاجتماعي واتخاذ التدابير الوقائية من خلال ارتداء الأقنعة والقفازات.
يمكن أن تكون تربية النحل، بالنسبة للمجتمعات التي تعيش في المناطق الجبلية، حلاً عمليًا ومربحًا لأن العسل يدخل في العديد من الأطباق التقليدية في البلاد، كما أن العسل الطبيعي عالي الجودة يباع بأسعار باهظة. ويقول بيكار إبراهيموفا، المسؤول عن مشروع النحل: "لا تتطلب تربية النحل مساحة كبيرة، ولا تتطلب عشبًا أو مياهًا مثلما تتطلب تربية حيوانات المزرعة عادةً. لذلك، قدمنا مجموعات لوازم تربية النحل لمساعدة السكان المحليين. لكن في العام الماضي، فقد مربو النحل الذين يعيشون على طول الحدود مع أرمينيا معظم نحلهم في الشتاء لأن لم يكن لديهم معرفة بشأن كيفية الاستعداد للموسم".
صورة تجمع مربي نحل مع نحله
نظرًا لتعذر إجراء تدريب مباشر في الوقت الحالي، فقد تعاون فريق اللجنة الدولية في أذربيجان مع أحد مربي النحل المحترفين لتصوير دورة تدريبية بشأن كيفية تنظيف خلية النحل وإطعام ملكة النحل وأداء مهام يومية أخرى. ستزود أيضًا المجتمعات المدعومة بأجهزة تابلت لمشاهدة الدورة وسيكون بإمكانها استشارة المدرب من خلال رقم الخط الساخن.
أضاف بيكار: "لقد وفرنا أيضًا ماكينات استخراج العسل لثلاث مجتمعات في منطقتي غَزاخ وغادَباي لمشاركتها بينهم. ونظرًا لصعوبة بيع العسل بسبب الوضع الحالي، فإننا نعمل مع إحدى شركات إيصال المواد الغذائية في باكو لإيجاد حل مناسب".
كما يواجه مزارعو مجتمع يوخاري أغجاكند في مقاطعة غورانيوي تحديات في بيع منتجاتهم من الزبدة والجبن. وقال علي حسين شوكوروف من اللجنة الدولية: "في العادة، يأخذون منتجاتهم إلى السوق المركزية التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة. ولكن في ظل قيود السفر بسبب فيروس كورونا، أصبح من المستحيل المضي في الأعمال التجارية كالمعتاد".
ولسد هذه الفجوة، استعانت اللجنة الدولية بشخص من المجتمع المحلي لشراء الجبن من المزارعين المحليين وإيصاله إلى السوق. يقول علي الحسين: "كإجراء تجريبي، باعت ثلاث أسر 46 كجم من الجبن. والآن يرغب المزيد من المزارعين في الانضمام إلى البرنامج".
زهور الزعفران تستيقظ في الربيع
وفي الوقت ذاته، أضافت زهور الزعفران لمسة من اللون والنكهة إلى حياة العائلات في مناطق فوزولي، وترتر، وغورانبوي وغازاخ. وعلى الرغم من أن الزعفران يعتبر من التوابل القيمة، إلا أنه لا يتطلب الكثير من الماء أو المساحة ويمكن زراعته في الفناء الخلفي.
تقول الماس حسانوفا التي تشرف على مشاريع الزعفران: "هذا ما يجعله حلًا مستدامًا وآمنًا للمناطق المتضررة من النزاع. وقد وزع فريقنا بصيلات الزعفران على المزارعين في المقاطعات الأربع. وبعد الحصاد الأول، أرسلنا منتجاتهم إلى مختبر في ألمانيا لاختبارها حيث تحقق من صلاحيتها ومنحها شهادة بالجودة العالية".
ونظرًا لتحمس موظفي اللجنة الدولية في بعثة أذربيجان لنجاح المشروع، فقد اشتروا بعض المنتجات وقدموها هدايا بمناسبة العام الجديد.