ماذا يَرِد في القانون بشأن مسؤوليات القوّة المحتلّة في الأرض الفلسطينية المحتلّة؟
الاسم الرسمي للبعثة هو "بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة". وتشمل "الأراضي المحتلة" المُشار إليها الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة ومرتفعات الجولان ومزارع شبعا. تستخدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أحياناً مصطلح "الأرض الفلسطينية المحتلة" للإشارة إلى الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، و/أو غزة على وجه التحديد. ويستند هذا الاستخدام إلى توحيد المصطلح الذي تبنّته الأمم المتحدة بعد الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
الاحتلال
تُعتبرأرض الدولة محتلة حين تكون تحت سلطة جيش العدو. في أعقاب النزاع المسلح الدولي بين إسرائيل والدول المجاورة لها عام 1967، بدأت القوات المسلحة الإسرائيلية بممارسة سلطتها على مناطق وسكان جدد. وبالتالي، تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) تلك الأراضي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، مؤكدةً انطباق قانون الاحتلال بحكم القانون (قواعد لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949).
تعتمد المحكمة العليا في إسرائيل في الأساس على قانون الاحتلال في أحكامها القضائية. أما بالنسبة لدولة إسرائيل، فهي تقبل انطباق قواعد لاهاي بحكم القانون وانطباق اتفاقية جنيف الرابعة بحكم الواقع، والتي تمثل الصكوك الرئيسية المنظمة لقانون الاحتلال.
المبادئ العامة لقانون الاحتلال
على الرغم من أنّ قوانين الاحتلال واردة في العديد من صكوك القانون الدولي الإنساني ومصادره التشريعية، فإنّ قواعد قانون الاحتلال تشترك عموماً في استنادها إلى نفس المنطق، والذي يقوم على أربعة مبادئ أساسية وعامة:
أولاً، تعكس قواعد قانون الاحتلال المبدأ القائل بأن القوة المحتلة لا تكتسب حقوقاً سيادية على الأرض المحتلة. وبالتالي، لا يمكنها أن تُحدث تغييرات في وضع الأرض المحتلة وسماتها الجوهرية.
ثانياً، تعكس قواعد قانون الاحتلال المبدأ القائل بأن الاحتلال وضع مؤقت. وفي هذا الصدد، يجب على القوة المحتلة الحفاظ على الوضع القائم وعدم تبنّي سياسات أو تدابير من شأنها أن تؤدي إلى تغييرات دائمة، لا سيما في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية. ونتيجةً لذلك، فإن حقوق وواجبات القوة المحتلة المنصوص عليها في قانون الاحتلال هي أيضاً حقوق وواجبات مؤقتة، فهي تقتصر على مدة الاحتلال. وتتطلب هذه القواعد بشكل أساسي من القوة المحتلة - خلال الفترة المؤقتة للاحتلال - الحفاظ على حياة طبيعية قدر الإمكان في الأرض المحتلة وإدارة الأرض المحتلة لصالح السكان المحليين، مع مراعاة احتياجاتها الأمنية الخاصة.
ثالثاً، تتطلب قواعد قانون الاحتلال التي تحكم ممارسة القوة المحتلة للسلطات أن تأخذ في الحسبان وتوازن دائماً بين مصلحتين: احتياجاتها العسكرية الخاصة، واحتياجات السكان المحليين في ذات الوقت. يجب أن تعكس القوة المحتلة هذا التوازن في الطريقة التي تدير بها أرضاً محتلة وبشكل أعم في جميع الإجراءات التي تتخذها والسياسات التي تنفذها في تلك الأرض. والأهم من ذلك، أنه في حين قد يتم تحديد هذا التوازن أحياناً لصالح الاحتياجات الأمنية للقوة المحتلة، فإن قواعد قانون الاحتلال لا تسمح أبداً للقوة المحتلة بالتجاهل التام لاحتياجات السكان المحليين في الإجراءات التي تتخذها.
رابعاً، يمكن القول عموماً عن قواعد قانون الاحتلال أنها لا تسمح للقوة المحتلة بممارسة سلطتها من أجل تعزيز مصالحها الخاصة (بخلاف مصالحها العسكرية)، أو بهدف استخدام السكان أو الموارد أو الأصول الأخرى للأرض التي تحتلها لصالح أراضيها أو سكانها.
ينبغي الأخذ بهذه المبادئ العامة الأربعة بصدد جميع الأمور المتعلقة بقانون الاحتلال، إذ تدعم الأحكام الرئيسية لهذا القانون.
المستوطنات والتوسع الاستيطاني
يتلخّص الموقف الرسمي للجنة الدولية باعتبار الضفة الغربية مُحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967. ونتيجةً لذلك، صرحت اللجنة الدولية مراراً وتكراراً أن سياسة المستوطنات الإسرائيلية تتعارض مع الأحكام الرئيسية للقانون الدولي الإنساني، وتحديداً قانون الاحتلال، وتتنافى مع جوهره ومقصده. وتحظر اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على القوة المحتلة نقل سكانها إلى الأراضي الواقعة تحت احتلالها. وبالتالي، فإن سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية تتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة. إنّ التوسع الاستيطاني - سواء كان ذلك من خلال التوسع الرسمي للمستوطنات القائمة أو من خلال الانتشار غير المقيّد إلى حد كبير للبؤر الاستيطانية غير المصرّح بها - هو المصدر الرئيسي للمخاوف القانونية والإنسانية في الضفة الغربية. وبوجودها المستمر في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عقودٍ من الزمن، كانت اللجنة الدولية شاهداً على تأثير المستوطنات، إذ أنها تقيّد حرية الحركة لدى الفلسطينيين وتؤثّر على النسيج الاجتماعي والاقتصادي لمجتمعات بأكملها. كذلك يمكنها تقييد وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية أو الموارد الطبيعية أو الخدمات الطبية. وهي تساهم أيضاً في اندلاع العنف بين المستوطنين الإسرائيليين والمجتمعات الفلسطينية.
تدمير الممتلكات الخاصة من قبل القوة المحتلة
بشكل عام، يُحظر تدمير الممتلكات الخاصة من قبل القوة المحتلة إلا في ظل ظروف معينة. وهذا يشمل عندما يكون ذلك ضرورياً للغاية للعمليات العسكرية، أو عندما تُمليه سياسات التخطيط التي ينبغي أن تكون في مصلحة السكان المُحتلّين.
تتناول اللجنة الدولية حالات تدمير الممتلكات كل حالة على حدة وبشكل غير علني. ويتطلب القانون الدولي الإنساني أن تدير القوة المحتلة الأرض المحتلة بطريقة تسمح بالنمو الطبيعي لمجتمعاتها. وينبغي السماح للفلسطينيين بالبناء على أراضيهم. كما تبذل اللجنة الدولية كلّ ما في وسعها لمساعدة السكان الواقعين تحت الاحتلال عند الحاجة. فعلى سبيل المثال، تقدّم اللجنة الدولية الإغاثة الطارئة للأشخاص الذين هُدمت منازلهم بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
استخدام القوة
يجب تقييم استخدام القوة أثناء عمليات إنفاذ القانون في كل مرة على أساس فردي، كما يجب احترام المعايير القانونية لمبادئ الضرورة والتناسب والاحتياط لتجنب الخسائر في الأرواح ومنع المزيد من تصعيد العنف. ولا يمكن استخدام القوة المميتة إلا كملاذ أخير وفقط عندما يكون هناك تهديد وشيك للحياة.
غزة والاحتلال
تعتبر اللجنة الدولية أنّ قطاع غزة ما يزال أرضاً محتلة على أساس أنّ إسرائيل ما تزال تمارس عناصر رئيسية من السلطة على القطاع، بما في ذلك حدوده (المجال الجوي والبحري والبرّي - باستثناء الحدود مع مصر). وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تعد تحتفظ بوجود دائم داخل قطاع غزة، إلا أنها ما تزال مُلزمة ببعض الالتزامات بموجب قانون الاحتلال التي تتناسب مع درجة سيطرتها على القطاع. وفي هذا الصدد، يستوجب القانون الدولي الإنساني من إسرائيل أن تضمن، بأقصى ما تسمح به الوسائل المتاحة لها، تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان غزة. وعلى وجه الخصوص، يجب عليها ضمان تزويد غزة بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية والسلع الأساسية الأخرى اللازمة للسماح للسكان بالعيش ضمن ظروف مادية مناسبة (المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة). وبصفتها قوة محتلة، يحق لإسرائيل أن تتخذ إزاء الأشخاص المحميين تدابير المراقبة أو الأمن (المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة). في هذا الصدد، وبينما يحق لإسرائيل فرض قيود على تدفق بضائع معيّنة إلى غزة لأسباب أمنية مشروعة، فإن التزامها غير المشروط بالمعاملة الإنسانية تجاه سكان غزة يتطلب منها احترام مبدأ التناسب في جميع الظروف. لا بدّ أن تكون طبيعة القيود ومداها مبررين على أساس الاعتبارات الأمنية، كذلك يجب أن تكون العواقب المترتبة على السكان متناسبة مع الهدف المشروع المتمثل في ضمان أمن إسرائيل.
الاعتقال والإضراب عن الطعام
يزور مندوبو اللجنة الدولية المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ أكثر من 55 عاماً. وقد كان وما يزال في طليعة أولوياتنا منذ عقود ضمان توفير الظروف الإنسانية للمعتقلين وتلقّيهم معاملة إنسانية. يُخبرنا المعتقلون وعائلاتهم باستمرار أنّ عملنا ضروري ويُحدث فرقاً إيجابياً في حياتهم. تعمل اللجنة الدولية أيضاً على الحفاظ على الروابط العائلية من خلال برنامج الزيارات العائلية الذي يمكّن الفلسطينيين من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة من زيارة أفراد عائلاتهم المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
تحترم اللجنة الدولية حق المعتقلين في الإضراب عن الطعام وتسعى إلى ضمان احترام حقوقهم وصون كرامتهم والحفاظ على سلامتهم الجسدية بصفتهم مرضى، وتلقّيهم معاملة إنسانية واحتجازهم في ظروف متوافقة مع المعايير الدولية. وتذكّر اللجنة الدولية السلطات بأهمية الزيارات العائلية. ويبقى مندوبو اللجنة الدولية على اتصال بالعائلات طوال فترة الإضراب عن الطعام لضمان إطلاعهم على حالة أحبائهم المضربين عن الطعام.