باسمة لاجئة سورية سجلت في برنامجنا لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. تصوير: محمد الحياني – جريدة الراي

الأردن: عندما يصبح الفن خلاصًا

الفن تمثيل للحياة نفسها، فهو يعكس مشاعر الفنان وانفعالاته وأفكاره. ولطالما كان الفن بالنسبة إلى باسمة شغفها وملجأها، لكن بعد لجوئها إلى الأردن عام 2012، أصبح الفن مصدر دخل لها ولأسرتها.
مقال 03 تشرين الأول/أكتوبر 2021 الأردن

باسمة البيطار أم لطفلين تبلغ من العمر 47 عامًا درست الفن في سورية. وعلى الرغم من صعوبة اكتشاف هويتها الفنية عندما بدأت دراستها الجامعية، إلا أن الوقت والخبرة كانا أكثر من كافيين لإطلاق العنان لإمكاناتها.

مع مرور الوقت، اكتشفت باسمة إمكانية التعبير عن شغفها بأكثر من طريقة، وبينما كانت تحلم بأن تشق طريقها المهني في هذا المجال، أدى زواجها وأطفالها لانشغالها وابتعادها عن تحقيق هذا الحلم.

بعد اندلاع النزاع المسلح في سورية في عام 2011، غادرت باسمة في عام 2012 موطنها وذهب أطفالها مع والدهم إلى بلد آخر. عاشت باسمة معاناةً مزودجة؛ من جهة، كانت باسمة لاجئةً تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة وتلبية احتياجاتها الأساسية، ومن جهةٍ أخرى، كانت أمًّا أكثر ما يقلقها هو لم شمل أطفالها الذين كانوا مع زوجها السابق.

وبعد أيام وليال طوال، تمكنت من استعادة ابنها وابنتها الصغيرين بين ذراعيها لبدء فصل جديد من حياتها.

وفيما كانت تتأمل التجربة التي مرّت بها، قالت: "الأردن كان ملاذي الآمن، وكان الفن دائمًا خلاصي".

باسمة وهي تلون في منزلها. تصوير: محمد الحياني – جريدة الراي

قررت باسمة أن تبني مسيرتها الفنية الضائعة منذ فترة طويلة، حيث كانت تعيش في مأدبا، وهي مدينة أردنية اشتهرت منذ القدم باسم مدينة الفسيفساء. وفي الواقع، عززت هذه المدينة مواهبها وأصبحت مصدر إلهامها لبدء العمل بالفسيفساء (وهي قطع عادية أو غير منتظمة من الحجر الملون تستخدم لإنشاء نمط أو تصميم معين).

بعد ذلك، بدأت في صنع الصابون في منزلها ومن مكونات متوفرة في المنزل. كان الصابون الذي تصنعه جيدًا ومناسبًا للجسم والبشرة. بالإضافة إلى ذلك، قامت بإعادة تدوير الورق إلى أعمال فنية وتصميم صناديق خشبية. ومن الأموال التي جمعتها، اشترت المواد والألوان واستخدمتها لبدء مسيرتها الفنية.

مترجمةً أفكارها لألوان ومعبرةً عن رؤيتها للعالم بالنقاط والخطوط، تمكنت باسمة من فتح مشروعها الخاص ومنحتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر منحة نقدية كجزء من برنامج المبادرات الاقتصادية الصغيرة.

حيث قالت: "يمكنني الآن التعبير عن أفكاري من خلال الرسومات والألوان وتصميم الفساتين. وبفضل دعم اللجنة الدولية يمكنني توفير حياة كريمة لطفليّ من خلال العمل في المجال الذي أحبه في الوقت ذاته".

بعد حصولها على المنحة، وسّعت باسمة أعمالها، وإلى جانب صنع الصابون والأعمال الفنية، بدأت العمل في تصميم الملابس والرسم عليها بمادة خاصة جدًا اكتشفتها بعد تفكير عميق وبحث موسع.

أعادت تلوين حياتها من لوحاتها وتصميماتها وتمكنت من تحويل الحزن إلى فساتين من فرح. "أحب الفن بكل معنى الكلمة؛ أعاد لي الفن هذا الحب على شكل حياة كريمة وإنسانية ومناسبة لي ولأولادي."

أما عن آمالها وأحلامها قالت باسمة إنها تريد تدريب الناس وتعليمهم كيفية صنع الصابون ورسم اللوحات. إنها طريقة جيدة لمشاركة ما يمنحك السعادة، وقد أشارت بوضوح إلى أنها من خلال قيامها بذلك، ستشعر بالرضا في رد جزء مما جعلها تشعر بالقناعة والسعادة حتى الآن.