الأطفال والحرب: تأثير التلوّث بالأسلحة في العراق

الأطفال والحرب: تأثير التلوّث بالأسلحة في العراق

الأطفال الصغار معرضون بشكل خاص لمخاطر المخلفات الحربية. إذ تسببت الذخائر المنفجرة بوفاة وإصابة قرابة 519 طفلاً في العراق بين عامي 2017-2022 (وفقًا لليونيسيف).
مقال 04 نيسان/أبريل 2024 العراق

 ومن هؤلاء الأطفال كان شجاع وفاضل، وهما صبيان صغيران من بغداد، يلعبان ببراءة بالقرب من منزلهما عندما حدثت المأساة. فأثناء التخلص من القمامة في قطعة أرض فارغة، انفجرت عليهما إحدى المخلفات الحربية، مما أدى إلى إصابتهما. وبينما شفيت جروح شجاع بسرعة، بدأ فاضل رحلة طويلة من التعافي بسبب الإصابة البليغة التي لحقت بساقيه.

شجاع وفاضل | بغداد، العراق
شجاع وفاضل | بغداد، العراق © ICRC

وتوجُّهًا إلى الشمال، وبالتحديد في محافظة نينوى التي دمرتها الحرب، تغيّرت حياة سندس إلى الأبد خلال سنوات النزاع المسلّح المضطربة بين عامي 2014 و2017. وأثناء محاولتها الفرار إلى بر الأمان مع عائلتها، دهست على لغمٍ من دون أن تدري، وفقدت ساقيها في الانفجار الذي حصل عندئذ.

سندس | نينوى، العراق
سندس | نينوى، العراق © ICRC

وفي الديوانية، واجه حسين، وهو طالب شاب، مصيرًا مماثلًا. فأثناء عودته من المدرسة إلى المنزل ، كان يلعب بالصدفة بالقرب من مخلفات حربية انفجرت عليه. لقد كلّفه الانفجار ساقه اليمنى وعدة أصابع في يده. وعلى الرغم من الشدائد، تألّق صمود حسين عندما شرع في طريق التعافي وسعى لتحقيق أحلامه بدعم من عائلته.

حسين | الديوانية، العراق
حسين | الديوانية، العراق © ICRC

­تركّز اللجنة الدولية للصليب الأحمر على حماية الأطفال والحد من المخاطر التي يتعرضون لها. ومن خلال تقديم الدعم والخبرة، تساعد اللجنة الدولية المجتمعات المحلية على تهيئة بيئات أكثر أمانًا للأطفال من خلال دورات التوعية بخطر المتفجرات والألغام والمخلفات الحربية في المدارس في جميع أنحاء العراق.

تسلّط هذه القصص الضوء على التأثير الطويل لمخلفات الحرب القابلة للانفجار على المجتمعات في جميع أنحاء العراق. ولكونه أحد أكثر البلدان تلوثًا بالمخلفات الحربية في العالم، يواجه العراق إرثًا مستمرًا من الصراعات الماضية، بما في ذلك الألغام الأرضية والذخائر العنقودية. وتقف البصرة، على وجه الخصوص، بمثابة تذكير صارخ بهذا الواقع، حيث يبلغ معدل التلوث فيها 1,200 كيلومتر مربع (بحسب إحصائيات دائرة شؤون الألغام بحلول عام 2024)، مما يجعلها واحدة من أكثر المدن تلوثًا على مستوى العالم.

وتلعب اللجنة الدولية دورًا حيويًا في معالجة هذه الأزمة، إذ تقدم الدعم الأساسي للمتضررين من مخلفات الحرب. ومن خلال المساعدات المالية وحملات التوعية وخدمات إعادة التأهيل البدني، توفر اللجنة الدولية الأمل لأولئك الذين يتعاملون مع الإصابات المرتبطة بالنزاع.

ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، وبالأخص للملايين من النازحين داخليًا والعائدين إذ يشكّل وجود مخلفات الحرب القابلة للانفجار تهديدًا مستمرًا لسلامتهم، مما يعيق الوصول إلى الخدمات الأساسية ويعيق عملية إعادة بناء منازلهم ومجتمعاتهم.

وبينما يمضي العراق في رحلته نحو التعافي، فإن قصصًا مثل قصص شجاع وفاضل وسندس وحسين تُلهِم الأمل. فعلى الرغم من مواجهة الشدائد، إلا أنهم يظهرون العزيمة والتصميم على إعادة بناء حياتهم.

وتواصل اللجنة الدولية الدعوة إلى سياسات تعطي الأولوية لسلامة المدنيين. ومن خلال التعاون والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية وتقديم الدعم، تهدف اللجنة الدولية إلى خلق مستقبل تستطيع فيه المجتمعات المحلية العيش من دون خوف من المخلفات الحربية.